حالات الطلاق في سوريا ترتفع بنسبة 120%

6 سبتمبر، 2016

لم ينجُ المتزوجون في سوريا من الآثار السلبية لاستمرار المعارك وسوء الاقتصاد في بلدهم، بعد أن زادت هذه الآثار من حالات الطلاق بين الأزواج السوريين، الذين واجهوا ظروفاً حتمت عليهم الانفصال.

وجاءت حالات الطلاق الكثيرة نتيجة لعدة ظروف، بداية بانخفاض مستوى المعيشة، وعدم قدرة الأزواج السوريين على سد الاحتياجات العائلية لأسرهم، مروراً باختلاف الزوجين على فكرة الهجرة من سوريا، وليس نهايةً عند فشل الكثير من الأزواج السوريين بلم شمل زوجاتهم إلى الدول الأوروبية التي لجأوا إليها.

الحالة الاقتصادية

انعدمت القدرة الشرائية لدى السوريين وبات مستوى الدخل لا يوازي سوى 10% من الإنفاق، مما زاد ثقل مستلزمات المعيشة على كاهل أرباب الأسر السوريين، وجعل بعضهم يفكرون بالانفصال للخلاص من هذا العبء

وقال أحمد، 31 عاما، لـ”صدى الشام”، أنه بدأ يعجز تدريجياً عن تأمين مصاريف ومتطلّبات عائلته بعد عامين من الزواج، وأضاف: “خلال ثلاثة أشهر حمّلت نفسي 400 ألف ليرة كديون، ولم يتمكّن راتبي البالغ 35 ألف ليرة من تأمين ربع احتياجاتي واحتياجات زوجتي، فقرّرت إرسال زوجتي إلى منزل أهلها مؤقتاً”، موضحاً أن الوضع الاقتصادي السيء إذا ما استمر على ما هو عليه فإنه لن يستطيع إرجاع زوجته وسيقدم على الطلاق كحلٍّ أخير.

بين مسافر وباقٍ

بين الرغبة الملحّة في السفر بعد الزواج ورفض هذه الفكرة، وقعت عدة حالات طلاق، وفق ما يشير إليه القاضي معراوي، الذي أكد أن من بين الأسباب الأساسية لحدوث الطلاق هو اختلاف الزوجين حول فكرة السفر من سوريا.

فاطمة، أم لطفلين، تعاني من مشاكل مع زوجها وصلت حد الطلاق، بسبب رغبته باللحاق بإخوته إلى كندا ضمن نظام الكفالة الخمسية.

تقول الفتاة العشرينية لـ”صدى الشام”: “كانت فكرة البقاء في سوريا أحد الشروط الأساسية التي طلبتُها منه قبل أن نتزوج وكان موافقاً عليها، لكنّ بعد وصول إخوته الثلاثة إلى كندا ضمن نظام الهجرة، بدأوا يقنعوه بالمغريات الكثيرة للحياة هناك”.

وتوضح فاطمة بأنها اليوم بين نار مرافقة زوجها وضمان مستقبل أبنائها وبين نار الهجرة من سوريا، بعد أن وضعت الفتاة البقاء في سوريا شرطاً لإتمام زواجها.

لم الشمل فرّق الأزواج

ساهمت القرارات التي اتخذتها الدول الأوروبية مؤخّراً بحالاتِ طلاقٍ كثيرة بعد فشل الأزواج في لم شمل زوجاتهم في سوريا.

وكان البرلمان الألماني قد أقرّ في شباط/ فبراير من العام الحالي 2016، مشروع قانونٍ جديد، ألزم به طالبي اللجوء الانتظار فترة لا تقل عن عامين، للنظر في طلباتهم حول لم الشمل، وذلك في إطار قانون واسع خاص بالاندماج، وقد انتقدته دول أوروبية كثيرة.

بدورها، عدّلت السويد قانون اللجوء لديها، وقلّصت فترة الإقامة إلى 13 شهراً بعد أن كانت تمنح لاجئيها إقاماتٍ دائمة، فيما شدّدت إجراءات لم الشمل للذين لم يحصلوا على إقاماتٍ قبل تاريخ 20 تموز الماضي، وجعلت لم الشمل محصوراً بمن يستطيع تأمين عقد عمل في السويد، فيما رفعت الحكومة اليمينية التي تسلّمت الدنمارك في شهر تموز 2015، من الفترة المطلوبة للبدء بإجراءات لم الشمل إلى ثلاث سنوات بداعي “التأكد من وجود حالات زواج صحيحة”.

تقول هدى، 24 عاماً: “حاولت أنا وأمي لأكثر من ثلاثة أشهر إقناع زوجي بالتراجع عن قراره بالسفر البحث عن عمل في حلب، لا سيما أني حملت بالمولود الأول، بعد أن سبب قراره خلافاً كبيراً بيننا، لكنّه في النهاية حزم أمتعته وهاجر بعد أن وعدني بانتظار قرار لم شملي الذي لن يطول أكثر من عام”، وتتابع: “اليوم مضى أكثر من عامين على سفره ولم يبدأ بعد بإجراءات لم الشمل، مما دفعني لطلب الطلاق”.

أرقام مرعبة وحالات زواج متسرّعة

تشير الأرقام الصادرة عن “القاضي الشرعي الأول بدمشق”، محمود المعراوي، إلى ارتفاع حالات الطلاق بنسبة 120% خلال عام 2015 الماضي.

وقال معراوي: “في السنوات التي سبقت الحرب كانت المحكمة توثّق حوالي 3 آلاف حالة طلاق في العام الواحد، لكنها تزايدت خلال الحرب لتصل إلى 7300 حالة خلال عام 2015”.

أما الأخصائية النفسية والاجتماعية رهام القاضي، فتقول في حديثٍ لـ”صدى الشام”، إن حالات الطلاق المتزايدة سببها الأول هو حالات “زواج الحرب” التي كثرت خلال السنوات الماضية في سوريا.

وتستند القاضي لإحصائية عام 2015، والتي كشفت عن وجود 30 ألف حالة زواج، حيث تعلّق عليها بأن “هذا الرقم غير منطقي، ويدلُّ على حالات زواج إما لأن الفتيات بتنَ يقبلن بظروف العريس مهما كان فقيراً وغير قادر على تأمين حياة لهن، وبالتالي سينتهي الأمر بالانفصال حتماً لأنه قرار الزواج غير مدروس بما فيه الكفاية، أو تتم هذه الحالات بدافع من الشاب للحصول على زوجة ثم السفر لتأمين الحياة لاحقاً، وهذه الحالة تفشل في كثيرٍ من الأحيان كون معظم أنواع الهجرة التي يقصدها السوريون إلى دول الجوار وأوروبا لا تضمن تمكّن الشاب من تأمين الحياة هناك وإدخال زوجته إلى هذا البلد بشكلٍ قانوني”.