عن فرنكات الصحفيين .. وليرات رؤساء تحرير صحف “الأسد”

29 سبتمبر، 2016

ناصر علي- ميكروسيريا

لم يخرج صحفيو “النظام “من أزمتهم الضيقة في التعامل مع المهنة على أنها من أقدس المهن البشرية على اعتبار أنها تمس ألام الناس وحاجاتهم، وتؤرخ لمراحل بشرية، ودورها في خلق رأي عام يحدث تغييراً أو على الأقل تحسناً في بنية السلطة والمجتمع.

يغرق هؤلاء الصغار في البحث عما يأكلون قبل البحث عما يقولون، وأمثلة كثيرة يعرفها أغلب من عمل في سورية وسط شللية تشرين والثورة والبعث، والصراع على الاستكتاب كدخل يتجاوز الراتب الشهري لموظفي الجريدة، وهي التسمية التي تليق باللاهثين وراء المال، والذين يرون دورهم هو الاقتصار على جمع ما يمكن من خلال الكتابة هنا وهناك، وتكرار موادهم الرديئة في أكثر من مكان بين الخاص والعام.

منذ يومين خرج عماد خميس رئيس وزراء “الأسد” ليلبي صرخات العاملين في تلفزيون “النظام” لإيقاف العمل بنظام (البصمة)، وخرج بعضهم ساخراً بأن القصة أكبر من بصمة، ومن ثم قام الخميس بإلقاء خطبة طويلة عن دور الإعلام في مساندة “النظام” وسيادته والجيش الباسل.

ما أثار الحديث عن هذه الترهات التي يتهافت عليها صحفيو النظام، هي المادة التي نشرتها (صاحبة الجلالة) والمعنونة( مدير عام صحيفة البعث يهين الصحفيين السوريين)..ويروي كاتب المقال غسان يوسف كيف تعامل معه الرفيق عبد اللطيف عمران عندما استكتبه في جريدة البعث وكان يصحح له المقالات، وكذلك مدي تحرير “البعث ميديا” عندما تم احتساب 400 ليرة على المقال، و800 ليرة في جريدة البعث، وهذا ما يعتبر إهانة للصحفيين الذين يضطرون للعمل في صحف الخليج.

في بداية المقال ومن أجل أن يصل (يوسف) إلى مشكلة (المصاري) يتساءل: (من يرد أن يعرف سبب ضعف الإعلام السوري عليه أن يستمع إلى هذه القصة، أو بالأحرى أن يعرف هذه المعلومة أولاً .. المعلومة تقول : إن الكاتب السوري – كاتب المقال السياسي – يتقاضى ألف ليرة سورية أو أقل عن المقال الواحد أما رئيس التحرير أو المدير العام فيتقاضى خمسة آلاف ليرة أو ما يزيد، على الرغم من أن رئيس التحرير أو المدير العام  في الغالب، وليس بالمطلق ليس صحفياً، والدليل أن أغلب رؤساء التحرير أو المدراء العامين الذين وصلوا بالواسطة لم نر لهم مقالاً واحداً قبل مجيئهم إلى الصحيفة أو بعد تركها ! ولا حاجة لذكر أسماء،  والكل يعرف أن أغلبهم كان يجلدنا كل يوم تقريبا بافتتاحية ( تجعل الولدان شيباً ) والعياذ بالله .

الغاية من هذا الاستعراض، هي القول بأن هذا الكلام الذي يعرفه حتى من هم خارج الوسط الصحفي يدركون كيف توزع الأموال المخصصة للإعلام قبل الثورة، وبعدها انحصر التوزيع على شبيحة الإعلام، مع الاحتفاظ بالفوارق بينهم (الشبيحة)، وهم حتى في نظر “النظام ” أصناف وأنواع، كبار وصغار، مهمون ومصفقون وفضلات، فيحتل اللبناني المركز الأول ومن ثم يأتي البعثي الأردني، واليساري الفلسطيني، ومن ثم يأتي دور السوريين يمن فيهم المدراء ورؤساء التحرير، ومن ثم صغار الكتبة من كتاب المقال السياسي المحفوظ من مجلدات المنطلقات النظرية للبعث، وبقية المرتزقة من نسوان وأولاد باتوا يتصدرون المشهد الإعلامي بعد خروج أغلب الصحفيين المحترفين خارج البلاد.

الإهانة التي يراها غسان يوسف في الاستكتاب والـ 1000 ليرة هي أبعد من ذلك فالنظام هو الذي أهان الصحافة عندما جندها لخدمة سياسته الطائفية والاقصائية، وانتهاج الكذب ثم الكذب، ويعمل تحت إمرتهم وتنفيذ أجندته كل الجحافل الإعلامية خريجو مدرسة (الميسرة)، و(المناضل)، وللأسف بعضهم يعمل في دكاكين الإعلامي الثوري، وربما الكلام الأخير يزعج المعارضين ويفرح بعض الموالين لكنها الحقيقة التي لا مفر منها إلا إليها.