درع الفرات تواجه اختبارا حاسما في مرحلتها الثالثة


يبدو أن طرد التنظيم من مدينة الباب، وهو الهدف الذي وضعته فصائل المعارضة نصب أعينها كعنوان بارز للمرحلة الثالثة من معركتها درع الفرات، لن يكون بالأمر اليسير، وخصوصاً عند النظر بعين الاعتبار إلى استعدادات التنظيم لهذه المعركة التي ستمهد لإنهاء وجوده في ريف حلب الشمالي بالمجمل.

وكجزء من هذه الاستعدادات للمعركة المرتقبة، بث نشطاء صوراً لخنادق في داخل شوارع مدينة الباب وسط بيوت المدنيين، فيما تحدث آخرون عن حشود ومؤازرات وصفت بـ”الكبيرة” استقدمها التنظيم إلى داخل المدينة

وعلى الرغم من إعلان القادة العسكريين لدرع الفرات عن قرب بدء معركة الباب، فإن التقديرات العسكرية تشير إلى استحالتها بالوضع العسكري الراهن، نظراً لسيطرة التنظيم على بلدات (صوران، دابق، أخترين) استراتيجية غربها.

على الرغم من إعلان القادة العسكريين لدرع الفرات عن قرب بدء معركة الباب، فإن التقديرات العسكرية تشير إلى استحالتها بالوضع العسكري الراهن

وهذا ما بدا واضحاً من خلال سير المعارك خلال اليومين الأخيرين، حيث سعت قوات المعارضة إلى توسيع نطاق سيطرتها على طول المحور الغربي والجنوبي لبلدة الراعي، لتقترب بذلك من قرى وبلدات تعتبر من معاقل التنظيم في ريف حلب الشمالي.

وضمن هذه الظروف الصعبة، أعلنت المعارضة عن سيطرتها على قرى ” طاط حمص وقصاجك وقره غوز وتل شعير وتلعار غربي وشرقي”، وسط أنباء تتحدث عن استماتة في الدفاع يبديها عناصر التنظيم، سيما وأن الخناق بدأ يضيق تدريجياً على التنظيم، مع اقتراب المعارك شيئاً فشيئاً من معاقله الرئيسية في ريف حلب الشمالي.

ويتفق الناطق الرسمي باسم الجبهة الشامية، العقيد محمد الأحمد، مع القراءة التي تذهب إلى تمايز المرحلة الثالثة لدرع الفرات عن مراحلها السابقة، ويذهب في حديثه لـ”صدى الشام” إلى وصفها بـ”المرحلة الحساسة” قائلاً: “الآن نتحدث عن قرى متناثرة، وعن استعدادات للتنظيم بلغت أوجها”، مضيفاً: “لقد سحب التنظيم عناصره من كل المناطق التي طرد منها إلى مدينة الباب، وبالتالي لن تكون المعارك هناك سهلة بالمطلق”.

وينظر إلى هذه المعارك التي ستسبق الوصول إلى مدينة الباب، على أنها “اختبار حقيقي” لدرع الفرات، بعد أن حققت نجاحاً ملحوظاً في المرحلة الأولى، وذلك بالسيطرة على بلدة جرابلس، وبربطها بين جرابلس ومدينة أعزاز في المرحلة الثانية. بالمقابل، يرجح مراقبون عسكريون انسحاب التنظيم من قرى وبلدات الريف الشمالي باتجاه مدينة الباب، خشية وقوع قواته في حالة شبه حصار، وذلك في حال قررت فصائل المعارضة التوجه بخط مستقيم إلى مدينة الباب.

لكن ومن جهة أخرى، يستبعد البعض ذلك، ومن بينهم القيادي في صفوف المعارضة عمر النجار، مبيناً لـ”صدى الشام”، أنه “في حال قرر التنظيم الانسحاب من ريف حلب الشمالي إلى مدينة الباب، فسيكون حينها قد تخلى عن سيطرته على بلدة دابق، والجميع يعلم ما هي أهمية هذه البلدة الرمزية بالنسبة له”، مضيفاً: “من الصعوبة بمكان أن يتخلى التنظيم بسهولة، وأغلب عناصره هم ليسوا بوارد حتى التفكير بالتخلي عن معركة دابق الموعودة، حيث ستدور فيها المعركة المنتظرة”.

وكان لافتاً في هذه المرحلة اللغط الذي أحدثه دخول قوات أمريكية بعدد محدود إلى داخل الأراضي السورية، وما نجم عنه من انسحاب لبعض الفصائل من المعركة، احتجاجاً على ذلك، من بينها “لواء صقور الجبل، والفوج الخامس، ولواء أحرار الشرقية”.

وفي هذا الصدد، قلل المتحدث الرسمي باسم الجبهة الشامية العقيد محمد الأحمد، من تأثير انسحاب بعض الفصائل على سير المعارك، مشيراً إلى الدعم الكبير التركي الذي تتلقاه معركة درع الفرات، مضيفاً بالقول “لدى الفصائل المشاركة أعداد احتياطية كبيرة، بدليل تحرير خمس قرى يوم أمس الأحد”.

حالة من الذعر بدأت تسود أوساط المدنيين في مدينة الباب، دفعت ببعضهم إلى محاولة الخروج عن المدينة تجاه المناطق التي تسيطر عليها قوات المعارضة، غير أن جهودهم اصطدمت بمنع التنظيم

في غضون ذلك تحاول قوات المعارضة التخلص من التبعات السلبية الذي أحدثها الظهور الأمريكي، عبر إعلانها بأنها غير معنية فيه، كما جاء على لسان مدير المكتب السياسي للواء المعتصم مصطفى سيجري، الذي أكد في تصريحات إعلامية، أن الأتراك هم من يتولون عملية التنسيق مع القوات الأمريكية التي دخلت بأعداد محدودة.

من جانب آخر عُلم أن حالة من الذعر، بدأت تسود أوساط المدنيين في مدينة الباب، دفعت ببعضهم إلى محاولة الخروج عن المدينة، تجاه المناطق التي تسيطر عليها قوات المعارضة، غير أن جهود هؤلاء اصطدمت بمنع التنظيم لمحاولاتهم هذه.