مصارف النظام تستفيد من الإيداعات لرفد خزينتها بالدولار


حقق نظام الأسد استفادة مادية كبيرة من الأموال المودعة من قبل المواطنين السوريين في بنوكه، عبر أخذ هذه الإيداعات وتحويلها مباشرة إلى العملة الصعبة “الدولار خصوصاً” ليستفيد من الانخفاض المستمر لليرة السورية مقابل الدولار، التي انخفضت بمعدل 11 ضعفاً خلال مسيرتها في السنوات الخمس الفائتة، من 47 إلى 530 ليرة سورية.

 

ادعم الليرة بوديعة

 

أطلق النظام سلسلة حملات لدعم الليرة السورية، عبر حملاتٍ إعلامية ضخمة، يدعو فيها السوريين المقيمين في مناطقه لوضع ما لديهم من نقود سورية في مصارفه؛ ما يساهم بزيادة الاحتياطي النقدي وتحسّين سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار، حيث لعبت هذه الحملات على الاستمالات العاطفية للسوريين، والخطر من انهيار الليرة وبالتالي انهيار البلاد.

 

ويؤكد الباحث المتخصّص بشؤون الاقتصاد ياسر عوض لـ”صدى الشام”، أن “هذه المعادلة الاقتصادية صحيحة، وأن سك الأموال في المصارف يضخّم احتياطي الليرة السورية وبالتالي يحسّن من قيمتها أمام الدولار”.

 

حوّل النظام أموال الودائع إلى الدولار، ومنع المودعين من سحبها كاملةً ليستفيد من انخفاض قيمتها أمام الدولار قدر الإمكان

 

ويضيف عوض: “لكنَّ هذا الإجراء لم يتم بالفعل، فالنظام أخذ هذه الأموال وحوّلها إلى الدولار، ومنع المودعين من سحبها كاملةً ليستفيد من انخفاض قيمتها أمام الدولار قدر الإمكان”.

 

وأوضح أنه “إذا انخفضت قيمة العملة السورية بمعدّل 100 ليرة خلال 6 أشهر، فإن النظام كسب من كل دولار واحد 100 ليرة كاملة، ليعيد للمودعين عملتهم بقيمة أقل”.

 

سحب الودائع متأخر

 

وقال شادي، أحد الأشخاص الذين تورّطوا بوضع الودائع في بنوك النظام، لـ”صدى الشام”، أن “طوابيرَ كبيرةً تقف أمام المصارف السورية، ومنها العقاري والتجاري والتسليف الشعبي، لسحب ودائعهم بعد إدراكهم أن الأموال التي أودعوها في المصارف فقدت كمية كبيرة من قيمتها».

 

وأضاف شادي “كان لدي مليون و700 ألف ليرة كنتُ قد قبضتُها ثمن بيع حصّتي من منزل ورثناه بمنطقة الزاهرة”، موضحاً أنه وضع المبلغ قبل 14 شهراً في البنك العقاري القريب من فندق الشام وسط العاصمة، بعد أن سمع بمزايا الإيداع، ولعدم امتلاكه مكاناً آمناً يضع فيه الأموال.

 

خسر شادي حوالي 35% من قيمة هذا المبلغ بسبب انخفاض الليرة السورية بهذه الفترة أمام الدولار بنسبة 35%.

 

وتورطت أم أحمد بإيداع 850 ألف ليرة في نهاية آب من العام الماضي بالمصرف التجاري. وتقول أم أحمد لـ”صدى الشام” أن “أقاربها نصحوها بشراء الذهب، كون سعره ثابت ويضمن القيمة النقدية لأموالها”، غير أنها اقتنعت بحملة لدعم الليرة السورية ووضعت المبلغ في المصرف.

 

وما بين آب 2015، وآب 2016 ارتفع سعر الذهب حتى الضعف وخسرت المرأة نصف قيمة أموالها، وفق ما توضح.

 

تجاوزت قيمة الودائع في مصارف سوريا 300 مليار ليرة سورية، وإذا كانت قد خسرت 20% من قيمتها، فتكون أرباح النظام من هذه الودائع قد بلغت 600 مليون ليرة، إلا أن نسبة الخسارة كانت أكبر بكثير من هذا الرقم.

 

تحديد الودائع

 

تجاوزت قيمة الودائع 300 مليار ليرة سورية، فيما بلغ حجم سحوبات الودائع بعد انهيار الليرة بمعدل 9 ملايين ليرة سورية يومياً، معظمها من أفرع المصرف التجاري السوري، وفق ما نقلت وسائل إعلامية اقتصادية عن موظف في البنك التجاري.

 

وأضاف الموظف الذي لم يفصح عن اسمه أن السحوبات الكبيرة للسيولة من المصرف التجاري استدعت المركزي قبل أشهر لاتخاذ قرار بتحديد سقف هذه السحوبات بما لا يزيد عن 200 ألف ليرة يوميّاً فقط للمودع الواحد، مهما بلغ حجم الأموال التي أودعها.

 

بمعنى آخر، إن المواطن الذي أودع 50 مليون ليرة لا يستطيع أن يسحب أكثر من 200 ألف ليرة يوميّاً “حوالي 380 دولار”.

 

وفي حال افترضنا أن الودائع البالغ حجمها 300 مليار ليرة قد خسرت 20% من قيمتها، فتكون أرباح النظام من هذه الودائع قد بلغت 600 مليون ليرة، إلا أن نسبة الخسارة كانت أكبر بكثير من هذا الرقم.