الانتخابات الفلسطينية: عقبات وخلافات وورقة جديدة لتقسيم الوطن


كلما شعر الفلسطينيين بأن باب المصالحة الداخلية وتحقيق الوحدة الوطنية التي غابت عنهم لسنوات طويلة، سيفُتح مجدداً، تأتي الخلافات الداخلية بين حركتي “فتح وحماس” مسرعةً لتفسد ذلك الشعور، وتحاول فتح صفحة سوداء جديدة من كتاب الانقسام الذي دخل عمره العاشر على التوالي.

صفحة الانقسام الجديدة، كان عنوانها العريض والأول هو “الانتخابات المحلية”، بعد إقرار الحكومة الفلسطينية برئاسة الدكتور رامي الحمد الله، بأن الثامن من شهر أكتوبر المقبل، هو موعد إجراء الانتخابات في ظل الخلافات الكبيرة مع حركة “حماس”، وترجيحات بعدم إقامة الانتخابات في قطاع غزة.

في ظل الخلافات القائمة بين حركتي “فتح وحماس”، اوعز الرئيس عباس للحكومة بإجراء الانتخابات، في خطوة رأى الكثير من السياسيين والمراقبين بانها تعمق الانقسام الداخلي، ومحاولة جديدة لفصل قطاع غزة عن باقي الوطن.

تعميق الانقسام والفشل أقرب

وبحسب مصادر مطلعة كشفت لـ” نون بوست” في غزة، أن الحكومة الفلسطينية لم تنسق مع حركة “حماس” التي تسيطر فعلياً على قطاع غزة، قبل اتخاذها القرار القاضي بإجراء الانتخابات البلدية في 414 هيئة محلية.

وتوقعت، أن تمنع حركة “حماس” إجراء الانتخابات المحلية في قطاع غزة، بسبب الخلافات الكبيرة والقائمة مع حركة “فتح” والرئيس محمود عباس.

أحد مسئولي حرك “حماس”، أشار إلى أن عملية إجراء الانتخابات تحتاج إلى الكثير من الترتيبات، وأنها ليست فقط مرتبطة بإعلان لجنة الانتخابات استعدادها للإشراف أو تنظيم العملية، مشيرا إلى أن الأمر يحتاج للاتفاق على فرق تأمين الانتخابات، وكذلك الموظفين الذين سيشرفون على تنظيمها ومتابعتها وفرز النتائج، خاصة وأنه أشار إلى أن طواقم الموظفين في لجنة الانتخابات لا تكفي لهذا الغرض.

ومن بين ما يمكن أن يواجه عملية الانتخابات هو عدم الاتفاق بين الطرفين بصفة حماس ذات النفوذ القوي في قطاع غزة، وتتحكم بالأمن، هو الاتفاق على الموظفين الحكوميين المختصين بمهام الإشراف والفرز، حيث بالعادة تناط العملية بالعاملين في قطاع التعليم كما المرات السابقة، خاصة وأن الحكومة لا تعترف بالموظفين الذين عينتهم حماس بعد سيطرتها على قطاع غزة، وتعترف بالموظفين الذين كانوا يعملون قبل تاريخ السيطرة، في المقابل ترفض حركة حماس تخطي هؤلاء الموظفين في أي ترتيب قادم.

ملفات عالقة

كما يعد ملف تأمين الانتخابات أمنيا من أبرز الملفات، إضافة إلى الخشية من التدخلات السياسية من كلا الطرفين (فتح وحماس) في مناطق الضفة الغربية وقطاع غزة، وهو ملف لم يحل بعد في ظل عدم قدرة الحركتين على إنهاء الخلافات السياسية بينهما واستمرار حالة الانقسام، التي تنص على إجراء الانتخابات العامة الرئاسية والبرلمانية بعد تشكيل حكومة وحدة جديدة..

وكانت الحكومة الفلسطينية، أعلنت الثلاثاء الماضي، أن الثامن من أكتوبر المقبل، سيكون موعدا لإجراء الانتخابات المحلية في الأراضي الفلسطينية، ويذكر أن لحركة فتح قوة ونفوذا قويا في مناطق الضفة الغربية، في المقابل تتمتع حركة حماس بنفوذ في قطاع غزة.

وسبق أن قاطعت حماس الانتخابات البلدية السابقة عام 2012، عقب الانقسام في مدن وبلدات الضفة الغربية، التي شاركت فيها فصائل منظمة التحرير الفلسطينية، وحققت حركة فتح فوزا في غالبيتها، فيما تعود آخر انتخابات بلدية أجريت بمشاركة الطرفين إلى عام 2005، حين حققت قوائم حماس فوزا في الكثير من البلديات والمجالس المحلية.

وهذه الانتخابات حال أجريت بالتوافق بين فتح وحماس في الضفة الغربية وقطاع غزة، من الممكن أن تكون مقياسا حقيقيا لقوة الحركتين في الشارع، خاصة في ظل تعذر إجراء الانتخابات البرلمانية، التي أجريت آخر مرة في عام 2006، ووقتها فازت فيها حماس. إلى ذلك قال وزير الحكم المحلي حسين الأعرج إن قرار الحكومة إجراء الانتخابات المحلية في الثامن من أكتوبر/تشرين الأول المقبل، سيخلق تجديدا وضخ دماء جديدة في إدارة 414 هيئة محلية، منها 142 مجلسا بلديا، و272 مجلسا قرويا.

الخوف من ورقة الانتخابات

يوسف رزقة القيادي في حركة “حماس”، والمستشار السياسي السابق لإسماعيل هنية نائب رئيس المكتب السياسي للحركة، قال إن هناك فرص جيدة لإجراء الانتخابات كافة وليس البلدية فقط في ظل وقوف القضية الفلسطينية على مفترق طرق.

وتحدث رزقة، بأن حكومة الحمد الله أصدرت قرار وزاريا بإجراء الانتخابات البلدية في الثامن من تشرين الثاني ، في إدارة 414 هيئة محلية، منها 142 مجلس بلدي، و272 مجلس قروي، مضيفاً هذا الرقم يتضمن مجالس الضفة وغزة معاً، غير أن حكومة الحمد الله لم تجر أدنى تفاهمات مع حماس في غزة، والأمر فيما أحسب يحتاج إلى تفاهمات وتوافقات مع حماس على وجه الخصوص، ومع الفصائل الأخرى على وجه العموم”.

رزقة نوه إلى أن جلّ الفصائل الفلسطينية المنخرطة في منظمة التحرير رحبت بقرار الانتخابات المحلية، وبالموعد المذكور، وبإجرائها في الضفة وغزة، وأغلب هذه الفصائل طالبت بضمانات النزاهة والشفافية، بما يحفظ حقوق الكتل والأفراد، بشكل حرّ وعادل، بعيدا عن سطوة الأجهزة الأمنية وتدخلاتها المشينة عادة.

حركة فتح، بدورها دعت حماس إلى الإعلان الفوري عن القبول بإجراء انتخابات محلية والالتزام بقرار حكومة التوافق الوطني الذي أصدرته خلال اجتماعها الأخير في رام الله، وطالب فيصل أبو شهلا عضو الهيئة القيادية العليا لحركة فتح في قطاع غزة، حماس بعدم تعطيل إجراء الانتخابات في قطاع غزة، مؤكداً أن استمرار الوضع على ما هو عليه غير مقبول وسيعزز الانقسام.

وأشار أبو شهلا إلى أن “رفض الانتخابات يحمل مدلولا سلبيا ويظهر ضعف التفكير الديمقراطي لأي جهةٍ ترفض إجراء الانتخابات”، منوهاً إلى ضرورة أن تلتزم حركة حماس بإجراء الانتخابات وتطبيق العملية الديمقراطية ليقول المواطن الفلسطيني كلمته.

وأكد أن إجراء الانتخابات مهمة من مهام حكومة التوافق الوطني ويجب أن تشمل كافة محافظات الوطن على حد سواء في الضفة الغربية وقطاع غزة، معتبراً أن الانتخابات تعطي للمواطن الفلسطيني أن يقول كلمته عبر صناديق الاقتراع.

من جانبه رأى أستاذ الإعلام في جامعة بيرزيت نشأت الأقطش أن “حركة فتح تخشى الخسارة وحماس تخاف الفوز”، مضيفا أن فتح تبدو غير جاهزة وممزقة على نحو يجعل فوزها مستحيلا رغم شعبيتها، متوقعا أن تخوض فتح الانتخابات بثلاث قوائم “متناحرة” على أقل تقدير.

كما توقع الأقطش فوز حماس، لكنه رأى أنها تخشى ما يجلبه هذا الفوز من متاعب، وخلص إلى القول إنه ليست هناك قوى أخرى قريبة من الفوز بهذه الانتخابات فيما لو تمت بالفعل.