ليبرمان يسعى إلى تنصيب دحلان رئيسا للسلطة في الضفة الغربية وغزة


كتب المحلل الإسرائيلي “عاموس هرئيل” في صحيفة “هآرتس” أنه في أحد لقاءات المسار الثاني، وهي اجتماعات غير رسمية، ما زال الشرق الأوسط مشبعا بها، والتي يجتمع فيها خبراء ودبلوماسيون وجنرالات من الدول العربية، من إسرائيل ومن دول غربية مختلفة، جلس مؤخرا سياسي مصري معروف متحدثا إلى أحد معارفه الإسرائيليين. الحديث تدحرج إلى مشكلة اللاجئين الفلسطينيين، وهذا الشخص الذي شغل في الماضي مناصب رفيعة جدا وما زال له تأثير في سلطة الجنرالات في القاهرة.

وببساطة خرج عن أطواره، كما ينقل الكاتب: “عن أي لاجئين تتحدث؟”، وبخ المصري الشخص الذي يحاوره. وقال إن المنطقة مليئة بملايين اللاجئين الجدد الذين يعيشون في ظروف غير محتملة ويحتاجون إلى مساعدة فورية. ملايين المواطنين الذين هربوا من رعب المعارك في سوريا والعراق واليمن يذوبون في حر 49 درجة مئوية في الصحراء في الصيف ويتجمدون من البرد في الشتاء. خيام القماش التي تقدمها لهم الدول المجاورة ومنظمات الإغاثة الدولية لا تعطيهم أي حماية. معسكرات ضخمة من الخيام تظهر تقريبا في كل زاوية في الأردن، لبنان وتركيا. هؤلاء اللاجئون الذين تعبر ضائقتهم عن التحولات التي تحدث في المنطقة.

وعلى هذا، كما ينقل الكاتب عن المسؤول المصري السابق، تصميم الفلسطينيين على إظهار أبناء الجيل الثالث على أنهم لاجئون، الذين هم أحفاد من هربوا أو طردوا من أراضيهم في العام 1948، هو شيء مرفوض. قسم كبير من اللاجئين الفلسطينيين الموزعين في دول المنطقة يسكنون في بيوت مريحة وفي أحياء فيها بنى تحتية جيدة، لكنهم ما زالوا يعتمدون على مساعدة الأمم المتحدة ووكالة غوث اللاجئين “الاونروا” وتستخدمهم قيادتهم من اجل تخليد المشكلة الفلسطينية.

ويعلق الكاتب الإسرائيلي على هذا الكلام، بالقول: “إن أقوالا كهذه لم تسمع تقريبا بهذا القدر من انفتاح القلب من قبل سياسيين عرب في السابق”، فليس ثمة ضغوط عربية على الكيان العبري.  والخطر الرئيس بالنسبة لإسرائيل، اليوم، وفقا لتقديره، يتمثل في التنظيمات المسلحة في المناطق وعلى الحدود. ويقول في هذا، إن جارات “إسرائيل” تعيش تحدَيا أمنيا بشكل دائم، وهي في حاجة إلى إسرائيل أكثر من أي وقت للحفاظ على الاستقرار النسبي ومن أجل التعاون الاقتصادي والأمني.

فكلما شعرت هذه الدول بالتهديد أكثر من تنظيم “داعش” وأمثاله، فإنها تحتاج إلى الظهر الإسرائيلي أكثر. ورغم الأقوال المتشددة حول تبني مبادرة السلام السعودية، فليس هناك اليوم أي ضغط عربي حقيقي على إسرائيل في محاولة لحل الصراع مع الفلسطينيين.

ولكن ما تسوقه دوائر مؤثرة في القرار الصهيوني الآن أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس هو “المشكلة الأساسية لإسرائيل”، وأن المواجهة مع قطاع غزة شيء لا يمكن منعه حتى لو كان موعد اندلاعها غير معروف، وأنه في هذه الحالة يجب على إسرائيل العمل على إنهاء حكم حماس في القطاع، وأن تكون هذه هي المواجهة الأخيرة. بعد المواجهة، كما نقل الكاتب عن مصدر أمني إسرائيلي، سيكون هناك من يوافق على أخذ زمام السلطة في غزة في يديه، لكن هذه لن تكون قيادة السلطة الفلسطينية.

ومثل هذا لا يختلف كثيرا عن تصريحات الوزير ليبرمان قبل تصالحه مع نتنياهو وانضمامه إلى الائتلاف. لكن الفرق يكمن في أن هذه الأقوال لم تعد تقال من مقاعد المعارضة بل تصدر عن سياسيين لهم وزن كبير، قد تتحول إلى أهداف ممكنة لعملية إسرائيلية.

والشخص الذي يرد ذكر اسمه أكثر فأكثر في هذا السياق هو محمد دحلان. فهو كما قيل الورقة السرية، فهو الشخص الذي قد يسيطر على رام الله، وبعد ذلك على غزة من خلال مؤامرة سرية.

عندما تراجعت الانتفاضة وبرزت التخوفات بأن حماس تخطط لانقلاب عسكري في القطاع، زفقا لما أورده المحلل الإسرائيلي، فإن بعض قادة الاستخبارات في إسرائيل زعموا بأن دحلان لن يسمح بحدوث ذلك. لكن فعليا، في يونيو 2007، اختفى دحلان من غزة بذريعة أنه يتلقى العلاج في أوروبا، واحتاج أقل من 10 آلاف نشط في حماس إلى ستة أيام فقط من أجل إخضاع قوة عسكرية كبيرة تابعة للسلطة، وقتل 160 شخصا من فتح ومن الأجهزة الأمنية واعتقال و آخرين.

دحلان لم يكن معهم، وعندما ظهر من جديد في الضفة الغربية اعتبره عباس ومساعديه عدو. فخرج إلى المنفى في الخليج. وبسرعة امتلك الكثير من الأموال وقام ببناء شبكة علاقات معقدة مع شخصيات رفيعة في الإمارات والأردن ومصر وليبيا. ودحلان مقرب بشكل خاص من نظام الجنرالات الحالي في القاهرة. ومصر التي تتدخل بشكل علني فيما يحدث في رام الله وغزة، أشارت في أكثر من مناسبة إلى أنها تتوقع عودته لشغل منصب مركزي. وهذا بيقين بعد انتهاء نظام عباس.

فقبل بضعة أشهر، نقل الصحفي آفي يششكروف في موقع واللاه، عن مصادر أمنية في إسرائيل والسلطة الفلسطينية زعمت أن ليبرمان ودحلان استأنفا علاقتهما والتقيا مؤخرا (مكتب ليبرمان نفى ذلك). ووراء دحلان قائمة من الجهات وعلى رأسها القاهرة والإمارات.

وبعض السياسيين في إسرائيل الذين تحدثوا إلى ليبرمان تولد لديهم الانطباع بأنه شغل منصبه مع الشعور بأن لديه فرصة ليس لتحسين مكانته في أوساط الجمهور، فحسب، بل وفعل أشياء كبيرة في الشرق الأوسط.