قصف النظام للمدارس يعيد سورية لعصر الكتاتيب


أجبر قصف نظام الأسد المتكرر للمدارس الخاضعة لسيطرة المعارضة في محافظة درعا جنوب البلاد، المعلمين فيها، على افتتاح ما يشبه "الكتاتيب" القديمة في منازلهم لتعليم الطلاب، بالتزامن مع بدء العام الدراسي الجديد.

ومنذ 5 أعوام تواصل قوات النظام استهداف المدارس، في مناطق المعارضة، ما أسفر عن تدمير المئات منها إضافة لمقتل العديد من الطلاب ومدرّسيهم، بحسب منظمات حقوقية.

وتضم الأحياء الخاضعة لسيطرة المعارضة المسلحة في مدينة درعا مركز المحافظة التي تحمل الاسم نفسه، حوالي 15 مدرسة، 7 منها مدمرة بشكل كامل، و3 مدمرة جزئياً، وبعضها يقع على خطوط التماس بين مناطق سيطرة النظام والمعارضة، ما جعل التدريس فيها غير ممكن.

وتعد "الكتاتيب" (ومفردها كُتّاب) من أقدم المراكز التعليمية في المنطقة العربية خاصة في المناطق الريفية، وتشير مصادر تاريخية إلى أن العرب عرفوها قبل أكثر من 15 قرناً، وتتمثّل في تعليم الشيخ أو المعلم الأطفال في غرفة بسيطة في منزله أو حتى خارجه، مبادئ القراءة والكتابة، وحفظ القرآن الكريم، واستمرت هذه المراكز في أداء دورها حتى ما بعد منتصف القرن الماضي وبدء انتشار المدارس.

المعلّمة أمل الحمادي، التي تعمل ضمن مدرسة "أجيال" التابعة لمنظمة "أورانتيس" (محلية غير حكومية) في مدينة درعا، تقول: "إن استهداف قوات النظام للمدارس والموقع الخطر لبعضها، أجبر مجموعة من المدرّسين في حي طريق السد بمدينة درعا (خاضع لسيطرة المعارضة)، على اتخاذ أحد المنازل كبديل عن المدرسة المدمرة، وذلك لتعليم التلاميذ، بالمرحلتين الأساسية والإعدادية".

وتضيف الحمادي: "تحويل المنازل إلى مدارس أصبح منتشراً بكثرة في مناطق سيطرة المعارضة في درعا وريفها".

وتشير المعلمة إلى أن ملف التعليم، يواجه صعوبات كبيرة، في ظل استمرار الحرب بين قوات النظام والمعارضة منذ سنوات، لافتة أن الخطر الذي يحيط بأماكن التعليم يدفع بعض الأهالي إلى الامتناع عن إرسال أبنائهم للدراسة.

وتبين أن الهيئات التعليمية التابعة للمعارضة، تواجه صعوبات كبيرة في تحويل المنازل لأماكن تصلح للتعليم، وتأمين المستلزمات الضرورية للدراسة والوسائل التعليمية.

من جانبها، تعمل الهيئة التعليمية في مدينة درعا، التي تدعمها الحكومة السورية المؤقتة (تابعة للمعارضة)، على استصلاح بعض المدارس التي تضررت بشكل جزئي جراء القصف بالقذائف والصواريخ خلال الشهور القليلة الماضية، لاستقبال أكثر من 2500 تلميذ، من مختلف المراحل التعليمية.

يُذكر أن مئات الطلاب في درعا وبعض المدن والقرى بريفها، التي تشهد قتالاً متواصلاً، لا يتلقّون التعليم منذ حوالي سنتين، فيما تعمل بعض الهيئات التعليمية المحلية في جنوب سورية، على توسيع دائرة النشاطات والمشاريع التعليمية، لتشمل مخيمات النزوح في درعا ومحافظة القنيطرة المجاورة لها.

وتقول منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف"، في تقرير أصدرته في سبتمبر/أيلول 2015، إن أكثر من مليوني طفل في سورية تركوا الدراسة بعد اندلاع الثورة في البلاد منذ مارس/آذار 2011، إضافة إلى أن هناك 400 ألف طفل آخرين معرضون لخطر ترك التعليم نتيجة النزاع والعنف والنزوح.

وفي ذات التقرير، تشير منظمة "يونيسف" إلى أن هناك 5  آلاف مدرسة في سورية لا يمكن استخدامها لأنها تعرّضت للدمار والضرر أو أنها أصبحت تأوي النازحين أو تستخدم لأغراض عسكرية، لافتة إلى أن 20 بالمئة من الهيئات التدريسية والمربين الاجتماعيين في البلاد تركوا حقل التدريس والتفتوا للبحث عن الأمان في أماكن أخرى.

ومنذ منتصف مارس/آذار 2011، تطالب المعارضة السورية بإنهاء أكثر من 46 عاماً من حكم عائلة بشار الأسد، وإقامة دولة ديمقراطية يتم فيها تداول السلطة، غير أن النظام اعتمد الخيار العسكري لوقف الاحتجاجات؛ ما دفع البلاد إلى دوامة من العنف، ومعارك دموية بين قوات النظام والمعارضة ما تزال مستمرة حتى اليوم.



المصدر