اخترق الحكومة السورية وزود إسرائيل بمعلومات أكسبتها حرب 1967.. فيديو جديد لإعدام الجاسوس كوهين.. فمن هو؟


عادت قصة الجاسوس الإسرائيلي "إيلي كوهين" إلى الظهور، بعد نشر فيديو جديد لإعدامه قبل عقود في دمشق، بعدما انكشف أمره في التجسس على الحكومة السورية آنذاك وحصوله منها على معلومات وصفتها إسرائيل بـ"القيمة".

وانتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، مقطع فيديو جديد للجاسوس "كوهين" وهو معلق على حبل المشنقة في ساحة المرجة وسط العاصمة دمشق بتاريخ 17/ 5/ 1965، وعاد معه تداول قصته وكيفية اختراقه الكبير للحكومة السورية حينها.

ويظهر في التسجيل المصور بـ"الأبيض والأسود" الجاسوس "كوهين" وحوله حشود من المشاهدين، ومن ثم وضعه في تابوت بعد تنفيذ الإعدام ونقله في حافلة.

من هو "كوهين"؟

ولد "كوهين" في مصر عام 1924، وانتقل إلى إسرائيل في العام 1957، وفي عام 1960 جنده الموساد الإسرائيلي وأرسله إلى سورية وزوده بهوية مزورة على أنه رجل أعمال من الأرجنتين، وكانت مهمته الأساسية التغلغل في مراكز السلطة بدمشق وهو ما حققه، وفقاً لما ذكرته صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية.

وقال موقع "تايمز اوف إسرائيل"، اليوم الأربعاء، إن كوهين اخترق الحكومة السورية آنذاك تحت اسم أمين ثابت لمدة أربع سنوات. مضيفاً أن رئيس الوزراء الإسرائيلي حينها، ليفي اشكول قال إن "المعلومات الاستخباراتية التي حصلت عليها إسرائيل خلال تلك الفترة ساعدت كثيراً في فوز إسرائيل بحرب 1967".

وعلق موقع "المرصد" الإسرائيلي على الفيديو بالإشارة إلى  أن "كوهين" اعتبر أحد أكبر الجواسيس الإسرائيليين، "وساهمت المعلومات التي نقلها قبل حرب الأيام الستة إلى انتصار إسرائيل في الحرب".

وأشار الموقع إلى أن "كوهين" عمل في صفوف الاستخبارات الإسرائيلية في شهر مايو/ أيار 1960. ومن ثم انضم إلى وحدة 188 التابعة لشعبة الاستخبارات العسكرية، والتي ضُمت لاحقا إلى جهاز المخابرات الإسرائيلي، وأصبحت وحدة العمليات الخاصة "قيسارية"، المحاطة بهالة.

معلومات حساسة

وكتب موقع النصب التذكاري الإسرائيلي Yizkor عن "كوهين" أنه "قدم إيلي إلى مشغليه خلال السنوات التي قضاها في العمل معهم أكثر من 100 برقية تحتوي على معلومات استخباراتية حيوية تتعلق بأمن إسرائيل، حيث تضمنت معلومات استخباراتية سياسية وعسكرية حساسة، وتقارير عن مراكز القوة، والتوظيف، والعلاقات الحزبية الداخلية، والخطط، والصفقات التجارية والتعاون مع النظام السوفييتي، والانتشار العسكري، والتحصينات وأوامر السلطات بشكل عام فيما يخص مرتفعات الجولان على وجه الخصوص"، بحسب ماذكره موقع "هافينغتون بوست".

وفي سيرته على موقع "ويكيبيديا" فإن "كوهين تمكن من إقامة شبكة واسعة من العلاقات المهمة‏‏ مع ضباط الجيش والمسؤولين العسكريين‏.‏ وكان من المعتاد أن يزور أصدقاءه في مقار عملهم‏،‏ وكانوا يتحدثون معه بحرية عن تكتيكاتهم في حالة نشوب الحرب مع إسرائيل‏‏ ويجيبون على أي سؤال فني يتعلق بطائرات الميج أو السوخوي‏،‏ أو الغواصات التي وصلت حديثا من الاتحاد السوفيتي أو الفرق بين الدبابة ت-‏54‏ وت-55 وغيرها من أمور كانت محل اهتمامه كجاسوس".

"وكانت هذه المعلومات تصل أولا بأول إلي إسرائيل‏ ومعها قوائم بأسماء وتحركات الضباط السوريين بين مختلف المواقع والوحدات‏.‏ وفي أيلول/سبتمبر ‏1962‏، صحبه أحد أصدقائه في جولة داخل التحصينات الدفاعية بمرتفعات الجولان‏.‏ وقد تمكن من تصوير جميع التحصينات بواسطة آلة تصوير دقيقة مثبتة في ساعة يده‏‏ أنتجتها المخابرات الإسرائيلية والأمريكية".

"مقاتلاً في دمشق"

وينحدر "كوهين" من عائلة مؤلفة من 6 أولاد، وابنتين، ومن بين أعماله "جلب يهود مصر إلى إسرائيل"، وفقاً لـ"المصدر"، الذي أضاف أن "كوهين حظي بتدريبات صعبة تضمنت، من بين أمور أخرى، تدريبات متابعة وهروب، تصوير، تدريبات لتعزيز الذاكرة، نقل رسائل، استيعاب، تشفير وتحليل، واجتاز تدريباً قصيراً في مجال المواد المتفجرة".

وبحسب الرواية الإسرائيلية "تعلم كوهين أيضا تلاوة آيات القرآن، ودرس معلومات عن سورية، وحسن لهجته، وأطلق شاربه بشكل خاص لينخرط بين السكان السوريين المحليين".

ولعب دوره الاستخباراتي حيث أُرسل إلى الأرجنتين كجزء من الوظيفة التي كان يتعين عليه القيام بها، وعمل كتاجر عربي سوري، قادم من المهجر.

"وفي أوائل عام 1962، انتقل إلى دمشق. ولكن أخبر عائلته أنه يعمل في أوروبا. كان اسمه في إسرائيل، إيلي كوهين، أما في دمشق فكان اسمه، كامل أمين ثابت. وعاش كوهين على مدى ثلاث سنوات في قلب النظام السوري، حتى كُشف سره"، بحسب "المصدر".

وفي تاريخ 18 يناير/ كانون الثاني عام 1965، تم القبض على إيلي كوهين. ونجح ثلاثة أفراد من المخابرات السورية وفي غضون أقل من دقيقة بالقبض على الشخص الذي كان معروفا كأحد أهم الجواسيس الإسرائيليين.

تم إعدام كوهين في الساعة الثالثة والنصف ليلا. وبعد مرور 90 ثانية، أعلن الطبيب عن وفاته. ولكن بقيت جثته على حبل المشنقة في ساحة المرجة نحو ست ساعات، وتمت إزالتها في الساعة العاشرة صباحا فقط.

ترك "كوهين" وراءه زوجته "ناديا" وأطفالهما الثلاثة في إسرائيل، ودفن في دمشق. ولا تزال عائلة "كوهين" لم تستلم جثمانه على الرغم من جهودها.

أرملة كوهين

وعقب انتشار الفيديو، قالت ناديا "كوهين" زوجة الجاسوس الإسرائيلي في تصريحات للقناة الإسرائيلية الثانية نقلها موقع "تايمز اوف إسرائيل": إن "مشاهدة الفيديو كان صعباً وأعادني إلى تلك الأيام".

وبحسب الروايات الإسرائيلية، قدمت ناديا عدة طلبات إلى الحكومة السورية لإعادة جثمان زوجها. وفي عام 2008، ادعى المدير السابق لمكتب حافظ الأسد أن لا أحد يعلم مكان دفن "كوهين".