on
الانتحاريّة ثم الحلفاويّة ثم سيّارة العائلة… اسمٌ تدرّج لسيّارةٍ محليّة الصّنع
عبد الرزاق الصبيح: المصدر
تطوّرت صناعة السّيارات المحلية في المناطق التي خرجت عن سيطرة النظام مع بداية العام 2013، وانتقلت من سيّارات ذات ثلاثة عجلات إلى سيارات ذات أربعة عجلات، لتتصدر قائمة السيارات المطلوبة في السوق، وتضاهي السيّارات الأوربية المستعملة، في كثير من النواحي.
تمكّن حدّادون مهرة بالتّعاون مع بعض أصحاب الخبرة في صيانة السيارات، من إنتاج أول سيّارة ذات ثلاثة عجلات في مدينة حلفايا بريف حماة الشمالي، وكان ركوب هذه السّيارات أو السفر فيها محفوفاً بالمخاطر، بسبب عدم توازنها أثناء سيرها على الطرقات، فأي التفاف في الطريق يمكن أن يتسبب بحادث، كما تسببت بمقتل الكثير من المدنيين، فأطلق عليها الأهالي بداية الأمر لقب (الانتحاريّة).
تطوّرت صناعة السيّارات (الانتحارية)، وانتقلت من سيّارة ذات ثلاث عجلات، إلى سيّارة ذات أربع عجلات، وباتت السيارة هذه المرة أكثر توازناً وأكثر مرونة على الطرقات، ليطلق عليها الأهالي لقب (الحلفاوية)، نسبة للمدينة التي صنعت فيها.
ومع مرور الوقت، وخروج مناطق شاسعة عن سيطرة النظام شمال سوريا، وتطوّر ورش صناعة هذه السيّارات، وإدخال تعديلات كثيرة عليها، قلّت أعطالها، وتوافر قطع تبديلها، وانتشار عشرات ورش الصناعة والتي تنافست فيما بينها لإضافة مزايا جديدة لهذه السيارات، الأمر الذي جعلها تحتلّ المرتبة الأولى بين السيّارات، لتأخذ اسم (سيّارة العائلة).
يصنع الحدّادون هذه السيّارات في ورش وعلى عدّة مراحل، ويتم في البداية وضع المحّرك والقطعة التي تدير العجلات والإطارات، ضمن هيكل من الحديد بقياسات معينة وشكل هندسي ذو أبعاد محدّدة، أما باقي القطع تتم صناعتها محليّاً في ذات الورشة.
“عبدو أبو يزن” أحد المصنّعين لهذه السّيارات، وفي حديث لـ “المصدر” قال: “نقوم بصناعة السيّارات محلية الصّنع على عدّة مراحل، بدءاً من هيكل السيّارة إلى تركيب المحرك، بحيث يتناسب محرك السيّارة مع بقية القطع التي يتم قصّها وتركيبها، ومن ثم تذهب السيارة إلى الميكانيكي وبعدها البخّاخ ومن ثم يتم تنجيدها، وحتى الوصول إلى هيكل كامل للسيّارة”.
وأضاف بأن معظم القطع يتم تصنيعها محليّاً وبمواصفات عالية، وفي غضون خمسة عشر يوماً، يتم تصنيع سيّارة كاملة وقادرة على حمل (3 أطنان)، وتضاهي بذلك السيّارات الأوربيّة.
ويتم تسمية السيّارات محليّة الصّنع باسم مصنّعيها، كما يتم كتابة عبارات عليها حسب مزاج الزبون، ويختار الزبون اللّون الذي يحب لسيارته، كما انتشرت مكاتب لبيع هذه السيّارات في مناطق مختلفة شمال سوريا.
ودخلت سوريا أعداد كبيرة من السيارات الأوربيّة المستعملة عن طريق تركيا، وبأسعار أقل من سعر السوق المحليّة، ولكنها كانت كثيرة الأعطال، ولا يتوافر لها قطع التبديل، هذا ما جعل الكثيرين يفضّلون السيّارات محليّة الصّنع على السيارات الأوربيّة المستعملة.
ويذكر أن النظام وأجهزته الأمنية حاربوا هذه السيارات ومصنعيها، فقبل بداية الثورة شهدت مناطق انتشارها، وبخاصة ريف حماة الشمالي، حملات مصادرة لهذه السيّارات، واعتقال لمصنعيها، كما أصدر النظام حينها قراراً يمنعها من السير في المدن.