(التعفيش) أخلى منازل داريا من أثاثها وبدأ يطال أنقاضها


وليد الأشقر: المصدر

بعد أن خلت مدينة داريا في الغوطة الغربية من أهلها قبل أسابيع، وأصبحت (آمنة) بالنسبة للنظام وميليشياته، بدأت هذه القوات النظام بحملة جديدة على المدينة، لا تستهدف (المسلحين والمخربين والإرهابيين) بل تستهدف كل ما تركه أهالي المدينة وراءهم.

وبدأت قوات النظام وميليشياته حملة “تعفيش” طالت كل ما يمكن بيعه، من أدوات المطبخ إلى السجاد، وازدهرت أسواق المناطق الخاضعة لسيطرة النظام والقريبة من المدينة، وامتلأت بالبضائع المسروقة من داريا وبأسعار زهيدة.

وفي وقتٍ لاحقٍ، لم يقتصر “التعفيش” في داريا على المفروشات أو ما شابه، فتجاوزه إلى أثاث المنازل وكسوتها، حيث أفاد ناشطون في العاصمة دمشق بخروج دوري لسيارات شحن كبيرة من مدينة داريا باتجاه السومرية عبر طريق اللوان، محملة بكميات كبيرة من الخشب الذي تم تعفيشه من مدينة داريا كالأبواب والنوافذ وغيرها من الأثاث المنزلي الخشبي، بحسب ناشطي شبكو (صوت العاصمة).

وتشاهد يومياً سيارات الشحن الخارجة تحمل الخزانات البلاستيكية من المدينة من جهة مطار المزة، واتجهت نحو اوتوستراد صحنايا برفقة سيارتين دوشكا وباص يحمل عناصر تابعة للميليشيات المحلية، بحسب المصدر أيضاً.

ليست بحالة فريدة

وليس مستغرباً ما تقوم به قوات النظام، فقد وردت لـ “المصدر” شهادات من ريف حماة الشمالي، تشير إلى أن عمليات السرقة طالت حتى الحديد من الأسطح الاسمنتية بعد تكسيرها. فالعناصر “الدراويش” لهم نصيب، على حدّ تعبير “أبو محمد” من طيبة الإمام بحماة، الذي قال إن منزله على أطراف المدينة نجا من القصف، ثم عاد إليه ليجده بلا سقف، لأن ميليشيات النظام هدمت السطح المسلح لاستخراج الحديد وبيعه ولو بأبخس الأسعار، وهو ما يفسر قوله إن “العساكر الدراويش لهم نصيبهم”، مشيراً إلى أن ما خفّ وزنه وغلا ثمنه يكون من نصيب كبار الشبيحة الذين يرمون بالفتات لعناصرهم.

أما عامر سليمان وهو من قرية المصاصنة شمال حماة، ويملك بئراً ارتوازياً لري أرضه الزراعية، وخلال العامين تحول بناء مزرعته إلى مقرٍ لقوات النظام، قبل أن يهاجم الثوار هذه المواقع قبل أسابيع ويسيطروا عليها.

يقول سليمان إنه عاد لمزرعته فلم يجد سوى هيكل مبنى وقد سرق كل ما كان يملكه من مضخات كهربائية ومعدات سقاية وآلية زراعية، لكن أكثر ما أثار استغرابه كان سرقة أنابيب الماء الحديدية الخاصة بالبئر، والتي تنزل في عمق الأرض أكثر من 200 متر لتصل المياه الجوفية، وما أثار الاستغراب أكثر هو أن تكلفة سحب هذه الأنابيب هي أكبر من ثمنها في حال لو رغب السارقون ببيعها.

وكالة حديد داريا حصرية

أما في داريا فالعناصر “الدراويش” محرومون حتى من الاستفادة من أنقاض المنازل، حيث أشار تقرير لموقع “المدن” المعارض إلى أن نقيباً من مرتبات “الفرقة الرابعة” يُدعى عروة، وهو مقرب من ماهر الأسد، أصبح المسؤول الأول عن أمن داريا ومداخلها، لما له من سجل حافل في “تعفيش” المليحة وبلدات ريف دمشق الجنوبي.

ويقوم عروة بالترتيب مع التجار الذين يُحمّلون الحديد والأنقاض من المدينة، بواسطة سيارات شحن تمت مصادرتها عن طريق صحنايا-دمشق بشكل تعسفي، للقيام بعمليات النقل إلى مناطق التجميع، ليعاد تدوير الحديد والأنقاض، في معامل خاصة تُنتج مواد البناء.

أثاث ملغوم

ولم تهنأ شبيحة النظام بتعفيشها لمدينة داريا، فقد لقي أكثر من عنصر مصرعه أثناء سرقتهم لمنازل المدنيين في المدينة، وقالت مصادر موالية إن أهالي المدينة زرعوا عبوات ناسفة في أثاثهم وأدواتهم الكهربائية قبل خروجهم من المدينة، فهم على علم بحملة التعفيش التي ستقوم بها قوات النظام وميليشياته فور خروجهم من المدينة، الأمر الذي تسبب بمقتل عدد من عناصر تلك القوات خلال محاولتهم السرقة، في حين قال آخرون إن قتلى قوات النظام الذين لقوا مصرعهم في داريا بعد إخلائها من أهلها، سقطوا جراء انفجار الألغام التي خلفها ثوار المدينة.

قرارٌ رسميٌ على الورق

وتناقلت العديد من الصفحات الموالية للنظام على “فيسبوك”: “قراراً بإيقاف مهزلة التعفيش في داريا“، وأضافت: “نعم لقد صدر قرار بإيقاف مهزلة التعفيش في داريا، ومنع دخول أي سيارة أو موتور أو أي شخص لهذا الغرض، وأمر بإلقاء القبض فوراً على أي مخالف للتعليمات وتسليمه للجهات المختصة (بعد فركة إدن بمكتب اﻷمن)، وجميع العفيشة أبدوا امتعاضهم من هذا القرار، ووصفوه بالقرار الجائر، ومو ناقص غير يبعتو رسالتين متطابقتين لمجلس الأمن اعتراضاً على هذا القرار”.

وأردفت: “بينما استشهد رجال من عناصر الجيش في داريا وهم يزيلون الألغام كان البعض غارق بين أحضان البرادات والغسالات في الشارع الآخر”، إلا أن القرار لم يلقَ آذاناً صاغية وبقي التعفيش مستمرا.

وعلق موالون على قرار إلغاء التعفيش، فقال أحدهم: “هل قرار سخيف، أنا ضد هل قرار لأن بيوت يلي ضل فيا عفش هي بيوت المسلحين، وبيوت الناس الوطنيين تم حرقها بالكامل”، وطالب أحد عناصر الفرقة الرابعة بملاحقة الذين صوروا التعفيش في منطقة السومرية بدمشق، فعلق على الصور قائلاً: “لازم يتحاسبو هاللي صورو هالمقطع، لو أنن رجال كانو قالو مين هنن، وأنا من سكان السومرية وبالفرقة الرابعة عند تاج راسي ومعلمنا الأسد”.



المصدر