"كريموف"...سيرة مستبد حكم أوزبكستان لأكثر من ربع قرن


لم يتوان الغرب يوماً عن توجيه انتقادات إلى رئيس أوزبكستان "إسلام كريموف" الذي توفي عن عمر يناهز 78 عاماً بعد إصابته بنزف في الدماغ، بسبب كم أفواه المعارضين وتعيين المقربين منه في جميع المناصب طوال ربع قرن في السلطة بدون منازع.

وكان "كريموف" من بين القادة الذين وصلوا إلى الحكم في أعقاب انهيار الاتحاد السوفياتي. وعلى غرار نظيريه "نور سلطان نزارباييف" في كازاخستان و"أمام علي رحمن" في طاجيكستان، قاد بلده الواقع في آسيا الوسطى محافظاً على العلاقة الوثيقة مع الأخ الروسي الأكبر، وساهم في الوقت نفسه بصعود الاقتصاد الصيني الناشئ، وأعرب عن قلقه من تنامي التطرف الإسلامي.

يصفه منتقدوه، وخصوصاً المعارضين الأوزبكستانيين الذي لجأوا إلى الخارج والمنظمات الحقوقية، بالحاكم المتسلط.

على العكس، يشير أنصاره إلى دوره في كبح بروز المتطرفين الإسلاميين والحفاظ على الاستقرار النسبي لاقتصاد البلاد التي تعد الأكبر في آسيا الوسطى من حيث عدد السكان الذي يبلغ 30 مليون نسمة.

ولد الرئيس الأوزبكستاني في 30 يناير/كانون الثاني 1938 ونشأ في دار للأيتام، ثم ترقى في كل مناصب الحزب الشيوعي ابان الاتحاد السوفياتي، حتى تسلم رئاسة جمهورية أوزبكستان السوفياتية في العام 1989.

وعندما حصلت البلاد على استقلالها العام 1991، تمكن من البقاء في السلطة وحرص على القضاء على جميع معارضيه.

وأعيد انتخابه ثلاث مرات منذاك، كان آخرها في العام 2015.

لم يعين "كريموف" خليفة له، ما ينذر بمستقبل صعب في أوزبكستان غير المعتادة على التناوب الديموقراطي.

ولطالما ادعى "كريموف" أن سيطرته شبه الكاملة على مفاصل السلطة كانت حيوية للحفاظ على الأمن وتطوير البلاد.

ويقول مؤيدوه إنه قاد بأقل الأضرار عملية الانتقال باتجاه اقتصاد السوق بعيد سقوط الاتحاد السوفياتي، في حين يعتبر منتقدوه أنه سمح لنخبة فاسدة بالاستيلاء على كل مفاصل الدولة.

وبعد إعادة انتخابه في مارس/آذار 2015 لرئاسة البلاد بأكثر من 90 في المئة من أصوات الناخبين، كان عليه التعامل مع الخلافات داخل أسرته، فانتهى الأمر بابنته الكبرى "غولنار" قيد الإقامة الجبرية بعدما كانت الأوفر حظاً لخلافته.

وفقدت "غولنار" (44 عاماً) فرصتها فجأة بعدما شبهت والدها بستالين، واتهمت والدتها وشقيقتها بممارسة الشعوذة.

أما ابنته الصغرى "لولا كريموفا تيلياييفا" فتقيم في باريس حيث تشغل منصب سفيرة أوزبكستان في منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (يونيسكو).

وأكدت في 2013 أنها لم تتحدث إلى "غولنار" منذ 12 عاماً.

ويتهم عدد كبير من المنظمات غير الحكومية "كريموف" الذي أعيد انتخابه العام 2015، بأنه دائماً ما عمد إلى تزوير الانتخابات، واعتقل اعتباطياً مئات المعارضين وأيد استخدام التعذيب في السجون.

وينص الدستور على أن يتولى رئيس مجلس الشيوخ الرئاسة بالوكالة إذا تعذر على الرئيس الحكم، لكن الخبراء يعتبرونه مجرد منفذ للأوامر.

والطامحون لخلافة "كريموف" هم في الواقع رئيس وزرائه "شوكت ميرزيوئيف" ونائب رئيس الوزراء "رستم عظيموف". ويعتبر هذان الرجلان متنافسين.

والطامح الآخر إلى الحكم هو رئيس الجهاز الأمني القوي "رستم اينوياتوف" (72 عاماً)، الذي يعتبر أحد المسؤولين عن مقتل ما بين 300 و500 متظاهر خلال تظاهرة في أنديجان (شرق) العام 2005 قمعتها قوات الأمن. وقد دفع مقتلهم المجتمع الدولي إلى نبذ "اسلام كريموف".