هجوم الركبان يدفع الأردن إلى حرب “عابرة للحدود” مع “داعش”


على وقع هجوم الركبان الذي قتل فيه 7 جنود أردنيين بتفجير سيارة مفخخة على الحدود الملاصقة لسورية والعراق والأردن، ومع إعلان “تنظيم الدولة” مسؤوليته عن الهجوم، عبر تسجيل مصور، بدأت عمان بتنفيذ إجراءات جديدة وغير مسبوقة لمواجهة الخطر المتصاعد من قبل تنظيم “داعش”.

وتبلورت القناعة لدى المسؤولين الأردنيين بتوجه عناصر تنظيم الدولة إلى الحدود الأردنية مع سوريا والعراق، مع تزايد الضغوط عليه في المدن التي كان يسيطر عليها، ولا سيما في الفلوجة، ما يعني أن استهداف الأردن أصبح في تفكير “داعش” أكثر من أي وقتٍ مضى.

– إرباك في المشهد الأمني

ومع حرص عمان المتزايد -بحسب مراقبين تحدثوا لـ”الخليج أونلاين”- على تحصين حدودها ضد أي اختراق، إلا أن هجوم الركبان أربك المشهد الأمني، وهو الأمر الذي أغضب صانع القرار في البلاد؛ نتيجة رؤيته وجود اختراق ما من قبل “داعش”، خاصة أن أياماً قليلة فصلت حادثة الاعتداء الدموي على موظفي جهاز المخابرات العامة في منطقة عين الباشا بالقرب من العاصمة عمان، عن حادثة منطقة الركبان.

– قواعد اشتباك جديدة

مطبخ القرار الأمني والعسكري الأردني دعا قيادة الجيش ولواء “صقور الصحراء” -وهو فصيل مشكل من القوات الخاصة المدربة الأردنية التي تعمل في وحدة مكافحة الإرهاب- للعمل على درء أي خطرٍ لتنظيم داعش أو مناصريه بالقرب من الحدود السورية والعراقية، حتى لو أدى ذلك إلى تنفيذ تلك المهمات في الداخل السوري والعراقي”.

وبحسب معلومات حصل عليها “الخليج أونلاين” فإن مهمة تلك القوة تتلخص في تحجيم قوة العدو، مهمتها التعامل مع أي تهديد من قبل تنظيم الدولة، إضافة إلى تنفيذ عمليات في الداخل السوري والعراقي ضمن المناطق القريبة من الحدود، وهي تمتلك آليات عسكرية متطورة وعالية الدقة والاحترافية، وتقوم على تنظيف كامل الشريط الحدودي بعمق 7 كم، وتقوية قواعد الاشتباك بما يضمن السيطرة التامة لقوات حرس الحدود الأردنية.

– تنامي الهجمات الفردية

الكاتب والمحلل السياسي محمد أبو رمان قال: “إن “الهجمات الأخيرة التي تعرض لها الأردن داخل البلاد وعلى حدودها بلا شك أحدثت توجهاً جديداً في طبيعة المواجهة بين الأردن وتنظيم داعش”.

مشيراً إلى اعتماد “داعش” أسلوب الهجمات الفردية التي يطلق عليها “الذئاب المنفردة”، والتي رأى أبو رمان أنها باتت “الطريقة الأنجع في هجمات التنظيم خلال الفترة الأخيرة”.

– التحذير من الحرب المفتوحة

خبراء أمن وسياسيون أردنيون حذروا في حديثهم لـ “الخليج أونلاين”، من مواجهة الأردن حرباً مفتوحة مع التنظيمات والجماعات المقاتلة في سوريا، خاصة أن تطورات الأحداث والمعارك في العراق وسوريا، دفعت تلك العناصر للبحث عن منافذ للهروب، ولن تجد سوى الحدود الأردنية”.

وأكدوا أنه بعد هجومي عين الباشا والركبان، فإن “الخيارات الاستراتيجية باتت أكثر حرجاً، وهي بحاجة لأدوات جديدة للتعامل معها”.

– “خلايا نائمة” في صفوف اللاجئين

وكان الجيش الأردني طالب الفصائل السورية المسلحة، وقوات النظام السوري، بالرجوع مسافة 7 كم عن حدوده الشرقية والشمالية، وسط تلقيه منظومة أمنية متطورة من الولايات المتحدة الأمريكية لضمان أمن الحدود، فيما تضم منطقة الركبان عالقين يتجاوز عددهم 70 ألف لاجئ سوري قدموا من الشمال السوري، اعتبرت السلطات الأمنية الأردنية أنهم يشكلون خطراً عليها بسبب وجود خلايا نائمة تتبع لتنظيمات إرهابية أو تنظيم الدولة”.

الكاتب والمحلل السياسي، بسام بدراين، قال لـ “الخليج أونلاين”: “بلا شك أن أسس وتفصيلات الاستراتيجية الأردنية في التعاطي مع ملف الجنوب السوري ستتبدل كلياً بعد حادثة الركبان التي تسببت بصدمة قوية للرأي العام الأردني”.

وقال: “تحويل الحدود إلى منطقة عسكرية مغلقة، وتطبيق قواعد اشتباك جديدة معها، يظهر بأن الأردن يضيق ذرعاً بالضغوط الدولية، ويجد في الاعتداء الأخير فرصة لكي ينتبه العالم لما كان يقوله الأردن في الماضي حول احتمالية اختلاط الإرهابيين باللاجئين”.

– بين المناطق الآمنة والعسكرية

الخبير العسكري محمود خريسات قال لـ “الخليج أونلاين”: إن تطورات كبيرة ستحدث على الحدود العراقية والسورية مع الأردن بعد هجوم الركبان”، وقال: “القرار السياسي الذي صدر كان واضحاً، وهو يختلف كلياً عما كان متبعاً، وبالتالي أصبحت المناطق التي آوت واستقبلت آلاف اللاجئين السوريين منطقة عسكريةً مغلقة، ما يعني تراجعاً في تقديم الدعم الإنساني لهؤلاء اللاجئين، ووقف التنسيق الإنساني مع الجيش الحر بعد العملية الدامية مؤخراً”.

مضيفاً: “المجتمع الدولي وحده من يتحمل مسؤولية كل ذلك، فوعوده المالية والاستثمارية للأردن لم تتحقق، والأخير بدأ بالبحث عن مناطق أكثر أمناً لمواطنيه على حساب تقديم الدعم الإنساني لمواطني دول الجوار الذين يبحثون عن الأمن في الأردن، وبالتالي أصبح هناك انقلاب في فكرة الترحيب باللاجئين رأساً على عقب”.