دخول قوات تركية للراعي… وصل مناطق “درع الفرات” أولوية

 

يبدو أن تركيا تسعى، من خلال دخول قواتها أمس السبت إلى بلدة الراعي السورية، إلى حسم المعركة قرب حدودها الجنوبية في شمالي سورية بشكل عاجل، نظراً للتقلبات السريعة في الرأي الدولي ونظرته تجاه عملية “درع الفرات” التي أطلقها الجيش التركي بمشاركة فصائل من الجيش السوري الحر، فجر 24 أغسطس/آب الماضي، خصوصاً بعد مماطلة قوات سورية الديمقراطية، ومحاولتها الالتفاف لتأمين بقائها غربي الفرات على خلاف الوعود الأميركية لأنقرة بانسحابها إلى شرق الفرات.

في هذا السياق، عبرت عشرات الدبابات التركية الحدود السورية باتجاه بلدة الراعي في ريف حلب الشمالي مساء أمس السبت، لاستكمال المرحلة الثالثة من عملية “درع الفرات”، لتأمين الحدود التركية السورية، من خطر تنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش)، وقوات سورية الديمقراطية، على أن تقدم الدعم لـ “300 عسكري من الجيش الحر”، بحسب قناة “تي آر تي” التركية الرسمية .

وتقع بلدة الراعي، والتي سيطرت عليها فصائل المعارضة المسلحة أخيراً، بعد طرد مسلحي “داعش” بتغطية جوية من طائرات التحالف الدولي، شمال شرقي مدينة حلب نحو 60 كيلومتراً. وتتبع لمدينة الباب التي يسيطر عليها التنظيم، كما تبعد عن الحدود التركية مسافة 2.5 كيلومتر، وكانت تعتبر من أهم معاقل التنظيم في حلب، وخط دفاع خلفياً للمناطق التي كان يسيطر عليها “داعش” غرباً، وأحد خطوط الإمداد الرئيسية، كما أنها ملتقى القادمين من مدينة جرابلس شرقاً والباب شمالاً. وفقد التنظيم بسيطرة المعارضة على الراعي نقطة تمركز استراتيجية، وقد حاول استعادتها مرات عدة لكنه فشل في ذلك، نظراً للثقل العسكري الذي جلبته المعارضة إلى المدينة بعد السيطرة عليها. في هذا الإطار، قال المحلل السياسي التركي يوسف كاتب أوغلو لـ”العربي الجديد”، إن “أنقرة باتت على مقربة من حسم المعركة قرب حدودها، من أجل طرد إرهابيي داعش وحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي من المناطق المحاذية لحدودها، فضلاً عن منع إقامة كيانات أو دويلات على أسس عرقية، وتهدف من إدخال مئات الآليات إلى بلدة الراعي انطلاقاً من مدينة كيليس التركية، إلى وصل مناطق سيطرة غرفة عمليات درع الفرات في جرابلس، بالأخرى الموجودة في الراعي”. ولم يستبعد كاتب أوغلو أن “تتوجه القوات جنوباً، نحو مدينة الباب انطلاقاً من الراعي، ونحو منبج انطلاقاً من جرابلس، من أجل استكمال أحد أهداف المعركة الرامي إلى تطهير منطقة بطول 90 كيلومتراً وبعمق 20 إلى 30 كيلومتراً، كي تكون منطقة آمنة بحماية تركية، بعد أن تجري الموافقة على ذلك من قبل الدول الفاعلة والمعنية”.

وأشار إلى أن “الرئيس التركي رجب طيب أردوغان سيلتقي اليوم الأحد نظيره الأميركي باراك أوباما، على هامش لقاءات مجموعة العشرين في الصين، وستجري خلال اللقاء مناقشة عدة أمور حساسة، منها انسحاب المليشيات الكردية إلى شرق الفرات، وبحث المنطقة الآمنة وتسليم زعيم حركة الخدمة فتح الله غولن”.

ونفى كاتب أوغلو أن تكون العمليات العسكرية قد توقفت عند نهر الساجور جنوب جرابلس، موضحاً أن “الجيش التركي، غيّر من تكتيكاته العسكرية فقط، وقد يتجه شمالاً بعد استكمال تطهير الشريط الحدودي الواقع بين بلدة الراعي ومدينة جرابلس”. ولفت إلى أن “العمليات ستستمر حتى تنظيم كامل المنطقة الواقعة غربي الفرات، وهذا متفق عليه بين أنقرة وواشنطن”.

وخلال مرحلتين من عملية “درع الفرات” سيطرت فصائل المعارضة، المدعومة تركياً، على مدينة جرابلس الاستراتيجية قرب الحدود التركية، واتخذت منها منطلقاً لعمليتها، جنوباً وغرباً، وقد طردت مسلحي “داعش” وقوات سورية الديمقراطية من أكثر من 50 قرية وبلدة. كما شاركتها الفصائل الموجودة في بلدة الراعي بالانطلاق شرقاً لطرد “داعش” من قرى عدة بهدف الضغط عليه من محورين، ما سهل من العمليات في المنطقة. من جانبه، أعلن المسؤول السياسي للواء المعتصم التابع للجيش الحر، المشارك في عمليات “درع الفرات”، مصطفى سيجري في حديث لـ”العربي الجديد”، عن إطلاق المرحلة الثالثة من المعركة “التي تهدف إلى وصل قواتنا في بلدة الراعي بالأخرى الموجودة في جرابلس، وقد أدخل حليفنا التركي عشرات الدبابات والآليات بهدف الإسراع في حسم المعركة”.

وأشار إلى أن “طرد داعش من المنطقة مسألة وقت فقط”، مناشداً فصائل الجيش الحر العاملة في صفوف قوات سورية الديمقراطية بالانشقاق لأن “فصائل الثورة السورية بمشاركة الحليف التركي عازمة على طرد كافة المليشيات الكردية والموالين لها من غرب الفرات، نظراً للمشروع الانفصالي الذي تحمله، وهذا ما يرفضه كافة أبناء الثورة السورية، وتسعى الحكومة التركية إلى ترسيخه ومحاربة الداعين إليه”.

وعلى الرغم من الوعود الأميركية بانسحاب مقاتلي سورية الديمقراطية إلى شرق الفرات، تسعى الأخيرة بأساليب ملتوية للتحايل على التفاهمات الأميركية، بتغيير اسمها تارة، وبتشكيل مجالس يقوم عليها في الظاهر أناس من أبناء المنطقة تارة أخرى، وهذا ما أشارت إليه أنقرة في كثير من المرات، بقولها “إنها تحارب الفكر الإرهابي والانفصالي ولا يهمها الأسماء”.