on
فوضى الأسعار والغش في سورية..تجليات نظام البعث على حياة المواطنين
اعتاد المواطن السوري في ظل حكم البعث وتحديداً في العقدين الأخيرين أن يواجه مواسم متلاحقة من المدفوعات التي لا يقدر عليها، وكان يحتال عليها إما بالعمل المسائي، أو الفساد الذي طال شرائح الموظفين وبعض الأعمال الأخرى والتي اتسعت فيما بعد لتأكل الدولة والمجتمع.
وفي السنوات الخمس الأخيرة تضاعفت معاناة السوري مرات بسبب ارتفاع أسعار حاجياته، وانهيار الليرة السورية وضعف قدرتها الشرائية ما أدى لوصول المواطن إلى أدنى من حد الفقر، وبعضهم اضطر لعدم إرسال أبنائه إلى المدارس نتيجة ارتفاع التكاليف هذا عدا عن الحياة بأدنى مستوى بشري.
وتروي أم محمد وهي تبكي لموقع "اقتصاد" كيف تدور على ما بقي من أصدقاء وهي الأرملة من أجل دفع تكاليف تعليم أبنائها في مدارس الدولة، وهي التي بالكاد تقوى على إطعامهم.
وتقول: "عندي ثلاثة أولاد وبنت، سعر حقيبة المدرسة لطالب الابتدائي 4200 ليرة سورية وهي من النوع العادي الجودة، والحذاء 6200 ليرة، وهذا يعني أنني سأحتاج إلى ما يقرب من خمسين ألف ليرة لتأمين اللوازم مع الدفاتر والكتب".
أما ابنها الثالث الذي يدرس في المدرسة الفندقية المهنية فسعر بدلة الدوام 21000 ليرة والحذاء 9500 ليرة سورية هذا يعني حوالي 30000 ليرة دون الكتب والدفاتر والمواصلات.
أم محمد تروي قصصاً عن الذل الذي أصابها وهي تلم نفقات أبنائها من الأصدقاء والجمعيات الخيرية، وتحكي عن جيرانها الذين اضطروا لرمي أطفالهم في الشوارع ليعملوا بعد أن فقدوا آباءهم وقدرتهم على الاستمرار في الدراسة.
وبحسب "اقتصاد" فحتى الذين لديهم الإمكانيات يشكون من ارتفاع الأقساط المدرسية، وبعض رياض الأطفال والمدارس الابتدائية الخاصة يصل قسطها السنوي إلى 500 ألف ليرة سورية، وحجة هذه المدارس ارتفاع أسعار المواد الأولية فهي تقدم الكتب واللباس، وكذلك المواصلات التي ارتفعت أسعارها نتيجة لارتفاع أسعار الوقود وعدم توفرها، وعجز حكومة النظام عن تأمينها مخفضة للمدارس.
ونقلت الصحف المحلية شكواي أهالي قالوا إن أسعار بدلات المدارس الخاصة وصلت إلى 15 ألف ليرة بينما هي في السوق أقل بثلاث أضعاف حوالي 5000 ليرة، وأن مدراء هذه المدارس يبحثون عن الإثراء على حساب رغبة الأهالي بتعليم أبنائهم بمستويات عالية.
أسواق وغش واستغلال
أما حال السوق فليست بأفضل من سواها فالفساد عام وطاغٍ، ولا تستطيع مؤسسات النظام المتهالكة ضبطها لكونها إما شريكة بالفساد أو تهادن نتيجة لارتباط التجار بضباط الأمن والجيش والشبيحة.
معاون وزير تجارة النظام تحدث عن عمليات ضبط لحوالي 12 طناً من الفروج المجمد الداخل عبر خطوط التهريب، وتحوي على جراثيم بنسب مرتفعة.
كذلك تحدث مسؤول النظام عن حالات غش بالأصباغ لألوان الفروج واللحم المجمد المستورد من الهند وبعض الدول، وهو خارج قائمة الطعام السورية.
السندويش أيضاً وصل في سوق العاصمة إلى أسعار غريبة وهي الوجبات السريعة التي يضطر الطلاب والموظفون لتناولها فعلى سبيل المثال الشاورما 1000 ليرة، وإذا أرادت العائلة أن تشتري كيلو شاورما فسعره يصل إلى 2800 ليرة، وأما البيتزا حجم عادي من ماركة الفصول الأربعة فسعرها 1610 ليرة، وبالدجاج 1850 ليرة، وهذه الأطعمة من الأنواع الأكثر غشاً ونتج عنها عدة حالات تسمم بالماوينيز وكذلك بنوعية اللحم المصنعة منه.
كذلك تم رصد حالات عدة لأنواع المكسرات وفستق العبيد بالتحديد حيث يخلط بالبازلاء، وكذلك الألبان والأجبان التي يضاف إليها (السبيداج)، والعصائر الملوثة بالصبغيات.
ومن أسباب الاقبال على شراء السلع من الشارع هو أنها أرخص من بضائع المحلات مما يجعل المواطن عرضة للغش والسبب هو ضعف القدرة الشرائية واضطراره لذلك.
وبالرغم من الحرب الدائرة في البلاد، والغلاء المستفحل يحاول من بقي لديه القدرة على الشراء أن يترك في بيته بعض المونة وهو التقليد السوري الذي يتميز به عن بقية الشعوب العربية، ولكن الكثيرين منهم باتوا (يمونون) من باب الذكرى، فالعائلة التي كانت تموّن 100 كيلو من الباذنجان باتت تمون 10 كيلو غرامات.
ووصل سعر كيلو الفليفلة الحارّة إلى 500 ليرة، والحلوة 300 ليرة، ولتر الزيت البلدي الجيد 1900 ليرة بينما النخب الثاني 1750 ليرة.
وفي العاصمة يتحكم السائقون وبعض الشركات الخاصة بالتسعير، فشركة هرشو التي خدمت النظام بأسطولها هي من يسيطر على خطوط العاصمة وتسعّر الأجرة لوحدها فمن موقف لآخر يدفع المواطن 50 ليرة سورية.
أما السرافيس العاملة فلا تلتزم بالتعرفة المحددة فهي تأخذ حسب الطريق والحواجز العسكرية والأمنية، ويدفع السائقون للحواجز من أجل العبور وعدم الانتظار الطويل، وأسعار تعرفة النقل في الريف الغربي لدمشق 150 ليرة سورية في الحدود الدنيا.
أما أسعار التاكسي هي خاضعة أيضاً لمزاج السائق وأخلاقه، ولا رقابة على العدادات، فإن وافقه السعر نقل المواطن وإن لم يعجبه تركه ومضى، وعلى سبيل المثال مسافة لا تتجاوز 15 كيلو متراً بين دمشق وجديدة عرطوز في الريف الغربي بـين 1500- 2000 ليرة سورية.
أسعار الخضار والفواكه تابعة لما يتم دفعه من أجور النقل وما يدفع على الحواجز الأمنية، فالخيار أمام السائق إما الدفع أو تفريغ الحمولة وبالتالي البضاعة ستتعرض للتلف والخسارة ستكون أكبر.
لا ضابط للسعر، وهو يصعد وفق ارتفاع أسعار الدولار مع أن المنتج في أغلبه محلي، وهذا ما يستغربه المواطن ومتابعو الشأن الاقتصادي السوري.
أحد المواطنين يقول إنه يستغرب سعر جرزة البقدونس 50 ليرة بينما نحن في فصل الصيف، وحجة الصيف غير واردة، إنها السوق المجنونة التي يحكمها الغش والاحتكار.
المصدر