محرقة حلب تمهيد لتفريغ المدينة من سكانها


بينما تواصل الطائرات الروسية والسورية تصعيدها غير المسبوق على مدينة حلب وريفها، والذي خلف أكثر من 300 شهيد ومئات الجرحى خلال الأيام الأربعة الأخيرة، لا يبدو أن الأيام المقبلة ستكون أقل دموية عن سابقتها، فلا بوادر لفرض هدنة في ظل اللهجة الندية بين روسيا والولايات المتحدة، بل على العكس فإن المؤشرات تدل على أن التصعيد العسكري البري قادم.

ويصف مراقبون التصعيد الأخير الذي بدأ منذ الإعلان عن انتهاء الهدنة، على مدينة حلب بـ”الأعنف”، معتبرين أنه “خطوة أولى” على مخطط تفريغ المدينة من ساكنيها، أسوة بباقي المناطق التي تم تفريغها في حمص ومحيط دمشق.

وهذا ما يؤكده رئيس الدائرة السياسية في اتحاد ثوار حلب هشام اسكيف، الذي يشير إلى خطوة روسية- إيرانية مقبلة، سيكون من شأنها فتح ممرات إنسانية تحت سيطرة هاتين الدولتين، لتفريغ من تبقى من سكان المدينة على قيد الحياة إلى حينها.

وتعقيباً على المجازر التي ترتكبها الطائرات الحربية بحق المدنيين، قال اسكيف لـ”صدى الشام”: “إن الأسلحة الفوسفورية والعنقودية والارتجاجية والبرميل المتفجرة، تكاد تفتك بالمدينة، وهي جريمة إبادة جماعية بكل معنى الكلمة”، نافياً في الوقت ذاته احتمالية حسم النظام وروسيا المعركة لصالحهما، وأوضح أن “النظام لا يمتلك المد البشري اللازم لخوض معركة في مدينة بحجم مدينة حلب”، مدللاً على فرضيته بما جرى في مخيم حندرات قبل أيام، حيث أرغمت قوات النظام تحت ضربات المعارضة على الانسحاب منه بعد أقل من يوم واحد على إعلانها السيطرة عنه.

وبدأت معالم الخطة الروسية الرامية إلى تهجير سكان الأحياء الشرقية الذين يقدر عددهم بنحو 324 ألف نسمة (وفق أرقام صادرة عن المجلس المحلي لحلب)، مع استهداف مقاتلاتها لقافلة المساعدات الأممية في ريف حلب الغربي في الـ 19 من الشهر الجاري، بهدف منع وصول المساعدات إلى سكان تلك الأحياء المحاصرة، تطبيقاً لسياسة “التجويع” التي انتهجها حليفها النظام ضد كل المناطق الخارجة عن سيطرته، منذ بداية الثورة السورية.

لكن وبالمقابل يربط المنسق في الجيش الحر كرم خليل، بين المعارك التي تدور في حلب وبين تلك التي تدور في ريف حماة الشمالي، ليخرج بنتيجة مفادها أنه “نتيجة لعجز النظام عن إيقاف مد المعارضة في حماة، وخصوصاً مع سيطرة المعارضة على بلدة “معان” الموالية للنظام، قام الأخير بتوسيع هجومه على حلب لخلق توازن عسكري”، مضيفاً في اتصال هاتفي مع “صدى الشام”: “النظام يلهث وراء انتصار مستبعد في حلب، الهدف منه توجيه ضربة للجارة تركيا”.

وضمن هذه الظروف الصعبة التي تحيط بالمدينة، باتت قوات المعارضة في موقف لا تحسد عليه، فلا إمدادات عسكرية تصل إليها، ولا نية -كما يبدو- لجيش الفتح المتواجد في الجهة الغربية والجنوبية للمدينة بفتح معارك جديدة قد يكون من شأنها كسر طوق الحصار على هذه الأحياء.

وتعقيباً على ذلك يعتقد خليل أن قرار فتح معركة حماة من قبل المعارضة هو “قرار خاطئ”، ويوضح “كان الأجدى العمل على منطقة الساحل، أو المضي في معركة حلب إلى آخرها”.

وعن خيارات قوات المعارضة إزاء ما يجري في حلب قال محدثنا: “على قوات المعارضة أن توجه بنادقها إلى مناطق حساسة بالنسبة للنظام، ناهيك عن الخيارات العسكرية الثابتة، أي تشكيل جسد عسكري موحد، أو مجلس يضم كل الفصائل بما فيها الإسلامية ضمن اعتراف بالقيم الوطنية السورية” كما قال.

وفي ذات السياق، دعا مجلس محافظة حلب الحرة، جميع الفصائل لإيجاد مجلس قيادة موحد يجتمع حوله الناس في هذه المرحلة الخطيرة، مطالباً في بيان صادر عنه الأحد، ووصلت لـ”صدى الشام” نسخة منه، العالم العربي والإسلامي بالتدخل لوقف المحرقة التي يتعرض لها المدنيون العزل، مشدداً على ضرورة دعم القوى الداعمة لمعركة “درع الفرات” لصمود حلب، وذلك في إشارة واضحة من المجلس إلى تركيا.

في غضون ذلك أعلنت مديرية الدفاع المدني في مدينة حلب عن خروج أربعة مراكز لها في المدينة عن الخدمة، بفعل الاستهداف المباشر لمقارها، بينما بث نشطاء شرائط مصورة، تظهر جرحى يتلقون علاجهم في محيط المشافي الميدانية، بسبب عدم توفر الأماكن داخل المشافي.



المصدر