on
قُبلـة
هناك، يبتسم الجميع إلّا هي. لذلك، ترسم على وجهها شبه ابتسامة مصطنعة، وتحافظ في الوقت ذاته على عُبوسٍ لطالما صاحَبَها منذ أن “تحوَّل”. تزدادُ حرارة البخار المنبعث بما لا يتناسب مع بردها! أيكونُ لأواخر كانون الثاني تأثير ما عليها؟ أو على شكل وجهها؟ أو طريقتها في التأمل والتفكير؟ أرادت أن تقصَّ شعرها، لكن مصفّفة الشعر رفضت وبشدة، معلّلة ذلك بأن موسم قطاف ورق العنب لم يحن بعد. “عليكِ أن تنتظري إلى أن ينتهيَ شباط، وقتها سيكونُ تأثيرُ ورق العنب على شعرك أكبر!”.
لم تقتنع كثيراً بما قالته المصفّفة، رغم يقينها بوجود أسباب علمية تربط طول الشعر وصحته بمواسم القطاف! فأين الغرابة في الأمر؟ ربما تكمن الغرابة في أنَّ أشهرَ الكلامِ الحلو، وذاك المعسول، حان قطافها أيضاً.. فهي ـ على ما يبدو ـ مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالمواسم! لذا، مرَّ موسمُ قطافها دون أن تشعر أو تتوقع! وها هو الآن يغوصُ في بحر الشمال بعد أن سافر من دون أن يلتفت إلى الوراء، ومن دون أن يخفق قلبه لها، كما اعتادت أن تحسَّ به من قبل، ومن دون أن يلتقيها كما وعدها.
تعتقد، بحدس الأنثى فيها، أنَّ قُبلتها الأولى منه آنَ أوانها، وأنها ستبدأ بعدِّ أمانيها من جديد، لكنها لن تكتبها هذه المرة كي لا تغيظه أو تثيره! أو لأنها باتت على ثقة بأنها إنْ خطَّتْ أمانيها ـ كما فعلت في المرة السابقة ـ فلن تتمكن من تحقيقها؛ حيث أنَّ أمنيتها في أن تشرب معه الشاي الأخضر ما تزالُ ترافقها كغصَّة في الحلق!
تشبِّهُهُ بالغيب، وتطبع على هاتفها النقال جملة: “أنتَ تشبهُ الغيب، لكنكَ أشدُّ لوعة!”. تناديها مصففة الشعر لتُجلِسَها على مقعدٍ آخر استعداداً لتنظيف بشرتها. تستطرد في التفكير، وتحدِّثُ نفسها: “عليَّ أن أستعدَّ، فلربما حصلتُ على قبلتي منه يوماً ما!”. تضحك، وتتساءل: “هل ستكون قبلة خد أم شفاه يا ترى؟!” بحسب ما يدور في خلدها، سَيَفي تنظيفُ البشرةِ بالغرض، إنْ كانت قبلةً على الخدِّ! ولكن، ماذا لو كانت على الشفاه؟ ـ تغرق في شرودها، ثمَّ تطلب من المصفّفة مرطب شفاهٍ تمرِّره على شفتيها بمهارةِ خبيرةٍ أتقنَتْ تدليكَ الشفاهِ وتحضيرَها للقبلات!
المصدر