‘“جندي مقتول أفضل من أسير”.. إسرائيل تلغي “برتوكول هنيبعل”’

24 أغسطس، 2016

 

محمد جمال –

عام 1986 دشن الجيش الإسرائيلي ما يسمي (بروتوكول هنيبعل”، الذي يقوم على فكرة “جندي مقتول أفضل من أسير”، ويعني إعطاء جنود الاحتلال الحق في قتل زملاءهم وإطلاق النار عليهم، لمنع سقوطهم أسرى في يد حركة المقاومة الاسلامية حماس، بعدما اضطروا لتبادل مئات الاسري الفلسطينيين مقابل كل جندي صهيوني اسير.

وقد جري تطبيق هذا البروتوكول في حروب تل ابيب ضد غزة، وشوهد مقاومون فلسطينيون يحملون أسري صهاينة ثم يجري استهدافهم بالطائرات وقتلهم مع الجندي الاسير، وتكرر الامر أثناء محاولة اختطاف الضابط هدار غولدين في قطاع غزة في عدوان 2014، وجري إطلاق النار عليه، لهذا لا تعترف اسرائيل بأنه أسير وتزعم أنه جثة لدي حماس.

وقد أثارت اعترافات جنود الاحتلال بإطلاق النار على زميلهم الضابط الإسرائيلي هدار غولدين الذي جرت محاولة لأسره من قبل مقاتلي المقاومة الفلسطينية، وغيره من جنود الاحتلال، جدالا كبيرا في الدولة الصهيونية دفعت رئيس الأركان “غادي أيزنكوت” لإصدار أوامر بإلغاء بروتوكول هنيبعل وسن طريقة جديدة للتعامل مع جنودهم لمنع وقوعهم في الاسر.

ما هو إجراء هنيبعل؟

عندما نجحت حماس في خطف الجندي الاسرائيلي جلعاد شاليط، في حرب 2008، قالت صحيفة “معاريف” العبرية أن الجنرال احتياط غيورا آيلاند، الذي ترأّس لجنة التحقيق في عملية خطفه أكد أنه “كان هناك قصورا في تنفيذ إجراء هنيبعل عندما اختطف شاليط، وأن الجنود انتظروا ساعة كاملة منذ لحظة إصابة دبابة شاليط وحتى صدور الأمر بتنفيذ هذا الإجراء”، ما اعطي الفرصة لحماس لخطفه عبر نفق.

و”إجراء هنيبعل” هو إجراء سري متبع في الجيش الإسرائيلي، في الحالات التي لا يمكن فيها إنقاذ جندي وتخليصه من محاولة اختطاف وأسر، إذ يقضي الإجراء باستخدام أقصى ما يمكن من كثافة النيران لقطع طرق الفرار أمام الخاطفين وإفشال محاولة الاختطاف، حتى لو أدى الأمر إلى قتل الجندي نفسه، لأنْ “جنديا مقتولا أفضل من جندي مخطوف”، كما يقول الشعار المتداول في إسرائيل في هذا الشأن.

وكان هذا “الإجراء” تم الكشف عنه في أعقاب عملية تبادل الأسرى بين إسرائيل والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين (القيادة العامة)، في مايو 1985 وتم في إطارها تحرير 1150 أسيرا فلسطينيا مقابل جثث ثلاثة جنود إسرائيليين كانوا وقعوا في الأسر في لبنان.

ففي أعقاب ذلك، وفي العام 1986 تحديدا، قام ثلاثة من كبار الضباط في قيادة المنطقة العسكرية الشمالية في إسرائيل (هم: يوسي بيلد، يعقوب عميدرور وغابي أشكنازي) بوضع هذا الإجراء كوسيلة للحد من عمليات أسر الجنود، ورغم محاولات الرقابة العسكرية إخفاء هذا الأمر العسكري، إلا أن الجدل دار حوله ومدى أخلاقيته وقانونيته.

وقد أطلق على هذا الإجراء العسكري هذا الاسم “”هنيبعل” (أو: حنيبعل / حنبعل / هانيبال) على اسم القائد العسكري القرطاجي، الذي يُنسَب إليه اختراع العديد من التكتيكات الحربية في المعارك، والذي اشتهر بأنه فضّل قتل نفسه بتجرّع السمّ على أن يُسَلّم نفسه للرومان ويقع أسيراً في قبضتهم.

أطلقوا النار على أنفسهم 6 مرات

وبحسب الصحافة الإسرائيلية فقد أطلق جنود الاحتلال النار على أنفسهم وعلى زملاءهم لقتلهم لمنعهم من الوقوع في الاسر 6 مرات على النحو التالي:

  1. عملية خطف الجنود الإسرائيليين الثلاثة من جانب حزب الله في منطقة جبل روس في مزارع شبعا في تشرين الأول 2000، حيث حاول الجيش الإسرائيلي إعاقة حركة الخاطفين بوابل من نيران المدفعية والراجمات، وقصف الطائرات الحربية.
  2. في أعقاب اختطاف الجندي جلعاد شاليط في قطاع غزة في حزيران 2006، بعد نحو ساعة كاملة من عملية الاختطاف.
  3. عملية خطف الجنديين الإسرائيليين في يونيه 2006 من جانب “حزب الله”.
  4. خلال عدوان “الرصاص المصبوب” على قطاع غزة في العام 2008، إذ تم قصف منزل في غزة كان فيه جندي إسرائيلي مصاب.
  5. خلال العدوان الأخير على غزة، وتحديدا يوم 20 يونية 2014، لدى اختطاف الجندي أورون شاؤول، وهو الإجراء الذي ارتكب جيش الاحتلال من خلاله ذلك اليوم مجزرة الشجاعية في قلب غزة.
  6. خلال العدوان الأخير على غزة، وتحديدا في الأول من أغسطس 2014 لدى محاولة اختطاف الضابط هدار غولدين.

وبسبب استخدام هذا الإجراء في قطاع غزة قتل الاحتلال الصهيوني ما يزيد عن 130 مواطنا فلسطينيا في القطاع، طبقا للمصادر الطبية الفلسطينية هناك، إذ تعمد الجيش الإسرائيلي استخدام أقصى ما أمكنه من كثافة النيران، “من جميع الأنواع والمصادر ومن جميع الاتجاهات، لتدمير كل شيء في المنطقة التي جرت فيها محاولة الاختطاف وعزلها بالكامل بما يسدّ جميع الطرق والمنافذ المؤدية منها وإليها، كي لا يتمكن الخاطفون من نقل أو تهريب إنسان”، وفق ما صرح به “ضابط كبير” لصحيفة “هآرتس”.

لم يمنع خطف الجنود فتم الغاؤه

وجاء اصدار رئيس الأركان الصهيوني غادي أيزنكوت الأمر بإلغاء بروتوكول هنيبعل أمس الثلاثاء، وأمر بصياغة بروتوكول جديد، ليظهر فشل هذا البروتوكول في منع اسر جنود صهاينة، وعلى العكس زاد من خسائر الجيش الصهيوني بينما كان يمكن انقاذهم.

وعلى الرغم من ان البروتوكول لا يسمح بقتل الجندي المخطوف بهدف منع خطفه، فإن الكثير من الضباط والجنود يفسرون ذلك بأنه مجرد كلام، ففي منتديات عسكرية كثيرة جرت في السنوات الأخيرة قال الكثير من قادة الوحدات والكتائب إنه في نظرهم من الأفضل قتل جندي من جنودهم على خطفه، لمنع حزب الله أو “حماس”، من تحقيق انجاز يفرض إجراء مفاوضات طويلة يقدم بموجبها الاحتلال تنازلات.

ويقول المؤلف الرئيسي لـ “ميثاق أخلاقيات الجيش الإسرائيلي”: “لقد أُسيء تفسير بروتوكول هنيبعل، والتطبيق الخاطئ لتوجيهاته قد يكون على الأرجح السبب الذي أدّى إلى مقتل جندي إسرائيلي في غزة خلال حرب الصيف الفائت”.

ووصف البروفسور “آسا كاشر” قناعة الجنود الإسرائيليين، بأن “جندي ميت أفضل من جندي أسير”، بأنها “فضيحة”.

 

24 أغسطس، 2016