ما خطورة قانون "العدالة ضد الإرهاب" الأمريكي على السعودية؟


أحيل القانون الذي أقره مجلس النواب الأمريكي "العدالة ضد الإرهاب"، والذي يسمح لضحايا اعتداءات 11 سبتمر/أيلول 2001 وأقاربهم بمقاضاة السعودية دول أخرى ومطالبتها بتعويضات، إلى الرئيس الأمريكي "باراك أوباما"، حيث بات مصيره مجهولاً، بينما هدد البيت الأبيض بتعطيله.

وأقر مجلس النواب بالإجماع "قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب" بعد أربعة أشهر على تبنيه في مجلس الشيوخ، وقبل يومين فقط من الذكرى الخامسة عشرة للاعتداءات.

وكان المتحدث باسم البيت الأبيض "جوش أرنست" قد صرح في وقت سابق أن "هذا القانون سيغير القانون الدولي المعتمد منذ فترة طويلة المتعلق بالحصانة السيادية".

وأضاف أن "رئيس الولايات المتحدة لديه مخاوف جدية بأن يجعل هذا القانون الولايات المتحدة عرضة لأنظمة قضائية أخرى حول العالم"

وأكد "أرنست" أن "الرئيس يعتزم فعلاً استخدام الفيتو ضد هذا القانون"، وأضاف "هذه ليست طريقة ناجعة للرد على الإرهاب".

وأوضح: "قلقنا لا ينحصر بالتداعيات التي يمكن أن تنجم عن هذا (القانون) على علاقتنا بدولة واحدة وإنما بدول العالم أجمع"، مشيراً إلى أن القانون يضع العسكريين والدبلوماسيين الأمريكيين في الخارج في وضع حساس إذ يسقط عنهم الحصانة التي يتمتعون بها حالياً ويجيز تالياً مقاضاتهم.

وعن هذا الاتفاق قال الخبير القانوني "أنطوان سعد" إن هذا القانون "ليس جديداً تماماً"، إذ أن بعض الدول تقدمت بمقترحات أو قوانين تعطي نفسها صلاحيات قضائية يتجاوز النطاق الجغرافي للبلد. مثل السلطة التشريعية في بلجيكا من أجل محاكمة "أرئيل شارون"، كذلك اسبانيا عندما أعطت لقضائها صلاحية لمحاكمة "بينوشيه"، وأيضاً الولايات المتحدة عندما أصدرت مراسيم تصنف أشخاص بأنهم إرهابيين.

ويرى "أنطوان" أن هذا القانون لا يشكل خطراً كبيراً على السعودية إذ أنه يمكن من ملاحقة أشخاص فقط على خلفية هجمات 11 سبتمبر إذا ثبت تورطهم في الهجمات وذلك إذا ما ثبت أن له علاقة بإحداث 11 سبتمبر. وليس الدولة السعودية أو النظام أو حتى جمعية أو حزب، فالحكومات منذ 11 سبتمبر قد تغيرت وفقاً للخبير في القانون الدولي.

من جهته يرى المحلل السياسي "خالد الصفوري" بأن الرئيس الأمريكي "باراك أوباما" غير قادر على وقف مشروع القانون عبر الفيتو، وقال إن الحل يكمن في إيجاد تشريع مشابه لموضوع القدس في عهد "جورج بوش" وذلك بإعطاء الرئيس المنتخب والحالي صلاحية لتأجيل تنفيذ هذا القانون 6 أشهر ويعاد تمديده كل ستة أشهر.

وقال "الصفوري" إن "جورج بوش" لم يستطع وقف القانون بالفيتو فاتفق مع الكونغرس على هذه الآلية.

وينص بنود قانون "العدالة ضد الإرهاب" على إزالة الحصانة السيادية لمقاضاة حكومات الدول المتهمة بالإرهاب، والسماح لأقارب الضحايا بمقاضاة حكومات هذه الدول، وكذلك مواصلة النظر في القضايا المرفوعة أمام المحكمة الفيدرالية في نيويورك بخصوص بحث أي دور للحكومة السعودية في الهجمات.

وكان 15 من 19 شخصاً خطفوا الطائرات التي استخدمت في اعتداءات 2001 من السعوديين. وعارضت الحكومة السعودية، حليفة الولايات المتحدة، بشدة تبني هذا القانون.

كما أن زكريا موسوي الذي يعتقد انه الخاطف العشرين للطائرات في الاعتداءات، قال لمحامين أمريكيين إن أفراداً في الأسرة الملكية السعودية قدموا ملايين الدولارات لتنظيم القاعدة في تسعينات القرن الماضي.

ونفت السفارة السعودية ما ذكره موسوي. لكن الاتهامات أحيت جدلاً حول نشر 28 صفحة من تقرير لجنة حول الاعتداءات. كما أنه لم يثبت أي ضلوع رسمي للسعودية في الهجمات التي تبناها تنظيم القاعدة، كما أنها ليست مصنفة ضمن الدول الراعية للإرهاب.

كما نشرت صحيفة "ذي اندبندنت" البريطانية تقريراً تناول علاقة تربط أموال زوجة الأمير السعودي بندر بن سلطان وهجمات "11 سبتمبر". وأشارت الصحيفة إلى أن سعودياً يدعى أسامة بسنان، كان يعيش في سان دييغو إبان الهجمات، أمضى وقتاً مع المنفذين، نواف الحامزي وخالد المحضار. وأضافت أن بسنان تلقى حوالى 75  ألف دولار من الأميرة هيفاء زوجة الأمير بندر بن سلطان، السفير السعودي في الولايات المتحدة وقتها.

من جهتها أعربت دول مجلس التعاون الخليجي عن "بالغ قلقها" من القانون. ونقلت وكالة الأنباء السعودية (واس) تصريحات الأمين العام للمجلس عبد اللطيف الزياني الذي أكد ان "دول المجلس تعتبر هذا التشريع الأمريكي متعارضاً مع أسس ومبادئ العلاقات بين الدول، ومبدأ الحصانة السيادية التي تتمتع بها الدول".

وأعرب عن "تطلع دول المجلس إلى أن لا تعتمد الولايات المتحدة الأمريكية هذا التشريع الذي سوف يؤسس لسابقة خطيرة في العلاقات الدولية".

ويرى الصفوري أنه سيكون من الصعب على المملكة أن تضع موارد للحرب على الإرهاب في حال قامت أمريكا بملاحقتها. ووفقاً للمحلل السياسي فإنه "قبل 25 سنة حاولت العراق وإيران الضغط على أمريكا من خلال استبدال العملة المتداولة في اوبك وهي الدولار، إلا أن السعودية رفضت ذلك وقتها وحمت الدولار"، وقال: "السعودية تستطيع أن تفعل الشيء نفسه، وأن تلوح بعصا أطول".

ووفقاً للخبير القانوني "أنطوان سعد" فإنه يمكن للسعودية إذا ما شعرت أن القانون يأتي في إطار الضغط على النظام أن تلجأ للجنائية الدولية، كما يمكنها أن تقر قانوناً مماثلاً لمحاسبة الولايات المتحدة عن مسؤوليتها عن الهجمات التي حصلت في ليبيا والعراق ويوغسلافيا، وتسببها بجرائم جماعية بحسب وصف الخبير القانوني.

وكانت صحيفة الشرق الأوسط اللندنية قد هاجمت القرار ووصفته في عددها الصادر اليوم 16 سبتمبر/ أيلول 2016 أنه "إعلان حرب ناعمة" من قبل الولايات المتحدة موجه ضد المملكة العربية السعودية، ونشرت الصحيفة "الحقيقة أن السعودية تواجه حرباً ناعمة (...) ومسؤولية المملكة كبيرة في مواجهة هذه الحرب الناعمة والظالمة، وقد آن الأوان لعاصفة حزم سياسية ودبلوماسية وإعلامية تواكب الحزم الأمني في الداخل في مواجهة الإرهاب العسكري في الخارج وفي مواجهة رعاته مجدداً".

من ناحيتها كتبت صحيفة واشنطن بوست على موقعها الالكتروني أن "هذا القانون يناقض القانون الدولي المبني على احترام الدول". وقالت الصحيفة "للأسف، لقد صوت مجلس الشيوخ ومجلس النواب بالإجماع على إضعاف هذا المبدأ لتحقيق عدالة مزعومة لأهالي ضحايا أمريكيين".

ورأت الصحيفة الأمريكية "أنه ما من أساس لأي تواطؤ سعودي رسمي لهجمات 11 سبتمبر2001 ووصفت الاتفاق بأنه مؤذ للولايات المتحدة، ولعلاقاتها مع حلفائها".