الدراما اللبنانية… تغليب المصالح على الجودة


شكَّلت الأزمة السورية منعطفاً هامّاً بالنسبة للبنانيين للحماس في المنافسة على خط الإنتاج الدرامي. ودون أدنى شك، فتح الشريك السوري أمام اللبنانيين العين بخصوص الكاتب والمنتج، وفي كمية وسرعة تقديم مسلسلات لبنانية، بعضها مشترك، كانت أشبه بالوجبات السريعة التي تحاول أن تحجز مكانها على الخارطة التلفزيونية طوال أيام السنة. لكن ما لبثت أن سقطت المسلسلات اللبنانيّة في فخ الاستهلاك وقلّة الحرفيّة والتحايل على الواقع والحقيقة، في الصورة والقصة والسيناريوهات، وحتى الإخراج بعد العرض مباشرة.

محاولةٌ هي أشبه بالمهمّة المستحيلة في إظهار هذه الدراما على أنها صناعة وطنيَّة لبنانيَّة، بإمكانها المنافسة في السوق العربي، لكن دون جدوى. بقيت هذه الأعمال أسيرة عدد من المحطات اللبنانية والعربية التي تستغل عرضها بشكل متكرر، بعد أن عُرضِت معظمها في موسم رمضان الدرامي، مستندةً إلى نجومية بعض الممثلين المشاركين في هذه المسلسلات فقط لا غير.

لا يزال لبنان يعاني، ورغم الاستعانة ببعض الخبرات السورية والعربية، من سوء تنفيذ الأعمال الدرامية. والسبب الوحيد، هو تغليب المصالح الشخصية والمحسوبيات في أي عمل يحاول المنتج أو الكاتب الخروج به إلى الضوء. ثمَّة مجموعات اختارت أن تحصر أعمالها ببعض الوجوه من ممثلين أو مخرجين للقول إنها الأقوى على الساحة. وباتت هذه المجموعات في العامين الأخيرين تستحوذ حقيقة على معظم الإنتاجات، وذلك اعتماداً فقط على الكمية والمال، دون أي مراعاة للنوعية.

أوَّل من أمس، عُقد في بيروت، مؤتمر صحافي للإعلان عن مسلسل جديد، بعنوان “ثورة الفلاحين” للكاتبة كلوديا مرشليان. تحاول مرشليان منذ عام 2010، وبعد نجاح مسلسل “روبي” المقتبس عن مسلسل فنزويللي، السيطرة على سوق المسلسلات اللبنانية بطريقة أو بأخرى. تكتب مرشليان من أربعة إلى ستة مسلسلات في السنة، وترتبط نتيجة لذلك بعلاقات صداقة مع المنتجين. الأمرُ الذي يطرح الكثير من علامات الاستفهام حول الكاتبة، ومقدرتها على إنهاء كل هذا العدد من المسلسلات.

في حين بيَّنت مجموعة أعمالها عن ضعف كبير سواء في الدراما التلفزيونية أو في عالم السينما. لكن ذلك لم يمنع منتجاً واحداً أو اثنين من مشاركة مرشليان في رواياتها، والأخذ بنصوصها المستهلكة والبعيدة عن الواقع، وذلك اعتماداً على وجهة المصالح بين الطرفين. وكشفت هذه الأعمال، عن اسم مخرج لبناني واحد هو، فيليب أسمر، بيّنت تجاربه هو أيضاً في الدراما والسينما عن قصور في الرؤية والإخراج، ليس آخرها سلسلة من الأخطاء التي ارتكبت في مسلسل “ياريت” الذي عُرض في رمضان الماضي، كشفت عنها مواقع التواصل الاجتماعي، وانتشرت كفيديوهات، ونالت نصيبها من النقد والتساؤلات.

“ثورة الفلاحين”، قصة تعود بالزمن إلى عام 1860، عندما أُعلِن في لبنان عن ثورة الفلاحين، أو ما سُمي بثورة طانيوس شاهين، وذلك لمحاربة الإقطاع والسيطرة والطبقية التي كانت سائدة في ذاك الزمن. وتحدثت مرشليان في المؤتمر الصحافي: “ما ستجدونه في العمل التلفزيوني المنتظر” ثورة الفلاحين”، مُشابه في أحداثه مع ما يجري في لبنان اليوم”.

وتابعت مرشليان: “عندما طُرِحَت الفكرة على المنتج، جمال سنّان، (منتج “ياريت” وأفلام كتبتها كلوديا مرشليان) أعجب بها، ووضع كافة إمكاناته بتصرُّف القصة”. وتحدَّثت مرشليان عن طاقم العمل الذي كان متواجداً في الندوة الصحافية. وأشادت بحِرَفيّة الممثلين، ومنهم ورد الخال ووسام حنّا بالإضافة إلى زوجة المنتج، الممثلة، ماغي بوغصن، التي ستحلّ في المسلسل كضيفة شرف في ثماني حلقات فقط، وكذلك المخرج شريكها، فيليب أسمر.

الواضح، أن الاتجاه للتاريخ أصبح قاعدة لبعض الكتّاب اللبنانيين بمن فيهم مرشليان. قبل ثلاث سنوات، قدمت زميلة مرشليان، منى طايع، مسلسلاً بعنوان “وأشرقت الشمس”، لعب بطولته المغني اللبناني، غسان صليبا، بمشاركة رولا حمادة. العمل ذاته، أظهر للمرة الأولى ممثلة شابة هي إيميه صيّاح، ستلعب دور البطولة في “ثورة الفلاحين”. أعاد مسلسل “وأشرقت الشمس” صورة مقتبسة من حقبة الثلاثينيات، وعصر الانتداب الفرنسي للبنان، في قصة حب مرافقة للثورة على الإقطاع. عادت منى طايع هذا العام في إنتاج ثان بعنوان “أمير الليل”، مع المخرج، إيلي برباري، في عودة إلى حقبة الأربعينيات، ومن بطولة المغني اللبناني، رامي عياش. وتبدأ خلال أيام عمليات تصوير مسلسل “كل الحب والغرام”، يتناول المسلسل بدايات القرن الماضي، وهو من كتابة الراحل، مروان العبد، وبطولة باسم مغنية وكارول حاج.

ومن جهة أخرى، باعت كلوديا مرشليان قصة مسلسل “فخامة الشك” الذي لم يُكتب له النور هذا العام، إلى شركة “الصدى” الفنية. ويبدأ المخرج، أسامة حمد، قريباً بعمليات تصوير القصة التي تمتد على حوالى ستين حلقة، وهي، بحسب المخرج، لن تدخل في بازار رمضان الموسم المقبل.

ويتابع حمد أيضاً الـ”كاستينغ” على مسلسل جديد بعنوان “بلحظة” من كتابة نادين جابر. وكان من المفترض العمل على المسلسل قبل شهر، لكنه تأخر لأسباب لوجستية تتعلق بفريق العمل، لكن المسلسل باق على أجندة شركة “الصدى” للإنتاج التي يديرها حمد. كما يدخل المنتج، مروان حداد على الخط، وذلك في إنتاج الجزء الثاني من مسلسل “متل القمر” الذي حقق نجاحاً كبيراً، رغم ضعف مستواه العام الماضي، وعُرض على شاشة MTV اللبنانية، وهو من بطولة ستيفاني صليبا، وإخراج سيزار الحاج خليل.



المصدر