يوم في قيامة حلب .. وسألت الله من المسؤول؟


كومنت – “صفحة محمد عيسى”

لم استطع النوم حتى السابعة والنصف صباحاً، بعدما أمضيت أنا وأسرتي ساعات مضت، وانا أتنقل بهم بين الحمام وغرفة الجلوس، مع كل غارة تنقبض القلوب، ويتوقف الشهيق، وتجحظ العيون. وانتهى المطاف بملجأ المبنى مع اشتداد القصف بسلاح (الصواريخ الارتجاجية) والفراغية، وتشكيلة قوية من أدوات الموت ،مع ملحقات المدفعية وأخواتها، مع علمي أن لامفر من قضاء الله ولكن لأعذر نفسي إن ألم مصاب بعائلتي، لم أستطع النوم وأنا أنظر إلى أطفالي وزوجتي، بنظرة المجرم الذي أوصلهم إلى ماهم عليه (أنا).

جافاني النوم من شدة القصف، وأنا أحدث نفسي بأمور أقوم بها إن تعرضنا للقصف، وبعد عراك مع اليقظة سلمت نفسي للنوم.

في السابعة والنصف صباحاً، بعد هدنة هي لتبديل أسراب الطيران فقط ،وعدت ﻷستيقظ مفزوعآ على صوت القنابل العنقودية التي تناثرت في الحي كحبات سقطت من عنقود العنب، أدركت الموقف بسرعة وخرجت إلى الشرفة ﻷرى الدماء تسيل في الشوارع، والمصابين في حالة عويل، فأحدهم ينظر إلى ساقه المبتورة، وآخر يبحث في جسده عن مكان إصابته ودمه يسيل، وأبناء الحي مشتتين بين البحث عن سيارة تسعف المصابين الذين اجتمعوا عند بائع اللبن في طابور كل يحمل سطلاً فارغآ بيده ليسد رمق أطفاله، وصلت سيارة لحمل البضائع، ووضع فيها عشرة، ومرت أخرى وحملت ماتبقى، وكأنهم أنعام وليسوا بشر.

شاب يحمل بيده كيسآ أسود، ويجميع شتات لحم المصابين ليدفن أصبع هذا مع أذن ذاك.

من بين المصابين جار لي، هو أخ بل أكثر، توجهت إلى المشفى ﻷنظر حاله، ذهبت سيرآ إلى المشفى فليس لدينا سيارات تقلنا، بل لدينا طائرات تقتلنا. وصلت المشفى وكأني بسوق قائم يغلي بالناس، فالطبيب على عجل يحدد من يسعف ومن يدخل إلى العمليات ومن يحتاج إلى بتر.

الممرضون بين تعليق أكياس الدم والمحلول، والعاملين ينقلون المصابين من غرف العمليات للعناية المشددة وللغرف و و و و

وعلى الجهة اﻷخرى البكاء والعويل والندب، والتضرع لله يملأ اﻷسماع، فزوجة تبكي زوجها، وأم تبكي ولدها، وجار يبكي جاره

حاولت الهروب من هذه القيامة نزلت طابقآ، بعدما رأيت مريضي بخير أخذتني رجلي إلى ممر انتهى بي بغرف الاسعاف ﻷرى نفسي أسير على أرضية لونها دماء بريئة براءة الذئب من دم يوسف

المصابون يصلون على عربات الخضار، وبسيارات الجيش الحر ،وحملآ على الأكتاف “إنها القيامة” ياسادة.

هربت من كل شئ، من داخل المشفى إلى خارجه لأدخن سيكارتي الملوثة بما رأيته، أخرجت ولاعتي وأشعلت سيكارتي ومع ارتقاء نظري للأعلى، رأيت ثلاث جثث على الرصيف، في حالة تحكي قيمة الإسان في بلدي.

وهنا “تزهل” كل مرضعة عما أرضعت، وترى الناس سكارى وماهم بسكارى. لم أعد أشعر بشئ حولي، وأصبحت بحالة اللا وعي ونسيت مريضي. وبدأت قدماي تسير لا أعلم إلى أين؟ وعدت بالذاكرة قليلً لما حدث معي في ساعة مضت. وسألت الله مالحكمة ؟ من المسؤول؟ من يحمل وزر هذه الدماء؟ وصلت لمنزلي تمددت لم أشعر بنفسي، إلا وأنا أغط بنوم عميق وأستعد ليوم لا أدري هل سأكون فيه مصابآ يدخل المشفى لتكتمل لوحة الفسيفساء الدامية التي يسعد فيها تجار اللوحات المركبة في متحف العالم الإنساني.

“فيسبوك”