on
متحف الجرائم
إن زرتَ “متحف الإنسان”، في باريس، بإمكانك رؤية قرابة 18 ألف جمجمةٍ بشرية محفوظة في صناديق مرقّمة. معظم الجماجم، التي جرى التعرّف على هويات 500 من أصحابها، جُمع خلال ما يُسمّى “بعثات التنقيب” خلال القرن التاسع عشر.
من بين تلك الأعداد، التي يمكن أن تشكّل جبلاً من الجماجم، ثمّة 36 “قطعة” لن يُسعفك الحظ لرؤيتها؛ فهي مخبأة داخل قاعة مغلقة، مع أنها كانت، إلى وقتٍ غير بعيد، تُعرَض بصورة عادية. ففي 2011، نجح الباحث الجزائري، فريد بلقاضي، في إماطة اللثام عن حقيقتها.
إنها، ببساطةٍ، جماجم عددٍ من قادة المقاومة الجزائرية البارزين في أواسط القرن التاسع عشر، الذين لم تكتف فرنسا بقتلهم وتقطيع رؤوسهم (كما تفعل أيّة مجموعةٍ إرهابية اليوم)، بل عمدت إلى عرضها في متحف، على أنها “أجساد علمية”.
جرى الاعتراف بحقيقة وجود الجماجم وهويّات أصحابها بعد سنوات من الكتمان، وزارت وسائل إعلام فرنسية المتحف لتنقل صوراً وقصصاً منه، كما فعلت إحدى القنوات مؤخّراً. لكن النقاش حُوّل إلى مسار آخر، يتعلّق بـ “عدم سعي السلطات الجزائرية” إلى استعادتها، ما دفع الجزائر، إلى الإعلان، مؤخّراً، أن إجراءات استرجاعها “تشهد تقدّماً”.
جرائم حرب داعشية يفترض أن تجعل فرنسا تخجل من تاريخها الاستعماري، لا أن تفخرِ به وتعرضه في متحف.
المصدر