لماذا تفوز الدول التي تنتهك حقوق الانسان بعضوية لجان حقوقية بالأمم المتحدة؟


محمد الشبراوي –

أثار إعلان فوز مصر أمس الخميس 23 يونية، في انتخابات التجديد النصفي لعضوية لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة للفترة من 2017 – 2021، تساؤلات حول أسباب فوز دول توجه لها نفس المنظمة الدولية انتقادات بانتهاك حقوق الانسان.

وتلاحق مصر اتهامات بـ “عدم احترام حقوق الإنسان وحرية الرأي والتعبير”، منذ انقلاب يوليه 2013 واعتقال المئات وصدور عشرات الاحكام بإعدام معارضين، غير أنه عادة ما تنفي الحكومة المصرية هذه الاتهامات في بيانات صحفية وتصريحات لمسؤولين حكوميين.

وأشار المتحدث باسم وزارة الخارجية إلى أن فوز مصر بهذا المقعد بتلك اللجنة الهامة من لجان الأمم المتحدة “يعكس ثقة المجتمع الدولي في مصر ووفائها بالتزاماتها الدولية، ويبعث برسالة قوية لكل المشككين في مدى وفاء مصر بالتزاماتها الدستورية والدولية في مجال حقوق الإنسان”.

وفي مايو الماضي، حث خبراء في مجال حقوق الإنسان بالأمم المتحدة الحكومة المصرية على وضع حد لما وصفوه بـ “ردود الفعل غير المتناسبة ضد ممارسة حقوق التجمع والتعبير”.

وقال الخبراء، في بيان آنذاك، إن “تشديد قمع التظاهر والمعارضة السلميين في مصر يعد تراجعًا آخر للبيئة السياسية المنفتحة، والمجتمع المدني النشط، واستخدام القوة ضد المجتمع المدني والتعبير عن الآراء المعارضة فيما يتعلق بالقضايا السياسية؛ ما يسهم في تدهور مناخ تعزيز وحماية الحريات التي تشكل المكونات الأساسية للمجتمع الديمقراطي.

وفي 23 مارس 2016، أعرب المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان زيد بن رعد الحسين عن قلقه الشديد إزاء إغلاق مئات من منظمات المجتمع المدني في مصر ومقاضاة العديد من المدافعين عن حقوق الإنسان لعملهم المشروع منذ تشرين أول 2014.

أيضا قالت وزارة الخارجية البريطانية قالت في تقريرها السنوي عن أوضاع حقوق الإنسان في العالم الصادر في أبريل الماضي إن وضع حقوق الإنسان في مصر في 2015 استمر في التدهور وإن بريطانيا ستدعم الحكومة المصرية والمجتمع المدني في محاولاتهما لتحسين هذا الوضع.

وأضافت الخارجية البريطانية، في التقرير الذي نشر على موقعها، أن “مصر واجهت العام الماضي تهديدا إرهابيا كبيرا، ما أدى إلى مقتل 366 شخصا على الأقل (بالإضافة إلى هجوم على طائرة ركاب أدى لمقتل 224 شخصا) ووسط هذه الخلفية ظلت حالة حقوق الإنسان سيئة واستمرت في التدهور”.

وذكر تقرير الخارجية البريطانية أن 230 ناشطا حكم عليهم في فبراير 2015 بالسجن المؤبد في محاكمة جماعية متعلقة باحتجاجات وقعت في 2011، مضيفا أن الرئيس الأسبق محمد مرسي حكم عليه بالإعدام في محاكمة جماعية ضمت أكثر من مئة آخرين.

كيف يجري الانتخاب؟

وانتخابات التجديد النصفي لعضوية اللجنة كانت تستهدف تجديد عضوية 9 دول من إجمالي 18 دولة أعضاء اللجنة، وتقدمت 26 دولة للمنافسة على المقاعد الـ 9، واتسمت الانتخابات بالمنافسة الشديدة، وفاز السفير أحمد فتح الله ممثلاً عن مصر في اللجنة.

وينتخب أعضاء اللجنة من الدول الأعضاء بالجمعية العامة للأمم المتحدة من أطراف “العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية” وعددها 169 دولة، وتتولى لجنة حقوق الإنسان متابعة وتقييم أداء الدول أطراف العهد الدولي في مدى وفائها بالتزاماتها في مجال حقوق الإنسان.

ويتألف مجلس حقوق الإنسان، بحسب قرار الجمعية العامة من 47 دولة من الدول الأعضاء تنتخبها أغلبية أعضاء الجمعية العامة بالاقتراع السري المباشر وبشكل فردي، وتستند عضوية المجلس إلى التوزيع الجغرافي العادل وتوزع مقاعده بين المجموعات الإقليمية على النحو التالي:

مجموعة الدول الأفريقية (13) -مجموعة الدول الآسيوية (13) -مجموعة دول أوروبا الشرقية (6) -مجموعة دول أمريكا الشمالية ومنطقة البحر الكاريبي (8) -مجموعة دول أوروبا الغربية ودول أخري (7)، وتمتد فترة ولاية أعضاء المجلس ثلاث سنوات ولا تجوز إعادة انتخابهم مباشرة بعد شغل ولايتين متتاليتين.

ويضم المجلس من الدول العربية السعودية وقطر والأردن وموريتانيا والبحرين.

رئاسة السعودية لجنة خبراء حقوق الإنسان

 وفي سبتمبر الماضي، أثار تعيين سفير السعودية بالأمم المتحدة في جنيف، فيصل بن حسن طراد، على رأس لجنة الخبراء المستقلين في مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، انتقادات، من المنظمات الحقوقية.

 قالت منظمة “مراسلون بلا حدود” الحقوقية أن المملكة العربية السعودية “تقبع في المرتبة 164 من أصل 180” على جدول تصنيف حرية الصحافة لعام 2015 الذي أعدته المنظمة الحقوقية، فضلا اعتقالها ومحاكمتها للنشطاء الحقوقيين والمعارضيين السياسيين، ولم يكن من الملائم انتخابها لهذا المنصب.

إسرائيل رئيس “الإرهاب” بالأمم المتحدة!

أيضا أثار انتخاب سفير إسرائيل في الأمم المتحدة، داني دانون، الشهر الجاري، رئيسًا للجنة القانونية فيها، في سابقة هي الأولى في تاريخ الدولة العبرية، غضبا واستغرابا عالميا وقيل إنها محاولة للتغطية على جرائمها وإرهابها ومجازرها.

إذ أن اللجنة القانونية التي تتولي دولة الاحتلال رئاستها، تتناول أكثر القضايا حساسية في مجال القانون الدولي؛ منها البرتوكولات الإضافية لاتفاقيات جنيف، إضافة إلى ملف “الإرهاب العالمي”، وهي اللجنة المفوضة بوضع المعاهدات الدولية الجديدة، بينما تل ابيب متورطة في إرهاب الشعب الفلسطيني.

وبرغم ادعاء الإذاعة العبرية أن دولًا عربية وإسلامية بقيادة إيران، حاولت عرقلة تعيين داني دانون؛ خلال عملية الانتخاب، قالت مصادر أن دول عربية صوتت لصالح إسرائيل عقب اللجوء إلى الاقتراع السري.

وقد ذكرت صحيفة “معاريف” الإسرائيلية وصحيفة “القدس العربي” إن أربع دول عربية، على الأقل، صوّتت لصالح المندوب الإسرائيلي.

ولا يعرف حتى الآن أسماء تلك الدول، لكن معلقون رجحوا إنها لن تخرج عما تسمى بالدول المعتدلة التي تضم مصر والأردن والإمارات العربية المتحدة، وقال أخرون أنها مصر والاْردن وقطر والمغرب.

وإن صحت تلك التوقعات فلن تكون المرة الأولى التي تصوت مصر فيها لصالح إسرائيل في الأمم المتحدة، ففي أكتوبر الماضي صوتت القاهرة لانضمام إسرائيل لعضوية لجنة الاستخدامات السلمية للفضاء الخارجي في سابقة كانت هي الأولى من نوعها بالأمم المتحدة، وهو ما أقرت به الخارجية المصرية.