بعد انقطاع عامين..أطفال منبج يتذوقون متعة العودة للمدرسة

28 أيلول (سبتمبر - شتنبر)، 2016

5 minutes

يركض عدد من التلامذة في فناء المدرسة بصخب في أول يوم من العام الدراسي في مدينة منبج في شمال سورية غير مكترثين للشعارات التي خطها تنظيم “الدولة الإسلامية” على جدران بالقرب منهم قبل انسحابه من المدينة تحت وطأة هجمات المقاتلين الأكراد.

وهم يتذوقون متعة العودة إلى المدرسة التي افتقدوها خلال فترة سيطرة التنظيم على مدينتهم لمدة عامين.

وتقول غفران (تسع سنوات) التي ترتدي سترة زهرية خفيفة “سررنا جداً بالعودة إلى المدرسة، ونتمنى الذهاب إليها كل يوم”.

وفرض “تنظيم الدولة” بعد اجتياحه مدينة منبج في بداية 2014  أحكاماً وقوانين صارمة طبقها في مجمل مناطق سيطرته في العراق وسورية.

وأغلق التنظيم الصفوف التعليمية في مدرسة “البيرم” التي ترتادها غفران ورسم علمه الأسود والأبيض في جميع أرجاء المكان، ونظم حلقات للتعليم الشرعي.

وأطلق على المدرسة اسم عبد الله عزام تيمناً بأحد قيادي المقاتلين في أفغانستان ضد السوفيت.

وتشير غفران إلى أن “تنظيم الدولة” لم يكن يسمح لهم بالذهاب إلى المدرسة، مضيفة “اشتقت لأساتذتنا ولكتبنا”.

ويقول حسن هارون، المنسق التعليمي في البلدة التي سيطرت عليها “قوات سورية الديموقراطية”، في أغسطس/آب الماضي، أن التنظيم أغلق مئات المدارس في منبج والقرى المحيطة بها ما حرم 78 ألف طفل من التعليم لمدة عامين.

وبعد خروج التنظيم من المدينة بدأ هارون وفريقه على الفور بالكشف على المدارس المتضررة لمعرفة أي المدارس يمكن إعادة تأهيلها واستخدامها وأي منها غير صالحة.

وتم إعادة افتتاح 192 مدرسة من 390 مدرسة في منبج والقرى المحيطة بها، فيما لا تزال 59 مدرسة قيد الإصلاح، مشيراً إلى استمرار وجود مدارس تحت سيطرة التنظيم في المنطقة.

ويقول هارون وهو يهز رأسه مبتسماً “إن إعادة فتح المدارس كان أمراً جميلاً فعلاً وإحساساً لا يوصف”، مضيفاً “كان الجميع يسألني أينما ذهبت، متى ستفتح المدارس أبوابها؟ كان الجميع متلهفاً للأمر”.

واحتفظ هارون بذكريات سوداء عن القواعد التي فرضها التنظيم وروى كيف أن التنظيم قطع رؤوس ستة من زملائه بعد اتهامهم “بالتعامل مع النظام”.

وفي مدرسة “البيرم”، انتهز الأطفال فترة الاستراحة من الدروس للعب بكرة القدم في الباحة أو بلعب لعبة بالحصى.

وبعد الاستراحة، جلس في إحدى القاعات نحو عشرين طالباً على مقاعدهم الخشبية، فيما كان معلمان يوضحان لهم كيف بإمكانهم تعويض عامين من الغياب الدراسي خلال عشرة أشهر.

وجلست الطفلة رنا الحسين مبتسمة في مقدمة الصف وتكدست كتب أمامها. وتقول الطفلة التي تبلغ من العمر تسع سنوات: “عندما كان داعش هنا لم أتمكن من الدراسة، ذهبت إلى المدرسة يومين أو ثلاثة ثم توقفت”.

وتضيف “كنت أنزعج عندما كانوا يخزنون الألغام في المدرسة”. وتنوي، بعد انقطاع عامين عن الدراسة، أن تدمج الصفين الثالث والرابع وتدرسهما خلال عام واحد.

وتقول “آمل بأن أصبح طبيبة لأتمكن من مساعدة الناس وإطعامهم”.

ويقول طارق الشيخ، أحد المدرسين في مدرسة “البيرم”، أنه كان يشعر بالمرارة عندما يرى المدارس مغلقة في مدينته. ويضيف المعلم النحيل البنية “الألم الأكبر كان ينتابني عندما أرى أن ولداً يحاول تعلم مهنة أو يمشي في الشارع ويلعب بالكرة لأنه لا يستطيع فعل شيء”.

ويشعر المعلمون بغبطة عارمة لمعاودة التدريس رغم أنهم يقرون أن كماً كبيراً من العمل بانتظارهم.

وفي المدرسة حيث عدد الكتب واللوازم المدرسية قليلة، يجتمع الطلاب من مختلف الفئات العمرية في صف واحد.

ويقول المعلم العشريني حسان عثمان “انقطع الطلاب عن الدراسة لمدة عامين، ومن هو في الصف الثالث أو الرابع لم يعد يتذكر الحروف”.

ويضيف “في فترة الانقطاع، شعرنا وكأننا فقدنا كل ما عملنا لأجله، كل تعبنا، بأننا رمينا كل شيء عندما جلسنا في المنزل”.

وتابع “يمكنك أن تتخيل ما يمكن أن تشعره عندما تجني ما تزرعه (عند فتح المدارس) إنه أجمل شعور”.

[sociallocker]

المصدر

[/sociallocker]