قوات النظام تعمل على قضم مناطق الثوار بدرعا


unnamed

إياس العمر: المصدر

استخدمت قوات النظام والميلشيات المساندة لها أساليب جديدة للسيطرة على مواقع ذات أهمية استراتيجية في محافظة درعا، وكان من أبرزها استخدام سياسة القضم، والتي تتبعتها قوات النظام منذ نهاية شهر أيلول/سبتمبر من العام الماضي.

ومنذ اندلاع الثورة السورية في شهر آذار/مارس من العام 2011، شهدت محافظة درعا أربعة مراحل رئيسية، كان آخرها اتباع قوات النظام لسياسة القضم.

مرحلة الاقتحامات العسكرية

في شهر نيسان/أبريل من العام 2011 بدأت قوات النظام باقتحام المدن والبلدات الثائرة في محافظة درعا، وبدأت عمليات الاقتحامات في مهد الثورة درعا البلد وانتقلت بعدها لريف درعا الشمالي، فاقتحمت قوات النظام كلاً من مدن (انخل – جاسم – الحارة – نمر)، ومن ثم اقتحمت مدينة نوى غربي درعا، وبعدها انتقلت إلى الريف الشرقي واقتحمت بلدات (المليحة الشرقية – المليحة الغربية – الحراك).

وقال الناشط سمير القداح لـ “المصدر” إن عمليات الاقتحامات التي كانت تقوم بها قوات النظام في بداية الثورة تختلف من مكان لآخر، فقوات النظام كانت تعتمد في عمليات الاقتحام على عناصر المخابرات والقوات الخاصة، وفور الانتهاء من عمليات الاعتقالات والاقتحام يتم نصب الحواجز في المناطق التي يتم اقتحامها، وفي معظم الأحيان كانت القطع العسكرية القريبة من المنطقة المقتحمة هي من تتولى مسؤولية نصب الحواجز، مثلاً في مدينة الحراك كان اللواء 52 هو من يقوم بالعملية، بينما اللواء 12 هو من كان ينصب حواجزه في بلدة بصر الحرير بسبب قربه منها.

وأشار إلى أن مرحلة الاقتحامات استمرت منذ شهر نيسان/أبريل من العام 2011 حتى شهر كانون الثاني/ينانير من العام 2013، في هذه الفترة كانت قوات النظام هي صاحبة الكلمة العليا وكانت عمليات الجيش الحر تقتصر على الكمائن والهجمات المباغتة.

مرحلة التحرير

منذ مطلع العام 2013 وعقب معركة عمود حوران التي أسفرت عن تحرير بلدة بصر الحرير في ريف درعا الشرقي، والتي كبدت قوات النظام خسائر هي الأكبر من نوعها في محافظة درعا، بدأت تتغير خارطة السيطرة في المحافظة.

وقال مراسل الهيئة السورية للإعلام محمد الحريري لـ “المصدر” إنه وعقب تحرير بلدة بصر الحرير بدأ الجيش الحر بشن هجمات ذات طابع جديد، حيث بدأ يسعى للسيطرة على نقاط جديدة، فكانت العملية الأبرز في شهر شباط/فبراير من العام 2013، والتي أسفرت عن تحرير حواجز بلدات (المسيفرة – الجيزة) وتحرير كتيبة (السهوة)، ومن بعدها تحرير حواجز بلدة الحراك وتحرير اللواء 38 دفاع جوي في بلدة صيدا بريف درعا الشرقي، ليصبح معظم الريف الشرقي محرراً باستثناء مدينة بصرى الشام واللواء 52.

وأشار إلى أن عمليات التحرير في الريف الشرقي ترافقت مع عمليات مماثلة في الريفين الغربي والشمالي واليت أسفرت عن تحرير كل من (جاسم – انخل – نمر – داعل – طفس)، بالإضافة لعدد آخر من بلدات الريف الغربي، وخلال نفس الفترة من تحرير معظم أحياء درعا البلد، ليكون عام 2013 هو نقطة تحول، وبداية لرسم ملامح المناطق المحررة في المحافظة، ومنذ النصف الثاني من نفس العام لم تتمكن قوات النظام من إحراز أي تقدم يذكر.

وأضاف الحريري بأنه وفي العام 2014 استمر الوضع على ما هو عليه، حيث فكت الثوار الطوق عن مدينة نوى وسيطروا على عدد من التلال الاستراتيجية ومنها (تل الجابية – تل الجموع)، كما سيطروا على السجن المركزي في محافظة درعا (سجن غرز)، وصوامع الحبوب، وبدأت أنظار الثوار تتوجه نحو العاصمة دمشق، فانتقلوا إلى العمل في محافظة القنيطرة بهدف الوصل إلى الغوطة الغربية، واستطاعوا تحرير معظم مدن وبلدات محافظة القنيطرة، ليكون الانجاز الأكبر هو تحرير النقطة الأكثر استراتيجية والقمة الأعلى في محافظة درعا وهي (تل الحارة) وبلدة الحارة في شهر تشرين الأول/أكتوبر من العام 2014.

بدوره، القائد العسكري في الجيش الحر أحمد الزعبي قال لـ “المصدر” إنه ومنذ نهاية العام 2014 بدأت معارك الحسم في محافظة درعا، وكانت البداية بالسيطرة على مدينة (الشيخ مسكين) واللواء  82 مطلع العام 2015، وبعدها التصدي للحملة الأعنف من الميلشيات بقيادة الحرس الثوري الإيراني على منطقة مثلث الموت والانتقال لتحرير المعقل الأهم للميلشيات في الجنوب السوري متمثلاً بمدينة (بصرى الشام)، ليكون شهر نيسان/أبريل من العام الماضي نقطة تحول، حيث فقدت قوات النظام والميلشيات المساندة لها السيطرة على جميع مواقعها على الحدود السورية الأردنية من جهة محافظتي درعا والقنيطرة، وتبعها تكبيد قوات النظام الخسارة الأكبر في محافظة درعا نهاية شهر نيسان/أبريل من العام 2015 في معركة عمود حوران2 في ببلدة بصر الحرير ومنطقة اللجاة، وتمثل الانجاز الأكبر بالسيطرة على الواء 52 آخر معاقل النظام في الريف الشرقي منتصف شهر حزيران/يونيو من العام المنصرم.

مرحلة الجمود والصراعات الداخلية

عقب السيطرة على معظم مدن وبلدات محافظتي درعا والقنيطرة أصبحت تشكيلات الثوار أمام قلاع تتمترس بها قوات النظام المنسحبة نتيجة توالي الهزائم، لذلك أصبح الثوار أمام أهداف مختلفة.

وقال الناشط احمد المصري لـ “المصدر” إن هذه المرحلة كانت هي الأصعب على التشكيلات، وكانت معركة (عاصفة الجنوب) في شهر حزيران/يونيو من العام الماضي نقطة تحول، عقب فشل التشكيلات في محافظة درعا للمرة الأولى بالإعلان عن معركة دون حسمها، حيث لم تبسط التشكيلات نفوذها على مركز مدينة درعا على الرغم من المحاولات الحثيثة، ليكون ذلك الفشل هو بداية لمرحلة جديدة من الجمود على الجبهات مع قوات النظام وإعلاناً لبدء مرحلة من الصراعات الداخلية.

وأضاف بأنه منذ السيطرة على اللواء 52 توقفت عمليات التحرير، بينما انتشرت ظواهر جديدة كان أبرزها عمليات الاغتيال التي خلفت قرابة 250 قتيلاً خلال الأشهر الماضية، والاقتتال في ريف درعا الغربي بين تشكيلات الثوار والمجموعات المبايعة لتنظيم “داعش”.

مرحلة القضم من قبل قوات النظام

منذ مطلع شهر تشرين الأول/أكتوبر من العام المنصرم بدأت قوات النظام باتباع أسلوب جديد للسيطرة على مواقع ذات أهمية استراتيجية، وذلك عقب الخسائر الكبيرة في معركتي مثلث الموت وعامود حوران الثانية في العام 2015.

أسلوب قوات النظام الجديد كان يعتمد على التقدم الجزئي على مجموعة من المراحل، بحيث يكون ذو خسائر بشرية محدودة.

وقال الناشط أحمد الديري لـ “المصدر” إن المرحلة الجديدة بدأت بالسيطرة على مؤخرة اللواء 82 شمالي شرقي مدينة الشيخ مسكين في منتصف شهر تشرين الأول/أكتوبر من العام الماضي، وبعدها تثبيت النقاط والتقدم على المراحل حتى وصلت قوات النظام والميلشيات إلى مشارف مدينة الشيخ مسكين، لتبدأ بعد شهرين من عمليات التقدم الجزئية بهجوم واسع بإسناد مكثف من الطيران الروسي، مكنها من استعادة السيطرة على المدينة ذات الأهمية الاستراتيجية نهاية شهر كانون الثاني/ينانير الماضي، ليكون التقدم الأول لقوات النظام في محافظة درعا منذ منتصف العام 2013.

وأضاف بأن قوات النظام سيطرت على بلدة عتمان مطلع شهر شباط/فبراير الماضي بهدف تضيق الخناق على البلدات الواقعة على طريق دمشق – درعا الاستراتيجي.

وعقب اتفاق وقف الأعمال العدائية عملت قوات النظام على قضم ما تبقى من طريق دمشق – درعا القديم عن طريق المصالحات المحلية، وبعد الفشل بدأت قوات النظام مطلع شهر أيلول/سبتمبر الجاري بسيناريو مشابه لما حدث في الشيخ مسكين، للسيطرة على مدينة داعل وبلدة ابطع، وذلك من خلال السيطرة على الكتيبة المهجورة شرق بلدة ابطع مطلع الشهر الجاري والسيطرة على نقاط متقدمة على مشارف مدينة داعل في الساعات الماضية، من أجل الوصل إلى مشارف المدينة عن طريق قضم المناطق المحررة على مراحل، وتعمل قوات النظام والميلشيات على رفع السواتر بشكل فوري عقب السيطرة عليها، ولم يمنع اتفاق وقف الأعمال العدائية قوات النظام من الاستمرار في عمليات القضم الممنهجة، بحسب الديري.

وأشار إلى أن قوات النظام تعمل منذ عام كامل على استعادة السيطرة على طريق دمشق – درعا القديم، عن طريق السيطرة الجزئية على مراحل، لأنها وبعد الخسائر الكبيرة في صفوفها أصبحت عاجزة ولا يمكنها خوض أي معركة ضخمة.

أخبار سوريا ميكرو سيريا