‘محمد زاهد غول يكتب: أهداف الاتفاق الروسي الأمريكي في سوريا’

18 سبتمبر، 2016

محمد زاهد غول

منذ أن وقع وزير الخارجية الأمريكي جون كيري ونظيره الروسي سيرغي لافروف اتفاقاً يهدف إلى إرساء هدنة سورية بين نظام بشار الأسد وفصائل المعارضة أثيرت الشبهات حول الاتفاق، ومن سيخرج منه رابحاً، وبتعبير أصح من سيخرج منه خاسراً.

وحيث أن روسيا بعد أيام من توقيعه أخذت تهدد بنشر البنود السرية للاتفاق، فإن ذلك يعني أن البنود المعلنة غير صحيحة أو ناقصة، وهذا يكشف عن خبايا وخفايا يحاول الطرفان الأمريكي والروسي إخفاءها دفعاً للحرج، أو لإبقاء الموقف الأمريكي غير واضح أو معلن أمام المعارضة السورية، بل حول الأزمة السورية كلها.

بداية وصف كيري الاتفاق الذي أعلن الوزيران توقيعه فجر 10 سبتمبر/أيلول 2016 في جنيف بأنه سيكون “منعطفاً مصيرياً” إذا التـُزم به، بينما قال لافروف إنه خلاصة “عمل ضخم”، وعند النظر في بنوده فإن أول ما يظهر أن الاتفاق عسكري محض، وقد تم تزيينه بقصة المساعدات الإنسانية لتمريره أمام الرأي العام، وبنوده المعلنة تؤكد ذلك فكيف بالبنود السرية أيضاً.

أما البنود المعلنة فهي:

1 ـ يمتنع النظام السوري عن القيام بأي أعمال قتالية في المناطق التي توجد فيها المعارضة المعتدلة، والتي سيتم تحديدها بدقة وفصلها عن المناطق التي توجد فيها جبهة فتح الشام (أو جبهة النصرة سابقاً).

2 ـ وقف كل عمليات القصف الجوي التي يقوم بها النظام في مناطق أساسية سيتم تحديدها، وبالخصوص وقف القصف بالبراميل المتفجرة واستهداف المدنيين.

3 ـ على المعارضة أن تنضم إلى اتفاق وقف الأعمال القتالية.

4 ـ يمتنع الطرفان عن شن هجمات ومحاولة إحراز تقدم على الأرض على حساب الطرف الملتزم بوقف إطلاق النار.

5 ـ إدخال مساعدات إنسانية إلى المناطق المحاصرة والتي يصعب الوصول إليها، بما فيها حلب.

6 ـ ينسحب الطرفان من طريق الكاستيلو شمالي مدينة حلب الذي يعتبر طريق إمداد رئيسياً، وإيجاد منطقة منزوعة السلاح في محيطها. كما يتعهد الطرفان بالسماح بعبور المدنيين والمساعدات والحركة التجارية عبر منطقة الراموسة جنوب غربي حلب.

7 ـ يبدأ العمل في 12 سبتمبر/أيلول (2016) على إقامة مركز مشترك للتحقق من تطبيق الهدنة، وتشمل التحضيرات تبادل المعلومات وتحديد مناطق وجود كل من جبهة النصرة والمعارضة. ويعتبر هذا التحديد “أولوية أساسية”.

8 ـ بعد مرور سبعة أيام على تطبيق وقف الأعمال القتالية وتكثيف إيصال المساعدات، تبدأ الولايات المتحدة بالتعاون مع الروس العمل على هزيمة تنظيم الدولة وجبهة فتح الشام، ويتم تنسيق ضربات جوية مشتركة بين روسيا والولايات المتحدة.

9 ـ تنحصر العمليات الجوية في المناطق التي سيتم تحديدها للعمليات المشتركة الروسية الأمريكية في الطيران الروسي والأمريكي، ويمنع على أي طيران آخر التحليق فيها.

10. يطلب الاتفاق من فصائل المعارضة النأي بنفسها كلياً عن جبهة فتح الشام وتنظيم الدولة.

11 ـ ينص الاتفاق على أن تمارس موسكو ضغوطاً على النظام السوري لوقف النزاع والمجيء إلى طاولة المفاوضات. كما ستضغط واشنطن على أطراف المعارضة.

12 ـ التوصل نتيجة لكل ذلك إلى عملية الانتقال السياسي التي هي “الوسيلة الوحيدة لإنهاء هذه الحرب بشكل دائم”.

هذه بنود الاتفاق المعلنة وهي بنود تتعلق بالدرجة الأولى بالعمليات العسكرية، ومحورها هو فصل فصيل فتح الشام (جبهة النصرة) عن باقي فصائل الثورة السورية، وهو أمر لا يخلو من خداع واضح، فروسيا لم تكن تفرق في قصفها بين جبهة النصرة وغيرها من الفصائل السورية المعتدلة في السنة الماضية فما الحاجة للتفريق الآن؟

الأرجح أن روسيا تريد أن تلزم أمريكا بأن على المعارضة السورية المعتدلة فصل نفسها عن العمليات بل عن المواقع التي تتواجد فيها جبهة النصرة باسمها القديم أو الجديد، وعليه فإن الاتفاق لا علاقة له بالحل السياسي في سوريا، فهو اتفاق عسكري أمني بين روسيا وأمريكا، واتفاق يهدف إلى التفريق بين فصائل الثورة السورية لإحباط الثورة السورية، فليس من ضابط على أن القصف الروسي سوف يستهدف طرفاً دون طرف.

واختيار فتح الشام للفصل عن غيرها والاتفاق على استهدافها، لأن روسيا فشلت حتى الآن في القضاء عليها رغم محاولتها خلال سنة كاملة، وبالتالي فإن روسيا تطلب المساعدة الأمريكية للقضاء على فتح الشام، ولأحقية طلب روسيا هذا الطلب من أمريكا أو من البنتاغون هو أن أمريكا هي التي طالبت روسيا بالشروع بالأعمال العسكرية قبل سنة للقضاء على الفصائل المسلحة المعارضة للحل السياسي؛ فالدور الروسي في سوريا متفق عليه مع أمريكا بل هو لوظيفة أمريكية، وأمريكا تريد من روسيا أن تبقى متورطة عسكرياً في سوريا، ولذلك ليس من مصلحة أمريكا ولا البنتاغون القضاء على “فتح الشام”، ليس محبة بها، وإنما لإرهاق روسيا على أقل فائدة، فضلاً عن إرهاق إيران وبشار الأسد، وبقاء سوريا في حالة حرب متواصلة.

روسيا فرحت على بنود في الاتفاق تحيي سلطة بشار الأسد، ولكنها لا تدرك أن ذلك لمواصلة الحرب في سوريا، وليس لتمكين روسيا من إحلال الحل السياسي الذي يضمن مصالحها الروسية، ولذلك لا أمل لهذا الاتفاق بالنجاح، وكان الأولى أن ينجح الاتفاق الذي وقع في شهر فبراير/شباط الماضي، والذي أقرته الأمم المتحدة ومجلس الأمن، فيما سمي اتفاق وقف الأعمال العدائية في سوريا.

إن الاتفاق والهلع الروسي لتنفيذه والتهديد بكشف بنوده السرية لإحراج أمريكا هو دليل على الحرج الذي وقعت فيه روسيا في سوريا، فروسيا تحاول الضغط على أمريكا لمساعدتها في سوريا، وكذلك تفعل روسيا مع تركيا بعد أن فقدت الأمل بقدرة إيران أو مليشيات الحرس الثوري ومليشيات حزب الله اللبناني من إنقاذها في سوريا.

لذلك تجري روسيا اتصالاتها العسكرية مع تركيا لإقناعها بجدوى الرؤية الروسية للحل في سوريا، وهي على استعداد أن تقدم لتركيا تنازلات في تحسين العلاقات والتوافق على متطلبات الأمن القومي التركي شمال سوريا، بعد أن عبثت فيه أمريكا بدعمها لقوات حماية الشعب الكردية، وهذا بلا شك سوف يفتح آفاق اتفاق روسي تركي حول حل الأزمة السورية طالما أن أمريكا تعمل لاستدامتها إلى أطول مدى زماني ومكاني.

إن الاتفاق الروسي الأمريكي الحالي لن يغير شيئاً على الأرض، واعتبار من لا يرضى بالحل السياسي الذي ترسمه روسيا وأمريكا من المعارضة السورية سوف يصنف كفصيل إرهابي لا جديد فيه، وتهديدات المندوب الأمريكي، راتني، للمعارضة السورية بقوله: “من يعرقل الهدنة ستكون نهايته وخيمة”، هو تهديد سيؤدي إلى مزيد من قتل أبرياء الشعب السوري، ولن يساعد على حل سياسي، فالاتفاق ابتزاز روسي على أمريكا، وأمريكا سوف تبقى على تشجيعها على القتال والقتل، ولكنها لن تساعد روسيا على الحل، بل تعمل ضد نجاح روسيا، وروسيا تريد أن تلزم أمريكا بالعمل معها، أو على الأقل الالتزام إعلامياً بأنها متفقة مع روسيا في سوريا، لأن روسيا تريد أن تظهر نفسها داخل روسيا أنها على اتفاق مع أمريكا وليست ضدها؛ لأن دخول روسيا في حرب في سوريا وهي مختلفة أو معارضة لأمريكا سوف يحرج بوتين في روسيا، يقلب الأمور على جدوى حربه هناك وقدرته على الفصل فيها لمصلحة روسيا أيضاً!

المصدر: الخليج أون لاين

محمد زاهد غول يكتب: أهداف الاتفاق الروسي الأمريكي في سوريا على ميكروسيريا.
ميكروسيريا –

أخبار سوريا ميكرو سيريا

18 سبتمبر، 2016