أرقام صافعة بالاستثمار الأجدى


يمكن القول، وبشيء من الواقعية، إن كل ما تهدم بسورية عبر حرب بشار الأسد على الثورة، منذ نيف وخمس سنوات، يمكن بناؤه عبر صفقات إعادة إعمار، ربما لا يتأخر عن أرباحها واقتسام كعكة خراب سورية، حتى أصدقاء الشعب السوري.

ويمكن من المنطلق ذاته القول، إن عجلة الاقتصاد السوري، ورغم زيادة خسائر الحرب عن 275 مليار دولار، ستعاود الدوران وربما يتحقق ناتج إجمالي أكثر مما كان عليه قبل الثورة، ولو بعد عشرين عاما، كما توقع صندوق النقد الدولي أخيراً.

ولكن من له أن يتوقع متى تعود الكفاءات السورية إلى المنابر وصفوف المدارس وقاعات الجامعات وصالات الإنتاج بالمعامل؟!
الحديث عن الاستثمار بالإنسان، أو إبقاء الإنسان الذي يمكن الاستثمار به على قيد الحياة والإنتاج، آخر اهتمامات “العالم المتحضر” حتى ضمن ما سمعناه عن قادته، خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة أخيراً، بل إغراق السوريين بالتفاصيل، وجعل حتى إيصال الطعام للمحاصرين أو طرائق وقف الموت عنهم، مستحيلاً قبل مفاوضات، هو القرار الوحيد المتخذ من دعاة الديمقراطية وحقوق الإنسان حول العالم.
قصارى القول: بدأ العام الدراسي قبل أيام، إلا بالنسبة لعدد كبير من السوريين، فإن لم تأخذنا العناوين العامة، من قبيل تصريحات منظمة اليونيسيف التابعة للأمم المتحدة “مليون طفل داخل سورية يتعرض للأذى، وأكثر من مليوني طفل سوري لاجئ” لنتوقف عند تصريح موثق لمفوضية اللاجئين، بأن 60% من هؤلاء الأطفال بسن الدراسة وغير ملتحقين بالمدارس.

فأي مستقبل لسورية يمكن توقعه، بواقع عمدية التجهيل والتشويه النفسي والجسدي الذي يتعرض لها أطفال سورية، وبمشاركة عبر طرائق وتفاوت، ربما من الجميع.

أما إن صغرنا الحجر لسهولة ضربه، وبحثنا ضمن الممكن والمتاح، فيمكن القول إن ثمة استهدافا من نظام بشار الأسد، وبشكل علاني ولا يحتاج الاستنتاج وعناء الإثبات، لأطفال سورية ضمن المناطق الخارجة عن سيطرته، بدليل فصل المدرسين من العمل التربوي بتلك المدارس، بل وجعل المدارس في مقدمة أهداف طياريه وجنوده البواسل.

بل وحتى من هم بمناطق نفوذ الأسد، لم يسلموا من حالات التطفيش عن مقاعد التعليم، عبر طرائق ربما تبررها مقتضيات المرحلة.

فإن كان أجر العامل لدى حكومة الأسد لا يزيد عن 30 ألف ليرة “نحو 60 دولاراً” مع افتراضنا جدلاً أنه عامل، وتكلفة لباس طالب مرحلة ابتدائية، بحسب دراسة نشرتها جريدة “قاسيون” بدمشق قبل أيام، نحو 7500 ليرة وتكلفة لباس طالب مرحلة إعدادية 9600 ليرة ولمن هو بالمرحلة الثانوية نحو 16500 ليرة، فهذا يعني، لأسرة لديها ولدان بسن التعليم، وليس ثلاثة، استحالة تأمين لباسهم فقط، عدا أسعار القرطاسية والكتب وبقية المستلزمات المدرسية.

وأما أقساط المدارس الخاصة بالعاصمة السورية، رغم أنها باتت كماليات أو ترفاً من منظور معظم السوريين، فتتراوح بين 150 و200 ألف ليرة سنوياً.

نهاية القول: قالت وزارة التربية، إن نحو 2000 مدرسة بمناطق سيطرة الأسد تضررت، وإن عدد المدرسين تناقص بسبب الهجرة، لكن الوزارة بحكومة الأسد، لم تأت على الطلاب والمدرسين خارج ما يسمى “سورية المفيدة”، ربما لأن حكومة الأسد تنظر للأمر من منظور واقعي واقتصادي.

إذ لا يمكن لجميع السوريين أن يتعلموا، فثمة حاجة لعمال البناء والنظافة، ولمن يملأ السجون ..ولا ضير أن يكونوا من “سورية المضرّة” التي تمادى أهلوها بطلب الكرامة والعدالة بتوزيع الثروة، وقاموا على نظام القائد التاريخي بشار الأسد.



المصدر