كيف تتحقق من صحة الصور والفيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي؟
17 أيلول (سبتمبر - شتنبر)، 2016
الإشاعات والأخبار الكاذبة انتشرت بشكل كبير على مواقع التواصل الاجتماعي في الآونة الأخيرة. خاصة تلك المتعلقة بالمهاجرين والحرب في سورية.
وغالبا تأتي المعلومات المغلوطة على شكل صور وفيديوهات مفبركة. ولسوء الحظ، وسائل الإعلام لا تملك دائماً الإمكانيات للنزول إلى الميدان والتحقق من الصور المتداولة على مواقع التواصل الاجتماعي. لكن هناك ثمة تقنيات تساعد الصحفي على التدقيق فيها.
الإشاعات والأخبار الكاذبة لم تظهر مع ظهور الإنترنت، كما أن التلاعب بالصور لم يبدأ مع ظهور فوتوشوب وتويتر. فهذه الممارسات قديمة قدم التاريخ.
القادة السوفيت مثلا كانوا معتادين على إخفاء السياسيين الذين يتم إقصاؤهم من السلطة من الصور الرسمية. الأمر الذي تغير منذ تلك الفترة، هو أن الترويج للأخبار الكاذبة أصبح اليوم في متناول الجميع.
مواقع التواصل الاجتماعي أتاحت فضاء واسعاً لأنصار نظريات المؤامرة. والأهم بالنسبة لأصحاب نظريات المؤامرة هو زرع الشك في العقول والطعن في مصداقية الصحفيين.
قناة “فرانس 24” تقدم إرشادات مستوحاة من تجربة صحفييها في قسم “مراقبون”، المتخصصين في مجال التحقق من الصور والمعلومات منذ 8 سنوات.
1 ـ هل يمكن التأكد بنسبة 100 بالمئة؟
قبل الخوض في تفاصيل عملية التحقق، تجدر الإشارة إلى أنه لا يمكنك دائماً إثبات أن الصورة التي أنت بصدد التدقيق فيها كاذبة 100 بالمئة.
يمكنك مثلاً أن تكتشف أن تاريخ التقاطها خاطئ، أو أن بعض تفاصيل الصورة لا تتناسب مع التوصيف المدرج أسفلها. فعملية التحقق غالباً تساعد الصحافي في اتخاذ قرار نشر الصورة من عدمه. يمكنك مثلاً اتخاذ قرار بنشر صورة لا تعرف تاريخ التقاطها، لكنك متأكد من أن المشهد أو الحادثة حقيقية.
2 ـ تقنيات التحليل وعملية التقصي
عملية التحقق من صحة الصور تحتاج إلى نوعين من المهارات: تقنيات التحليل التي تسمح لك باستخراج البيانات الخفية للصورة أو الفيديو، وتطبيق تقنيات البحث والتقصي الصحفي التقليدية على مواقع التواصل الاجتماعي. في البداية، نقدم لك بعض الأدوات البسيطة التي نستعملها في التحقق من صحة الصور والفيديوهات.
ـ تاريخ التقاط الصورة: عملية تركيب الصور أو الفيديوهات بشكل مقنع وقابل للتصديق ليست أمراً سهلاً. وعملية تعديل الصور وتركيبها قد يكون معقداً جداً في بعض الأحيان.
فبعض المخادعين يلجؤون إلى “تقنية” بسيطة جداً لتضليل رواد الإنترنت. ينشرون صور قديمة على مواقع التواصل الاجتماعي ويقومون بعزلها عن سياقها الأصلي وربطها بأحداث أخرى.
ـ غوغل صور: لمعرفة ما إذا كانت الصورة أرسلت إليك حصراً أو منقولة من أحد المواقع الإلكترونية، قم بتحميلها على محرك البحث Google image أو Tineye..
“غوغل صور” أداة مفيدة، لكنها ليست صالحة لكل الحالات، فهي لا تتيح لك العثور على جميع الصور المنشورة على الإنترنت.
هناك أدوات أخرى يمكن أن تساعدك في عملية البحث. منظمة العفو الدولية مثلاً قامت بتطوير أداة تسمح لك بالعثور على جميع المواقع التي يظهر فيها الفيديو الذي أنت بصدد التقصي فيه. يمكنك تجريب الأداة على هذا الرابط.
في حال تم نشر الفيديو الذي تود التحقق منه في تاريخ غير التاريخ المعلن عنه في وسائل الإعلام، فالأداة ستكتشف ذلك. لكن إذا قام أحدهم بتعديل الفيديو ولو بشكل طفيف، حذف بضع الثواني منه مثلاً، فالأداة ستكون عاجزة عن العثور عليه.
ـ بيانات EXIF: هي مواصفات لملفات الصور تستخدمها الكاميرات الرقمية. عند التقاط صورة ما عن طريق آلة تصوير أو هاتف ذكي، الصورة تحتفظ ببيانات “خفية” تحمل معلومات عنها، كتاريخ التقاطها ونوع الكاميرا.
لاستخراج بيانات صورة ما، انقر على الصورة بالزر اليمين، ثم على خصائص الصورة.
كذلك يمكنك استخراج هذه المعطيات باستخدام البرنامج Jeffrey’s Exif viewer. لاستخراج البيانات، قم بتحميل الصورة أو إنسخ وألصق رابطها على هذا الموقع.
بيانات Exif وحدها غير كافية للتحقق من صحة الصور. غالباً ما تختفي هذه البيانات عندما يتم نشر الصورة على مواقع التواصل الاجتماعي.
هذه البيانات تختلف كذلك عندما يتم تعديل الصورة ببرنامج فوتوشوب. عندما تود التحقق من صورة ما، حاول دائماً الحصول على النسخة الأصلية لها. ننوه هنا أن الصورة لا تفقد بياناتها إذا تم إرسالها إليك عن طريق البريد الإلكتروني مباشرة دون نشرها على الإنترنت.
يجدر كذلك الذكر أن بيانات Exif غير موثوق بها مئة بالمئة. فهذه المعطيات قابلة للتغيير والتعديل. يمكن لأي شخص ينوي تضليلك، تغيير تاريخ التقاط الصورة أو مكان التقاطها .
ـ تحديد الموقع الجغرافي (geolocalisation): بعض المتحايلين على النت يقومون بنشر صور على مواقع التواصل الاجتماعي ويربطونها بحدث وقع في بلد ما بينما هي في الحقيقية ملتقطة في بلد آخر.
لتفادي الوقوع في مثل هذه المغالطات، أصبح الصحفيون اليوم يستعملون أدوات تحديد الموقع الجغرافي. ويوجد العديد من الأدوات على النت تتيح تحديد الموقع الجغرافي للتغريدات، والتأكد مما إذا كان المغرد قريب من مكان الحدث أم لا. ومن بين هذه الأدوات : Yomapic وEchosec و Gramfeed و SAM Desk و Geofeedia
ولمعرفة مكان نشر تغريدة ما، يمكنك أيضاً الاستعانة بخاصية البحث المتقدم على تويتر.
تجدر الإشارة إلى أنه يمكن لمستخدمي “تويت ديك”، وهو برنامج خاص بتصفح حسابات تويتر وإدارتها، الاستعانة بتقنية geocode لتحديد الموقع الجغرافي للصورة. شرح استخدام البرنامج (متاح هنا ( بالإنكليزية.
كما ذكرنا سالفا، البرامج والأدوات وحدها لا تكفي للتحقق من صحة الصور. بل يتعين عليك كذلك الاستعانة بالعين المجردة لكشف الصور المفبركة.
3 ـ غوغل خرائط وغوغل إيرث وستريت فيو
للتحقق من صحة أي فيديو أو صورة، يجب التدقيق في التفاصيل، والانتباه مثلاً إلى الملابس، الهندسة المعمارية، الطقس، اللهجة، الخ.
لكن يمكنك أيضاً استعمال بعض الأدوات للتحقق مما إذا تم التقاط تلك الصورة أو الفيديو في المكان المزعوم.
أدوات غوغل خرائط وغوغل إيرث وستريت فيو مفيدة كثيراً، لأنها تسمح بعرض صور بانورامية للشوارع وتقدم أبعاد وتضاريس أي منطقة على سطح الأرض.
برامج غوغل خرائط وغوغل إيرث غالباً ما يتم استخدامها في عمليات تقصي متقدمة. مجموعة Bellingcat المتخصصة في هذا المجال تستعملها كثيراً للتحقق من المواقع الجغرافية عندما تكون مرتبطة بحدث أو خبر ما. وغالباً ما يدعو أصحابها رواد الإنترنت إلى المشاركة في هذه التحقيقات.
4 ـ من هو الناشر؟
عندما تكون بصدد التأكد من صحة فيديو ما، يتعين عليك مراجعة سجل التاريخ التابع للشخص الأول الذي نشره على الإنترنت.
هل ينشر فيديوهات بطريقة منتظمة؟ هل جميع الفيديوهات التي نشرها هي من نفس المنطقة؟ عملية التحقق البسيطة هذه هي وسيلة لربح الوقت إذ تسمح لك بمعرفة ما إذا كان الناشر يتمتع بمصداقية أو إذا كان من أنصار نظريات المؤامرة.
5 ـ التحقق على مواقع التواصل الاجتماعي
للتحقق من صحة الفيديوهات والصور، ننصحك أيضاً بالتعاون مع مرتادي مواقع التواصل الاجتماعي لأن ذلك يضاعف من حظوظك في العثور على أجوبة لتساؤلاتك.
لا تنسى أن تلقي نظرة على التعليقات المنشورة بتويتر وفيس بوك، أحد مرتادي النت قد يكون وجد أصل الصورة المفبركة التي بين يديك.
وتجدر الإشارة إلى أن مواقع التواصل الاجتماعي تتحدث جميع اللغات. لذلك لا تتردد في طلب المساعدة من رواد النت إذا كان موضوع بحثك يتطلب مهارات في لغات لا تتقنها. استعمل مواقع التواصل الاجتماعي مثلاً لطلب ترجمة توصيف الصورة التي تود التحقق منها.
6 ـ قم بتطوير شبكتك الخاصة
فريق تحرير مراقبون – فرانس 24 قام بإنشاء شبكة “مراقبين” في العام 2007 هذه الشبكة أصبح عدد أعضاؤها اليوم يفوق 6000 ستة آلاف عضواً.
هؤلاء المراقبون يشاركون يومياً في تغطية الأحداث، وبفضل مساعدتهم أصبح باستطاعتنا الـتأكد من صحة الأخبار في وقت سريع.
تحدثنا طويلاً عن تقنيات تحليل الصور وعن التقصي الصحفي، لكن ماذا عن الفطرة الصحفية؟ في بعض الحالات قد تكون الفطرة مفيدة جداً.
وللأسف أصبح أصحاب الدعاية يلجؤون أكثر فأكثر إلى الصور والفيديوهات الكاذبة للترويج لمنتجاتهم. عندما تؤدي عملك الصحفي، لا تنسى أن العديد من الجهات تسعى إلى تضليلك لأن ذلك يخدم مصالحها. هذه الجهات قد تكون دولاً أو أصحاب نظريات المؤامرة أو حتى أحياناً أشخاصاً يتمتعون بحسن النية.
فالمنظمات الحقوقية والنشطاء النزهاء قد ينقلون لك أخباراً أو صورا كاذبة عن غير قصد. لذا فالمطلوب منك دائماً التشكيك في صحة الصور والفيديوهات، مهما كان مصدرها.