الكشف عن الاستراتيجية الروسية..4 مراحل مع تطويع الأمم المتحدة

دخل نظام الأسد ومن ورائه روسيا وإيران في سباق مع الزمن لتطبيق استراتيجية من أربع نقاط في سوريا، تضمن "تحصين" دمشق واستسلام حلب، وتحقيق تقدم عسكري في مناطق أخرى وفرض تسويات مع "تطويع" الأمم المتحدة، وذلك قبل انتهاء ولاية الرئيس الأمريكي الحالي "باراك أوباما". روسيا ترتب "المصالحات" المناطقية ونقلت صحيفة "الحياة" اللندنية عن دبلوماسيين وسفراء زاروا دمشق في الأيام الماضية، تأكيدهم أن الحضور الروسي بات أعمق في ترتيب اتفاقات المصالحة، حيث حضر ضباط من القاعدة العسكرية الروسية في "حميميم" باللاذقية مفاوضات التسوية في أكثر من مكان، كما كانت رعاية القاعدة الروسية الاتفاق بين القوات الكردية ونظام الأسد حول تقسيم النفوذ في الحسكة قبل أسابيع. وأبلغ دبلوماسي روسي "مجموعة العمل الإنسانية" أن طائرات روسية حلقت فوق مقاتلي المعارضة لدى اخراجهم من داريا لـ"التأكد من عدم حصول أي هجوم عليهم"، واعتبر ما حصل في داريا "نموذجاً يحتذى"، في وقت انتقد معارضون إخراج آلاف المدنيين من مدينتهم من دون أي حديث رسمي سوري أو روسي عن عودتهم أو إعادتهم وسط مخاوف من "تغيير ديموغرافي". وبعد مرور حوالي سنة على التدخل المباشر، باتت الحضور العسكري الروسي واضحاً في غرف عمليات قوات الأسد ومفاصله. وكان لافتاً أن وسائل الإعلام الرسمية الروسية نشرت احصائية عن مشاركة أكثر من أربعة آلاف جندي روسي في مراكز عسكرية في اللاذقية وطرطوس وحماة وحلب ودمشق وتدمر للتصويت في الانتخابات البرلمانية الروسية. الجيش الروسي بات يملك اليد الطولى وتحدث سفير أوروبي عن وجود ضباط روس في هيئة الأركان بدمشق وأن الهدف الروسي ضمن خطة لتكرار التجربة السابقة عندما كان هناك حوالي ٢٥ ألف عسكري روسي في سورية من السبعينات إلى منتصف الثمانينات، لافتاً إلى أن الجيش الروسي بات يملك اليد الطولى و"ضيق هامش المناورة للجانب السوري، وقال: "هناك استسلام سوري لدور روسيا باستثناء ألعاب صغيرة قد تتعلق بمصالح شخصية". وأكدت المصادر الدبلوماسية، وجود أربعة عناصر لتحقيق "استراتيجية النصر" في سوريا. 1-"تحصين" دمشق عبر وضع جيوب المعارضة المسلحة بين خيارين: الخروج بشروطنا أو الاستعداد لقصف وحصار لايحتملان. وتبلغ قياديون معارضون هذه المعادلة في داريا ومعضمية الشام ويلدا جنوب دمشق وجنوبها الشرقي، اضافة لإلى بدء شيء مماثل في قدسيا شمال غربي العاصمة. وعلم أن رجل أعمال مقرب من بشار الأسد جال في الغوطة الشرقية لدمشق عارضاً عقد تسوية مع النظام بما يشمل "استسلام" دوما معقل "جيش الإسلام" وفك الحصار الذي تفرضه قوات الاسد منذ سنوات. 2- تحقيق انتصارات عسكرية وتكرار "نموذج غروزني" الذي تعتبره وزارة الدفاع الروسية "ناجحاً". ويشمل هذا مد السيطرة على مناطق أخرى في "سورية المفيدة" خصوصاً حلب، العاصمة الاقتصادية لسورية. وبينما كانت طهران تريد فرض الحصار على الأحياء الشرقية لحلب، كانت موسكو قبل أشهر مع فكرة وقف النار في حلب، لكن في الأيام الأخيرة تطابقت الآراء بين موسكو وطهران، بحيث انخرطت روسيا برياً وجوياً عبر المشاركة في حملة القصف وإرسال جنود محسوبين على موسكو ليساهموا في عملية مكثفة بمشاركة القوات النظامية وميلشيات ايرانية لإطباق الحصار على شرق حلب ثم السيطرة عليه. كما يشمل هذا تعزيز موقف القوات النظامية في مناطق سيطرتها في مناطق أخرى مثل حمص وإخراج جميع مقاتلي المعارضة منها وتطبيق اتفاق التسوية في حي الوعر، بحيث ينتهي أي وجود للمعارضة في "عاصمة الثورة" بالتوازي مع بدء مشروع للإعمار وفق أولويات النظام وحلفائه. 3- تتضمن هذه الخطة ترك ريف حلب الشمالي لتركيا ضمن تفاهم "روسي – تركي" وضمن نتائج اللقاء الأمني الذي جرى في بغداد بين مسؤولين أمنيين سوريين وأتراك الشهر الماضي، بحيث يجري طرد "داعش" من شمال حلب إلى حدود تركيا مع ضبط حدود تمدد فصائل سورية معارضة باتجاه مدينتي الباب ومنبج، مع الاستمرار في مراقبة حدود التدخل التركي وما اذا كان سيشمل التمدد إلى الرقة شرقاً لطرد "داعش" من دون دور عميق للأكراد. كما تتضمن الخطة ترك ريف حلب الغربي باتجاه محافظة ادلب وريفي حماة وحمص لفصائل "جيش الفتح"، حيث قال دبلوماسي روسي لسفير أوروبي "إن التعاطي مع جيش الفتح مؤجل إلى مرحلة لاحقة"، ما يعني أن أولوية موسكو وحلفائها هي القضاء على المعارضة المعتدلة، وآخر إشارة الى هذا، كانت قصف وحدة تابعة لـ"جيش ادلب الحر" في ريف حماة، بعد ساعات من توحد ثلاثة فصائل معتدلة هي "الفرقة ١٣ و تجمع صقور جبل الزاوية و الفرقة الشمالية"، علماً أن هذه الفصائل في صدام مع جبهة "فتح الشام" في إدلب، مع استمرار معركة السيطرة على جسر الشغور وعزل إدلب. 4- تقترح موسكو على النظام وطهران ضرورة "شرعنة" هذه الخطة بإصلاحات سياسية، وتتضمن مقترحات عدة بين تشكيل "حكومة وحدة وطنية" من معارضين مقبولين من خارج البلاد وداخلها أو إسلاميين أو تعيين ثلاثة نواب لبشار الأسد، هنا، تختلف الآراء بين الحلفاء الثلاثة، ذلك أن النظام يقاوم أي إصلاح سياسي ذي معنى ويعتصم بـ"السيطرة المطلقة"، وهو يريد تأجيل الحديث عن العملية السياسية إلى ما بعد "الانتصار العسكري" وتبدي طهران استعداداً لقبول قوى إسلامية سياسية في عملية سياسية أو في "محاصصة سياسية طائفية"، في حين ترفض موسكو مشاركين الإسلاميين و"المحاصصة الطائفية" وتقترح اصلاحات سياسية "من فوق" تتضمن خياري تعيين نواباً للرئيس أو تشكيل مجلس عسكري مشترك. تحجيم الدور الأمريكي رهان موسكو وحلفائها، على الخطة رباعية الأبعاد، ستحد وفق ديبلوماسيين من خيارات الرئيس الأميركي الجديد وقدرته على الرهان على المعارضة المعتدلة أو إجراء تغييرات عسكرية في ميزان القوى، ما يجعل واشنطن في بداية العام المقبل أكثر استعداداً لتسوية بشروط روسيا وحلفائها... وقبول دول غربية للتعاطي مع النظام السوري كأمر واقع بانتظار الخطوة التالية وهي "استعادة الشرعية". "تطويع" الأمم المتحدة حول العلاقة مع الأمم المتحدة، نجح النظام في "فرض" ممثل جديد للأمم المتحدة هو "علي الزعتري" مساعد المبعوث الدولي إلى ليبيا ومنحته تأشيرة دخول (فيزا) خلال أيام قليلة وسيصل إلى دمشق في الثالث من تشرين الأول خلفاً ليعقوب الحلو. كما اعتمد ستيفان دي ميستورا المبعوث الدولي "ستيفاني الخوري" ممثلة له في دمشق بدلاً من خولة مطر التي انتقلت الى "لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا" (اسكوا) في بيروت مع احتمال اشرافها على مشروع "الأجندة السورية". كذلك قبل "برنامج الأمم المتحدة الإنمائي" تمويل مشروع اعادة إعمار في حمص القديمة، وحضر المستشار العسكري للأمم المتحدة أمير ندى جلسات تفاوض لفرض تسويات في مناطق عدة بينها اخراج نازحي داريا من معضمية الشام إلى ريفي دمشق وإدلب. كما أن النظام يرفض إلى الآن منح اذونات لخطة الأمم المتحدة ادخال مساعدات انسانية إلى مناطق محاصرة أو صعب الوصول اليها، الأمر الذي نوقش في اجتماعات مجموعة العمل الإنسانية المنبثقة من "المجموعة الدولية لدعم سورية"، كما رفض أي دور جوهري للأمم المتحدة في اتفاقات المصالحة خصوصاً بعد انتقاد دي ميستورا خطة اخراج مقاتلي داريا ومدنييها.