تمضي حياتها مشدودة الوثاق إلى جدار مسكنها في مخيم بإعزاز...ما حكاية الشابة أمل؟


لم تدع الحرب السورية جانباً من جوانب الحياة إلا وتركت بصماتها عليه، وتقدم أسرة الفتاة "أمل غانم" مثالاً على ذلك، فكما لو أن رعب القصف الذي تعرضوا له في حلب، والاضطرار للعيش في مخيم، لم يمنحهم رصيداً كافياً من المعاناة، اضطرت الأم خلال السنوات الثلاث الماضية، إلى ربط الابنة "أمل" بالحبال لمنعها من إيذاء نفسها والمحيطين بها.

يبدو منظر "أمل غانم" (18 عاماً)، غريباً في مخيم "ضاحية الشهداء" بمدينة أعزاز السورية الحدودية، فمن يراها وهي تجلس على الأرض أمام مسكن أسرتها في المخيم، لا يلاحظ للوهلة الأولى أنها فتاة بسبب شعرها القصير، وعندما يقترب أكثر يفاجئ بأن يداها وإحدى قدميها مربوطة في جدار المسكن.

"أمر صعب جداً أن تقوم أم بربط ابنتها بهذه الطريقة، لكنني اضطررت لذلك"، هكذا تحدثت بأسى، الأم عبير، مضيفةً أنها أُجبرت على ربط ابنتها، التي تعاني من خلل نفسي، بهذه الطريقة لمنعها من إيذاء نفسها ومن إيذاء أطفال المخيم.

وأوضحت الأم أن مشكلة ابنتها تعود لسنوات طويلة إلا أن الحرب السورية فاقمت من حدتها.

وأصيبت أمل بحمى شديدة عندما كان عمرها عاماً واحداً، ما أدى إلى تأخر في نموها، اضطرها إلى المداومة على تناول علاج يمنع زيادة تأخر حالتها، وعندما كانت أمل في الخامسة من عمرها، دخل والدها السجن عقاباً على جريمة ارتكبها لتبقى الأسرة بلا عائل.

ومع اشتداد القصف على حلب، لجأت الأم عبير مع أمل وابنة ثانية لها إلى مدينة أعزاز الحدودية، قبل ثلاث سنوات، وأقمن في مخيم "ضاحية الشهداء" المخصص للأرامل والشهداء، وأدى ذلك إلى انقطاع أمل عن العلاج وهو ما زاد حالتها سوءاً.

وقالت عبير إن ابنتها بدأت أولاً بإيذاء الأطفال في المخيم، وهو ما دفعها لربطها من قدمها حتى لا تتمكن من الابتعاد عن المنزل، إلا أنها بدأت بعد ذلك في ضرب رأسها بقوة بيديها، وهو ما اضطرها إلى ربط يديها أيضاً.

مرت ثلاث سنوات على أمل وهي على تلك الحال، لا تقوم والدتها بفك وثاقها إلا عند إطعامها أو عند مساعدتها على قضاء احتياجاتها الشخصية، تفعل ذلك والأمل يراودها في أن يأتي اليوم الذي يمد فيه أحدهم يد المساعدة لها لاستكمال علاج ابنتها، ويعفيها من الألم الذي يعتريها وهي تضطر لربط ابنتها بنفسها.