النظام السوري يسعى لفرض مصالحة “تعجيزية” على قدسيا و الهامة


منح نظام الأسد مهلة 48 ساعة لأهالي بلدتَي قدسيا والهامة، شمالي غرب العاصمة دمشق، في مشهد جديد تشهده ساحة التغيير الديموغرافي وفرض إرادة النظام على المناطق الخارجة عن سيطرته بعدما أنهكها بالحصار والحملات العسكرية.
وجاء في وثيقة المصالحة التي طرحها النظام على المنطقتين المحاصريتن منذ 14 شهرًا، أنه “سيتم تسوية أوضاع من يريد تسوية وضعه وخروج كل من لا يريد تسوية وضعه إلى خارج قدسيا والهامة، إضافة إلى تسليم مقاتلي المعارضة للسلاح الموجود بحوزتهم، ليتم بعدها إنشاء حواجز لجان شعبية، يتم تسليحها من النظام”.
وبحسب الوثيقة، التي حصلت عليها صدى الشام من مصادر خاصة، سيقوم المتخلفون عن الخدمة العسكرية في جيش النظام في المنطقة والمنشقين بأداء خدمتهم داخل مدينة قدسيا لمدة 6 أشهر، ثم الالتحاق بجيش النظام أو الحصول على تأجيل للخدمة.
وقال مصدر من المدينة رفض ذكر اسمه: إنّ النظام توعّد بالحل العسكري والإبادة الجماعيّة إن لم يتم الإلتزام بهذه البنود من قبل أهالي قدسيا والهامة.
ومن المفترض، تبعًا للوثيقة التي طرحت على أهالي قدسيا والهامة، يوم أمس الأربعاء الموافق 28 من شهر أيلول، أن يتم تنفيذ بنودها بعد مرور 48 ساعة يتخللها هدوء والتزام بين الطرفين، وبدأت بالسريان منذ يوم أمس، لكن النظام خرق الهدنة صباح اليوم الخميس، معاودًا قصف المنطقتين للمرة الثانية خلال 24 ساعة، في مشهد فسره ناشطون ميدانيون بأنه لزيادة الضغط على الأهالي للرضوخ للشروط التي طرحها النظام، وفقًا لمعطياته.
ووصف مدير مكتب وكالة أموي في شمال دمشق، “عمر الشامي”، لصدى الشام شروط النظام بـ”التعجيزية”.
وطرح النظام شروطه على لجنة المصالحة التي قام مقاتلو المعارضة في المنطقة بتكليفها.
وبحسب الشامي فإنّ تلك الشروط تهدف إلى “شن حملة عسكرية على مدينة قدسيا والهامة”.
وأضاف الشامي: “قوات النظام حاولت التقدم على أحد نقاط تمركز الثوار في محور الخياطين بمدينة قدسيا، يوم الثلاثاء الموافق 27 من الشهر الجاري، ما أدى لنشوب اشتباكات ومقتل 30 عنصرًا من عناصر النظام واغتنام الثوار الذخيرة، إضافة لسحبهم 8 جثث لقتلى النظام، وأسر شخص مصاب من عناصر النظام”.
وتابع الشامي “تم التفاوض بين النظام و لجنة المصالحة المكلفة، ليقوم الثوار بعدها بتسليم جثث قتلى النظام عصر أمس الأربعاء، فيما تم تسليم الأسير الساعة 12 بعد منتصف الليل، وتم الاتفاق على التهدئة بين الطرفين لمدة 48 ساعة عصر أمس بعد تسليم الجثث، إلا أن النظام خرق الهدنة ببلدة الهامة صباح اليوم، وحاول التقدم من محور الشامية والذي قوبل بصد عنيف من قبل الثوار”.
وتعاني مدينتا قدسيا والهامة، المحاصرتان منذ قرابة ال14 شهرًا أي ما يعادل 420 يوم، من وضع طبي سيء، سواء من حيث قلة الكوادر الطبية أو شح المواد الطبية المتوافرة، نظرًا لإيقاف دخول أي دواء أو مواد طبية منذ عام وشهرين، إضافة لقلة المواد الغذائية المتوافرة في المدينتين، والإهانات التي يتعرض لها كل من يحاول الخروج أو الدخول الى المدينتين
وقال الناشط “عمر الشامي”، إنه “يوجد مسكنات في البلدتين ولكن الحصول عليها يكون بصعوبة، كما أن مشفى السلام في الهامة وجهت منذ أيام نداء استغاثة للمنظمات الإنسانية، نظرًا لوضعها السيء”
من جهته اشتكى أحد سكان الهامة المعروف ب”أحمد السعيد”، في حديثه مع صدى الشام، من قلة المواد الغذائية بشكل كبير، فمعظم المحال التجارية فارغة، والخبز شبه مفقود وكذلك الطحين، وكافة المواد الأساسية شبه مفقودة، ما دفع الناس للزراعة في محاولة منهم للوصول الى الاكتفاء الذاتي، وبالرغم من ذلك لم يصلوا للكفاية.
و أوضح السعيد أنه تدخل أحيانا مواد غذائية قليلة بعد دفع مبالغ كبيرة لحواجز النظام، وبالرغم من أن دخول وخروج طلاب الجامعات وموظفي الدولة مسموح إلى المدينتين، إلا أن كل من يخرج ويدخل منهم يتعرض للإهانة من قبل حواجز النظام، ويدفع مبالغ نقدية وقد يتعرض للسرقة أحيانًا.
ومازالت تعاني مدينة قدسيا والهامة التي يقطنها أكثر من500 ألف محاصر في مدينة قدسيا، و50 ألف محاصر في الهامة، المدينتان اللتان تبعدان 7 كم عن العاصمة دمشق، من حصار بدأ منذ 21 من شهر تموز عام 2015، والذي يزعم نظام الأسد بأنها مناطق خاضعة للهدنة، لكنها هدنة هشة نظرًا للاختراقات العديدة التي قام بها النظام في المنطقة خلال هذه المدة، والتي أدت لمقتل العديد من المدنيين.


المصدر