on
لاجئو ألمانيا.. تدريب مهني لولوج سوق العمل
عشرات آلاف فرص العمل تتوفّر في ألمانيا، بحسب ما تبيّن تقارير وتصريحات صادرة عن مسؤولين ومهتمين في الشأن الاقتصادي الألماني. أمّا المهاجرون طالبو اللجوء الذين استحصلوا على إقامات مؤقتة، فهم في بحث غير ميسّر عن وظائف.
وتشير مراكز للأبحاث إلى أنّ نقص المؤهلات العملية لدى هؤلاء الذين يبحثون عن فرص عمل، هو المشكلة الأساسية مع أصحاب العمل. بداية، لا بدّ من الخضوع إلى عملية اندماج، بدءاً من اللغة وبرامج التدريب، بهدف تعزيز المهارات قبل الانخراط في مهن ووظائف مناسبة، بالتالي الانخراط الفعلي في سوق العمل. وقد بدأ عدد من الشركات والمصانع الكبرى في البلاد، بالعمل عليها.
عقبات جمّة
يشير متابعون لأوضاع اللاجئين إلى أنّ المشكلة تبقى في فرص العمل القليلة التي تقدّمها تلك الشركات، نظراً لما تتطلّبه من مؤهلات عالية، تضاف إليها تعقيدات وآليات بيروقراطية. كذلك ثمّة عقبة أخرى وهي غياب أيّ دليل على توفّر المؤهلات لدى طالبي اللجوء، الأمر الذي يدفع شركات عدّة إلى تفادي الاستعانة بخدماتهم، إلى جانب عدم توفّر الخبرة العملية المطلوبة في عدد من المهن. بالتالي، يصار إلى التركيز على الشركات الصغيرة والمتوسطة، منها شركات مقدّمي الخدمات، إذ هي تتطلب مهارات بمستوى أقلّ. يُذكر أنّ معهد برلين للتنمية والسكان أوضح أخيراً أنّ طالبي اللجوء ينقصهم الدعم والمساعدة خلال البحث عن فرصة عمل في البلاد وأنّ مبادرات الجمعيات والمؤسسات جيّدة، إنّما المطلوب هو البحث عن أماكن تسمح لهم بالتدريب لفترات طويلة، إلى جانب تعلم اللغة الألمانية، مع المراهنة على عامل الوقت لولوج سوق العمل. وثمّة عامل مساعد هو أنّ طالبي اللجوء بمعظمهم هم من الشباب ولديهم القدرة على التعلم والانسجام.
رفض للاتهامات
ويرفض أرباب العمل الاتهامات التي يوجّهها لهم مسؤولون سياسيون بالتقصير في عملية دمج طالبي اللجوء. وقد استدعى ذلك رداً من مدير اتحادات سوق العمل شتيفن كامبير، الذي قال في حديث إلى القناة الألمانية الثانية إنّ “الاتهامات لا تنفع”. وأوضح أنّه “من المبكر الحكم وتقديم الاستنتاجات. الوضع بشكله الحالي لا يعطي صورة كاملة عن الواقع، وعلى الجميع التعاون لننجز معاً شيئاً ما”.
إلى ذلك، يرى خبراء ومطوّرو خدمات أنّه وبهدف نجاح التكامل، على المعنيّين تأمين الظروف الملائمة لطالب اللجوء ومساعدته على تطوير مهاراته الوظيفية ليصل إلى مرحلة تسمح له بتحسين مستواه المعيشي. ويشير هؤلاء إلى أن الأكثرية المطلقة من طالبي اللجوء تبدأ بالعمل في مهن عادية، مثل شركات الأمن الخاص والمطاعم، بالإضافة إلى مجالات التنظيف والتخزين في المستودعات والبناء.
ولا يتفاءل أرباب العمل بالقانون الجديد للجوء، إذ إنّه بالنسبة إليهم لن يحلّ المشكلة الأساسية، لأنّ الأكثرية المطلقة من طالبي اللجوء يحصلون على إقامات لمدّة سنة واحدة، وهذا لا يسمح للشركات بالحصول على الضمان القانوني الذي تحتاجه. كذلك، فإنّ قلّة من الشركات ترضى بالاستثمار في متدرّب لمدّة عام فقط، إذ هو مهدد بالترحيل.
أمّا طالبو اللجوء فيدركون أهمية الدور المطلوب منهم على الرغم من صعوبته وكلفته على ألمانيا، لأنّ الهدف في النهاية هو حصولهم على إقامات طويلة وعمل ثابت. وهذا ما يؤكده طالب اللجوء السوري محمد، الذي حصل أخيراً على تدريب فنيّ خاص بأجهزة التدفئة والتبريد. يقول: “أنا أتقن هذه المهنة في الأساس، وآمل في الحصول لاحقاً على عقد عمل. لكنّ مصيري معلق بتجديد إقامتي”. من جهته، أنهى صديقه يوسف تدريبه في شركة هندسة ديكور داخلي، ويشير إلى أنّه حصل على “عقد عمل حتى شهر إبريل/ نيسان 2017. وهي الفترة المتبقية من إقامتي”. هو أيضاً يشعر بأنّ وضعه “غير مستقرّ، إذ إنّ ذلك مرهون بالحصول على تجديد لإقامتي”.
ويشدّد قائمون على مراكز تدريب مهني، على أنّ “المطلوب هو إفساح المجال أمام هؤلاء، لعلمنا المسبق بأنّ من يهاجر هرباً من الحرب لا يحمل معه شهادته العلمية”. ويوضحون أنّه “تبيّن امتلاك كثيرين الأسس الحرفية للأعمال اليدوية. والشهادات والخبرة ليست بمشكلة، وسوف يحصلون عليها في حال التزموا بالمطلوب منهم”. وهو ما لفت إليه كثيرون من أرباب العمل الذين أشرفوا على تدريب طالبي لجوء ولاجئين. وقد أثنوا على إرادة هؤلاء وطموحهم وعزمهم على تحسين قدراتهم، لافتين إلى أنّهم يفتقرون إلى إتقان اللغة والمصطلحات لإعداد التقارير المهنية وليساهموا بدورهم في تقديم الدعم وتحفيز القدرات عبر مساعدة المدرّبين.
سياسة العزل عبء
في سياق متّصل، يؤكّد خبراء في التوجيه المهني والأكاديمي وأعضاء في غرف الصناعة والتجارة في ألمانيا، على أن المطلوب لبقاء طالبي اللجوء ودمجهم في المجتمع، هو سياسة أكثر انفتاحاً بدلاً من عزلهم وجعلهم ينتظرون لمدّة طويلة قبل البتّ بطلبات لجوئهم، بالإضافة إلى تعميم برامج التوجيه المهني والتقني. ولا يغفلون الإشارة إلى أهميّة التعاون بين وكالات العمل الرسمية في الولايات مع الشركات والمصانع، لكنّهم يلفتون في الوقت نفسه إلى أنّ المشكلة تبقى في أحيان كثيرة، رهناً بالقوانين السائدة. ومنها مثلاً ضرورة التأكد أولاً من عدم وجود مواطن ألماني أو آخر من دول الاتحاد الأوروبي قادر على الاستفادة من تلك الوظيفة أو التدريب، قبل عرضها على طالب اللجوء. يُذكر أنّ ثمّة توجهاً لإلغاء مثل هذه القوانين من قبل السلطات الاتحادية قريباً.