رياض نعسان أغا يكتب: هل تنجح الهدنة في سوريا؟


رياض نعسان أغا

منذ اليوم الأول للهدنة تم اختراقها أكثر من عشرين مرة، وفي اليوم الثاني وصل عدد الاختراقات إلى خمسة وخمسين اختراقاً، وقصف النظام منطقة الشقيف في حلب بأربعة براميل متفجرة وشاركت الحوامات الروسية بقصف العديد من المناطق، وبدأت تظهر للعلن خلافات روسية أميركية حول تفاصيل الاتفاقية، وقال لافروف إن واشنطن لا تريد كشف تفاصيل الاتفاق، وكان قد أشار إلى حزمة وثائق وإلى خمس خطط لم يفصح عنها، والمفارقة أن الخلافات حولها وصلت إلى الإدارة الأميركية في تصريحات مفاجئة بين وزيري الخارجية والدفاع، كل ذلك والسوريون لا يعرفون حقيقة الاتفاقات الدولية التي تدور حولهم، ونحن في الهيئة العليا للمفاوضات لم نطلع بعد على شيء من هذه التفاصيل، مع أننا من حيث المبدأ نطالب بوقف شامل وكامل لإطلاق النار وبخاصة على المدنيين، وقد طالبنا الأمم المتحدة مرات عديدة بحماية المدنيين الذين هم الغالبية العظمى من ضحايا القصف الروسي والإيراني وقصف النظام ومليشياته الطائفية، ولابد من هدنة مديدة توفر جدية للتوجه نحو حل سياسي عادل، فمن الصعب أن تبدأ مفاوضات في جنيف والدم السوري ينزف والمدن تقصف وتهدم، وقد كان النظام يفشل اللقاءات في جنيف عبر تصعيد قصفه للمدنيين مع بدء كل جولة من جولات التفاوض، وعلى رغم تهرب النظام عملياً من متابعة المفاوضات وطرحه لحلول تخالف بيان جنيف وقرارات الأمم المتحدة، فقد أعلنا تمسكنا بالحل السياسي، وقدمنا في مؤتمر لندن الأخير بشفافية مطلقة رؤية تقنية لتفاصيل الحل ومجرياته (من وجهة نظرنا) وقد لقيت هذه الرؤية ترحيباً من عدد من دول العالم.

وقد قدمنا في رؤية الهيئة للمرحلة الانتقالية تصورنا عن طرق مواجهة الإرهاب بكل فصائله وتنظيماته، حيث لا يجوز الاكتفاء بمحاربة فئة واحدة ومنح البراءة لإرهابيين لا يختلفون في شيء عن «داعش» مثل «حزب الله» والمليشيات الطائفية.

وبما أن روسيا والولايات المتحدة تضعان الحرب على الإرهاب خارج اتفاقية الهدنة، فلابد من سؤال لهاتين الدولتين الكبيرتين، عن الطرق التي ستتبعانها لحماية المدنيين، وقد رأينا ما فعلت روسيا في سوق للخضار في إدلب بعد بضع ساعات من مؤتمر كيري ولافروف، وقد طلبت عبر وسائل الإعلام من لافروف شخصياً أن يقدم للمجتمع الدولي اسم إرهابي واحد بين الذين قتلوا في سوق شعبية في إدلب، على سبيل المثال.

إن عدم وجود منطقة آمنة يلجأ إليها المدنيون سيجعل الحرب على الإرهاب قصفاً عشوائياً سيكون ضحيته المدنيون وحدهم، حيث بوسع من صنفوا إرهابيين أن يجدوا مهرباً لكن (إلى أين يذهب المدنيون؟).

ولم تذكر الاتفاقية شيئاً عن إيران وعن «حزب الله» وعن شبيحة النظام والمليشيات التي تقتل السوريين فهل سيشملهم اتفاق الهدنة، وهل سيكون لهم عقاب إذا اخترقوها؟ وما عقاب النظام إذا اخترق الهدنة أم أن العقاب للمعارضة وحدها؟ ثم إن الاتفاق يتحدث عن إدخال مساعدات للمناطق المحاصرة وكان أولى أن يتحدث عن فك الحصار، ونستغرب كيف تجاهل الفريقان القرار الدولي 2254 وهما الموقعان عليه وهو يفرض أن يكون الطريق إلى الحل السياسي عبر تنفيذ البنود الشهيرة من القرار، وهي فك الحصار، وإطلاق سراح المعتقلين، وحماية المدنيين وبناء مرحلة الثقة.

وكان ينبغي أن يشير الجانبان الروسي والأميركي إلى خطر جرائم التهجير القسري الذي ينتهجه النظام لإحداث تغيير ديموغرافي كما فعل في درايا وكما يفعل في المعضمية والوعر، فاستمرار التهجير يعني إفشال الهدنة، وقد بدأ السوريون يعتقدون أن هناك خطة لإبادة أهل السنة عبر تجميعهم في منطقة واحدة، وبدأ بعضهم يخشى أن تكون هناك خطة للتقسيم بعد هذا الفرز الطائفي الذي يصر عليه النظام.

إننا نخشى رغم الهدنة من أن تتحول الحرب على الإرهاب إلى حرب على أطفالنا ونسائنا وشيوخنا ومرضانا، وأن يكون من نتائجها مزيد من التدمير للبنى التحتية وتشريد البقية من السوريين. ولا يخفى على أحد أن مزيداً من الظلم والعنف والقصف العشوائي سيولد مزيداً من الإرهاب، ونرجو أن تدرس الجمعية العامة للأمم المتحدة في اجتماعاتها القادمة هذا الوضع الإنساني الكارثي المعقد الذي يعاني منه شعبنا السوري منذ خمس سنوات ونيف، وأن يحث مجلس الأمن على إيجاد حل حاسم يلبي مطالب الشعب، وألا يضحي بشعب مقابل حاكم مستبد، فالشعوب لا تقهر.

المصدر: الاتحاد

رياض نعسان أغا يكتب: هل تنجح الهدنة في سوريا؟ على ميكروسيريا.
ميكروسيريا -

أخبار سوريا ميكرو سيريا