ماذا علقت أطراف دولية وإقليمية على اتفاق وقف إطلاق النار بسورية؟
11 أيلول (سبتمبر - شتنبر)، 2016
تتوالى ردود الأفعال الدولية والإقليمية حول الاتفاق الأمريكي الروسي الذي جرى التوصل إليه فجر، اليوم السبت، ويقضي بوقف لإطلاق النار يبدأ أول أيام عيد الأضحى 12 سبتمبر/ أيلول 2016.
وأعربت دول عدة عن موقفها “المرحب” بالاتفاق، فيما عبرت المعارضة السورية عن حذر وتشكيك في الاتفاق الذي لا يتطرق إلى نطام بشار الأسد.
وبداية رحبت تركيا بالاتفاق الذي أعلنته روسيا والولايات المتحدة، وقالت الخارجية التركية في بيان لها، اليوم السبت: “نُرحّب بالاتفاق الروسي الأمريكي الذي يهدف إلى تأسيس وقف شامل لإطلاق النار في سورية، وإيصال المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين بطرق أكثر سهولة”.
واعتبرت الخارجية أن “نجاح الاتفاق يُشكّل أهمية بالغة بالنسبة لوقف الاشتباكات في عموم سورية، وخاصة في مدينة حلب (شمال)، بالإضافة إلى إيصال المساعدات الإنسانية بأسرع وقت”.
وأشارت إلى أن “الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، كان قد حثّ نظيريه الأمريكي باراك أوباما، والروسي فلاديمير بوتين، على ضرورة إنهاء صياغة اتفاق حول سورية حتى عيد الأضحى، بحيث يتضمن بنودًا شاملة، ويتيح الوصول إلى جميع أنحاء مدينة حلب، وذلك خلال لقائه بهما على هامش قمة العشرين الأخيرة في الصين”.
ونوهت الخارجية بأن تركيا تستعد لإيصال المساعدات الإنسانية إلى مدينة حلب برعاية أممية، وأنها ستواصل جهودها فيما يتعلق بالتقليل من معاناة الشعب السوري، وتطبيق فعّال لوقف إطلاق النار، وانعكاس الوضع الجديد بشكل إيجابي على عملية الانتقال السياسي.
موقف بريطانيا
من جانبها قالت المملكة المتحدة إنها ترحب أيضاً بالاتفاق الروسي الأمريكي، داعية موسكو إلى استخدام نفوذها لضمان التزام نظام بشار الأسد بتنفيذه.
وقال وزير الخارجية البريطاني، بوريس جونسون، في بيان صادر اليوم السبت: “نرحب بهذا الاتفاق الذي من شأنه إيقاف الصراع في سورية وإيصال المساعدات الإنسانية للمحتاجين”.
وأضاف: “لقد رأينا استهداف نظام الأسد للمدنيين والجماعات المعتدلة دون تمييز، ولم نسمع سوى وعود لم تتحقق ولم تقودنا إلا إلى الجوع والحصار. لذا فإني أدعو جميع الأطراف والدول التي تمتلك تأثيرًا على الصراع السوري، أن تفعل ما هو ضروري لإنهاء العنف والحصار”.
واعتبر الوزير البريطاني، التزام نظام الأسد بتنفيذ الاتفاق “أمراً حيوياً”، داعيًا في هذا الصدد، روسيا إلى استخدام نفوذها لضمان التزام النظام بتنفيذ الاتفاق الذي أعرب عن أمله في أن يضمن “تدفق المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين في مدينة حلب، وإنشاء “المساحة المطلوبة لعملية سياسية ذات مصداقية على أساس إعلان جنيف”.
وفي هذا الصدد، قال إن “التحول السياسي هو الضامن الوحيد الذي يضمن تخلص سورية من المصيبة المزدوجة المتمثلة بنظام الأسد والإرهاب”.
كذلك، أشار إلى ضرورة قيام نظام الأسد بالرد على الرؤية التي طرحتها المعارضة السورية مؤخراً في لندن “بشكل مقنع، وليس باستخدام الحصار والتجويع والقصف ضد الشعب”.
الاتحاد الأوروبي
وفي السياق ذاته، رحبت فيدريكا موجيريني مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي باتفاق الهدنة، ودعت الأمم المتحدة لإعداد مقترحات لمحادثات انتقال سياسي في سورية.
وقالت موجيريني: “الاتفاق محل ترحيب. كل أطراف الصراع باستثناء الجماعات التي يصنفها مجلس الأمن الدولي كمنظمات إرهابية عليها الآن ضمان سريانه بشكل فعال.”
وأضافت في بيان أن “الاتحاد الأوروبي ينضم لآخرين يحثون الأمم المتحدة على الإعداد لاقتراح انتقال سياسي يكون “نقطة انطلاق لاستئناف المحادثات السورية”.
قطر
ورحبت قطر اليوم، بالاتفاق الذي توصل إليه الجانبان الأمريكي والروسي. وأوضحت وزارة الخارجية القطرية، في بيان لها اليوم، نشرته وكالة الأنباء الرسمية في البلاد، أن “الاتفاق الذي توصل إليه الجانبان الأمريكي والروسي لإعلان هدنة في سورية، إذا تم الالتزام به فمن شأنه تسريع وتيرة العملية السياسية (في سورية)، وتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية إلى مدنها”.
وأعربت الوزارة “عن أملها في أن يسهم تطبيق الاتفاق، في التوصل إلى حل سياسي شامل ودائم لإنهاء الأزمة في سورية، ورفع المعاناة الإنسانية عن الشعب”.
وقال البيان “إنه في ظل ما يرتكبه النظام في سورية من جرائم ضد أبناء شعبه، نؤكد ضرورة أن يضطلع المجتمع الدولي بمسؤولياته لإلزامه بتنفيذ الاتفاق، ووقف كافة أشكال القصف العشوائي والتهجير القسري الممنهج ضد المدنيين، ورفع الحصار عن كافة المدن السورية”.
مصر
عربياً رحبت القاهرة بالاتفاق، ودعت في بيان صادر عن الخارجية المصرية، اليوم السبت، جميع الأطراف إلى الالتزام بالاتفاق “باعتباره خطوة أولى نحو التوصل إلى وقف شامل ودائم لإطلاق النار في كافة المدن السورية، مع استمرار استهداف العناصر الإرهابية”.
كما دعت الخارجية “جميع الأطراف السورية إلى تثبيت اتفاق وقف إطلاق النار لوضع حد للمعاناة الإنسانية التي يمر بها الشعب السوري نتيجة استمرار العنف والاقتتال، تمهيداً للعودة إلى المحادثات السياسية بمشاركة جميع الأطراف السورية”.
وأمس الجمعة أعلن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري توصله مع نظيره الروسي سيرغي لافروف إلى اتفاق بشأن خطة لوقف إطلاق النار في سورية تبدأ من الإثنين المقبل، أول أيام عيد الأضحى.
وقال كيري في مؤتمر صحفي: “نعلن عن توصلنا لترتيبات تهدف لوقف اطلاق النار وتمهيد الطريق أمام حل الصراع القائم في سورية”.
وأوضح أنه بموجب هذه الترتيبات ستبدأ الهدنة ليل الأحد-الإثنين المقبلين، لافتاً إلى أنه اذا ما استمرت هذه الهدنة لمدة أسبوع، فستقوم الولايات المتحدة وروسيا بإنشاء “مركز مشترك لمحاربة تنظيم داعش وجبهة النصرة”.
تشكيك وحذر
وبدورها أبدت المعارضة السورية موقفاً حذراً ومشككاً في ذات الوقت بالاتفاق الذي أغفل من وجهة نظر المعارضة قضايا جوهرية أهمها التطرق لرأس النظام بشار الأسد.
وحتى الآن لم تتسلم “الهيئة العليا للمفاوضات” – المظلة الأكبر للمعارضة السورية – نص الاتفاق الأمريكي، وقال بيان صادر عنها، اليوم السبت، حصلت “السورية نت” على نسخة منه: “لم تتسلم الهيئة العليا للمفاوضات أي نص رسمي عن الاتفاق الأمريكي الروسي، وفي حال استلامه ستجري الهيئة دراسة تفاصيله ومعرفة آليات وضمانات تطبيقه، وقبل إعطاء أي رد رسمي ستجتمع الهيئة مع المكونات السياسية والمدنية وقيادات الجيش الحر والفصائل الثورية للتشاور في هذا الأمر”.
فرص ضئيلة للنجاح
وفي أول رد فعل لأعضاء في الهيئة قال المتحدث باسمها رياض نعسان آغا إنه “من المخجل أن الخطة لم تتطرق للحديث عن حل سياسي ولا عن مستقبل بشار الأسد”، وفقاً لما قال في تصريح مقتضب لقناة الجزيرة.
وقال مقاتلون من الجيش السوري الحر إنهم “لا يرون فرصاً كبيرة لنجاح اتفاق أمريكي روسي بشأن سورية لأن نظام الأسد وموسكو لن تلتزما به”.
وقال فارس البيوش قائد “الفرقة الشمالية” التابعة للجيش السوري الحر إن “روسيا والأسد لم تلتزما بالاتفاق السابق وإن فرص نجاح الاتفاق الجديد لا تختلف عن سابقتها”، وفقاً لوكالة رويترز.
من جانبه قال النقيب عبد السلام عبد الرزاق المتحدث العسكري باسم حركة “نور الدين الزنكي” أن الاتفاق سيمنح قوات نظام بشار الأسد فرصة لحشد قواه والدفع بالمزيد من الجماعات المسلحة المدعومة من إيران في المعارك الرئيسية بمدينة حلب”.
أما رئيس الائتلاف السابق خالد خوجة قال في تعليقه على الاتفاق: “لا مفاجئة في جنيف، فاختزال اتفاق كيري – لافروف على حلب مع استهداف فتح الشام، وإعلان الاتفاق والفصائل ما تزال نائية عن الاندماج كان متوقعاً”.
ويأتي تشكيك المعارضة السورية في نجاح الاتفاق الأمريكي الروسي، بعد فشل هدن سابقة أعلن عنها الطرفان في سورية، وتعرضت مراراً للانتهاكات والخروقات من قبل نظام بشار الأسد وحليفتيه إيران وموسكو، لا سيما الاتفاق الذي أعلن عنه لوقف إطلاق النار في فبراير/ شباط الماضي.
وتخشى المعارضة السورية أيضاً من أن تؤدي مواصلة ضرب “فتح الشام” على الرغم من فك ارتباطها بتنظيم “القاعدة” إلى انقسام مواقف الفصائل العسكرية بين مؤيد ورافض.
وبالإضافة إلى ذلك، تشير التجارب السابقة حول الانتهاكات المستمرة للنظام لأي اتفاق روسي أمريكي، أنه لم يتعرض لأي نوع من الردع والمحاسبة على خروقاته، وهو ما يثير تساؤلاً حول ما الجديد الذي يمكن أن تفعله موسكو وواشنطن للأسد في حال خرق الاتفاق الجديد، وتجيب المعارضة السورية على هذا السؤال بالقول: “لا شيء”.
حكومة النظام:
من جهتها وافقت حكومة النظام على اتفاق الهدنة الاميركي الروسي، بحسب وكالة أنباء النظام “سانا”.
ونقلت “سانا” عن “مصادر مطلعة” أن “أحد أهداف الاتفاق الروسي الأمريكي هو التوصل إلى حلول سياسية للأزمة في سورية”، مضيفة أن “الحكومة السورية وافقت على الاتفاق”.
وادعت المصادر أن “الاتفاق بكامله تم بعلم الحكومة السورية ووافقت عليه”.