في القدس.. 82% يعيشون تحت خط الفقر


في المجتمع المقدسي الذي يضم أكثر من 300 ألف فلسطيني، يعيش 82% منهم تحت خط الفقر، ارتفاع صادم كشف عنه التقرير الأخير الذي نشره مركز أبحاث للدراسات الإسرائيلية عن دائرة الإحصاء المركزية.

وتأتي هذه النسبة خاصة بشرقيّ القدس عام 2014، فيما أوضح التقرير أن نسبة الذين يعيشون تحت خط الفقر في عموم القدس المحتلة 49%، ويعتبر الارتفاع صادماً نسبة لعام 2006 الذي وقفت فيه النسبة عند 66%.

على مدار السنين عُرف شرقيّ القدس ومجتمعه بكونه أكثر المجتمعات فقراً في المناطق الواقعة تحت سيطرة الاحتلال الإسرائيلي، إلا أن العقد الأخير كان هدّاماً بشكل ملحوظ، إذ ترافق التراجع الاقتصادي مع ازدياد المسائل السياسية تعقيداً، وتشديد قبضة الاحتلال على كافة موارد التنمية في شرقيّ القدس.

ويعود تدهور الوضع الاقتصادي في العقد الأخير بشكل أساسي لإغلاق الاحتلال شريان الحياة التجاري الرئيس بالنسبة للقدس؛ عن طريق بناء الجدار الفاصل الذي منع التبادل التجاري والمالي بين الضفة والقدس.

بسبب الجدار فقد الكثير من المشاريع، والأعمال، والتجار، الزبائن الأساسيين القادمين من الضفة، كما لم يعد بالإمكان التزود بالبضاعة من الضفة الغربية، وأصبحت التجارة في القدس مقيدة بالغالب بالصناعة الإسرائيلية، ما تسبب بارتفاع الأسعار بشكل كبير، وغلاء معيشي ملحوظ.

ومما فاقم أثر الجدار الواقع السياسي المعقد، وممارسة الاحتلال الإسرائيلي لأساليب العقاب الجماعي –من بينها الاقتصادي- كرد فعل على العمليات التي ينفذها الفلسطينيون، أو للضغط على المجتمع اقتصادياً؛ من أجل تغيير مواقفه السياسية، أو سلوكه اليومي تجاه الاحتلال.

فقد لوحظ في الموجة الأخيرة فقدان الكثير من الشباب المقدسيين أعمالهم بعد فصلهم من وظائفهم لأسباب عنصرية، هذا إلى جانب سعي شرطة الاحتلال ومؤسساته لتطبيق قوانين المخالفات بشكل مقصود وممنهج على سكان شرقي القدس، سواء مخالفات السير، أو المطالبة بديون قديمة ومستحقات ضريبية لم تسدد.

ومن هنا نذكر إحدى المشاكل الأساسية التي تستنزف خزينة الاقتصاد العائلي في شرقي القدس؛ وهي سياسة هدم البيوت، فمع مرور الوقت تزداد قبضة الاحتلال شدة على بيوت الفلسطينيين، فبحسب معطيات رسمية نشرتها جمعية “بتسيلم” حول هدم البيوت في شرقي القدس، يتضح أنه منذ عام 2004 حتى نهاية عام 2015 هدم الاحتلال أكثر من 597 منزلاً في القدس، نصفها تقريباً هدم آخر 5 سنوات، تاركاً أكثر من 950 إنساناً بلا مأوى.

ويرتبط هدم البيوت بتدهور الوضع الاقتصادي والفقر؛ لعدة أسباب، من بينها التكاليف المادية الباهظة التي تتكبدها العائلة المقدسية التي تواجه خطر هدم بيتها، فمنذ اللحظة التي يستلم فيها المقدسي أمراً بالهدم تبدأ رحلة مع الأجهزة القضائية التابعة للاحتلال الإسرائيلي، كمحاولة لطلب مهلة تمديد، أو تجميد مؤقت لأمر الهدم؛ بهدف استصدار ترخيص من بلدية الاحتلال للمبنى المهدم، وعليه فإن العملية البيروقراطية الطويلة والمنهكة تكلف العائلة أموالاً طائلة سنوياً لدفع المخالفات، وتكاليف المحكمة، وأتعاب المحامين، أما من يقضى بهدم بيته فيتكفل بدفع تكاليف استئجار الجرّافة المسؤولة عن هدم بيته، إلى جانب أتعاب المحامين، وإن لم يكن بمقدوره ذلك يترك له خيار هدم بيته بيده.

ويبين التقرير كذلك أن وجود ربّ منزل عامل في العائلة الواحدة لا يكفي ليرفع العائلة إلى فوق خط الفقر، فوفقاً للأرقام التي نشرتها دائرة الإحصاء المركزية فإن 89% من العائلات المقدسية التي فيها معيل واحد، أيضاً تعيش تحت خط الفقر.