‘“التهجير القسري” سياسة النظام الأخطر ضد المدن الثائرة’

20 سبتمبر، 2016

مظاهراتٌ فمعاركُ فحصارٌ فتجويعٌ فتهجيرٌ ثم تفريغ.. هكذا ينتزع النظام السوري المدن والبلدات الثائرة ضدّه واحدةً تلو الأخرى، بعد أن شرع باستخدام تكنيكٍ جديد في معاركه ضد الثوار، عبر فرض الحصار الخانق على المدنيين والمقاتلين في المناطق الثائرة، لإجبارهم على مغادرتها لاحقاً في إطار تسوية يعقدها مع وجهاء هذه المدينة أو تلك.

يندرج هذا الأمر ضمن عملية “التغيير الديموغرافي” التي يحذّر خبراء من أنها ستجتاح سوريا قريباً، عبر توطين مقاتلين موالين لنظام الأسد سواء من جنسيات سورية أو عراقية ولبنانية وإيرانية، وهو ما سيؤدي لفقدان الأهالي الذين غادروا مدنهم حق العودة إليها.

توثّق “صدى الشام” في هذا التحقيق، سلسلة المناطق التي حاصرها النظام إلى حد التجويع الممنهج، ثم فرض تسوية عليها تنص على إخراج أهلها منها.

حمص القديمة أُولى مدن التهجير

بداية التهجير كانت من حمص القديمة، حيث تشير البيانات المعلنة للمكتب المركزي للتعبئة والإحصاء الرسمي، أن عدد سكان المدينة في عام 2010 كان 1.5 مليون نسمة، فيما انخفض هذا العدد اليوم إلى 200 ألف نسمة بحسب تقديرات النشطاء، وسط غياب لأي إحصائية رسمية، أي أن حوالي 80% من سكّان المدينة تم تهجيرهم.

بدأ النظام حلمته العسكرية على حمص، بعد انطلاق الثورة بأسابيع على خلفية خروج مظاهراتٍ بأعدادٍ هائلة حينها. ووثّقت “صدى الشام” سلسلة المجازر التي ارتكبها النظام في المدينة منذ الأسابيع الأولى للثورة وحتى بدء حصار المدينة:

المجزرة                           تاريخها
مجزرة حي الساعة            18 نيسان 2011
مجزرة مقبرة حي النصر      21 أيار 2011
مجزرة حي الخالدية           3شباط 2012
مجزرة بابا عمرو                26 شباط 2012
مجزرة كرم الزيتون والعدوية 11 آذار 2012
مجزرة كرم اللوز                14 آذار 2012
مجزرة حي الشمّاس         15 أيار 2012
مجزرة دير بعلبة               29 كانون الاول 2012

بدأ النظام حصاره على المدنيين والمقاتلين داخل حمص القديمة في 7/6/2012، وانتهى الحصار بتفريغ حمص القديمة من سكانها ومقاتليها في 4/5/2014، وذلك بموجب اتفاق تم التوصل له، أدى لإخراج المقاتلين البالغ عددهم 2250 مقاتلاً، إضافة إلى المدنيين الذين كانوا محاصرين معهم في المدينة.

قزحل وأم القصب والتفريغ المُمنهج

تنتمي قريتا قزحل وأم القصب إلى ريف حمص الغربي، وقد بلغ عدد سكانهما 8 آلاف نسمة، تعرّضت المدينتان لحصارٍ شديد، نتيجة دخول فصائل المعارضة إليهما، وذلك كما حدث في كثيرٍ من المناطق في سوريا.

وبعد فترة من شراسة العمليات العسكرية عليهما، وافق وجهاء قزحل على توقيع “اتفاق” مصالحة من قوات النظام في 12 حزيران الماضي، حيث تم الاتفاق على إيقاف الحصار والعمليات العسكرية والسماح بتنقل الناس بحرّية.

تقول “اللجنة السورية لحقوق الانسان” التي أعدّت تقريراً مفصّلاً عن المدينة إنه بتاريخ 14 حزيران (أي بعد يومين من توقيع الاتفاق)، دخلت مجموعة من قوات الأمن إلى القرى واعتقلت ثلاثة شباب، ما أدى لوقوع اشتباكات بين شباب قزحل وقوات النظام بالأسلحة الخفيفة، فُقتل شابان من القرية واعتُقِل عدة عناصر من قوات النظام المقتحمة.

ردّت القوات النظامية بحملة عسكرية شرسة وضربت طوقاً حول القرى، تشكّل على إثرها لجنة تفاوض ضمّت مدير أوقاف حمص عصام المصري، ورئيس فرع أمن الدولة، حيث تم التوصل إلى اتفاق تعهد فيه النظام بوقف القصف وإخراج المقاتلين من قزحل وأم القصب من طريق آمن مع عائلاتهم بحافلات تحملهم وسلاحهم إلى بلدة الدار الكبيرة الواقعة قرب قزحل، والتي تقع تحت سيطرة الفصائل المعارضة، مقابل تعهّد النظام بعدم الدخول إلى القريتين وعدم المساس بأي شخص يختار البقاء في بيته.

في اليوم التالي أتت الحافلات وخرج ما يقارب الـ 4000 شخص من القرية نحو الريف الشمالي، وما إن خرج المقاتلون وأهاليهم من القريتين حتى دخلت مجموعات للنظام من القرى المحيطة الموالية له، وقامت بعمليات قتل وذبح وسرقة بحق من تبقى في القريتين حيث قدر عدد العوائل المتبقية بـ30 عائلة، بحسب ما أفادت