قمع للأحزاب وفرض للأتاوات.."ب ي د" يفرض قوانين تعسفية على مناطق نفوذه


ما أن وجد حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي "ب ي د"، وأجنحته المسلحة، موطئ قدم شمال شرقي سورية عام 2012، بمساعدة نظام الأسد، حتى بدأ يضيّق الخناق على معارضيه من الأحزاب الكردية الأخرى إلى أن وصل الحال به لاحتكار الساحة.

وتثير سياسة الحزب (الامتداد السوري لمنظمة بي كا كا) القمعية، انتقادات واسعة من الأحزاب الأخرى، والتي يقول مسؤولوها إن الحزب المعروف اختصارا بـ "ب ي د"، تحول إلى "صورة وقحة" للنظام السوري بالمناطق الخاضعة لسيطرته في شمال وشمال شرقي سورية، وبات"جشع النفوذ يحكم تصرفاته بعيداً عن مطالب وتطلعات السكان الأكراد"، والتي تجلّت في ممارسات عديدة منها الاعتقالات العشوائية وإغلاق مكاتب الأحزاب المعارضة.

وقال ممثل المجلس الوطني الكردي (منضوي تحت ائتلاف قوى المعارضة السورية) في الإقليم الكردي في العراق خالد علي، إن حزب "ب ي د"، يعمل وكيلاً للنظام البعثي في شمال سورية، وهو مستمر بسياسته القمعية وتكميم الأفواه، ويقوم بحملة اعتقالات ضد كل من يعارض سياسته، وفي طليعتهم أنصار المجلس الوطني الكردي، كما يقوم بإغلاق مكاتب الأحزاب والمنظمات المعارضة له".

وأوضح "علي"، أن "حملة الاعتقالات الشرسة التي يقوم بها مسلحو ب ي د في المناطق الكردية والتي تطال أعضاء حزبي يكيتي الكردي والديمقراطي الكردستاني في سورية المنضويان تحت راية المجلس الوطني الكردي لازالت مستمرة"، مؤكداً أن "آخرها كان قبل يومين، حيث جرى اعتقال سليمان حسن أحمد، وجاسم بهلول حاجي، وهما عضوان في الحزب الديمقراطي الكردستاني في سورية (أحد الأحزاب الرئيسية في المجلس الكردي)".

وتابع علي: "الانتهاكات التي يرتكبها (ب ي د) ضد الناشطين السياسيين، أبشع من الانتهاكات التي كان يرتكبها البعث بحقنا، فأنا اعتقلت في زمن البعث وكان أهلي وأقربائي يزورونني، لكن الآن ابن عمي معتقل في سجون (بي ي د)، ولا يتمكن أهله من زيارته، بل لا يتمكنون من معرفة مكان اعتقاله".

واعتبر ممثل المجلس، الحزب (ب ي د)، "صورة وقحة للبعث، ووكيله في المناطق الكردية، لتطبيق سياساته (النظام) بحق الناشطين، بعد انشغال النظام بقمع الثورة السورية".

وأشار "علي"، إلى أن "استمرار (ب ي د) بهذا النهج القمعي يظهر فشلهم قدرتهم في الإدارة، ورفض المواطنين لأساليبهم وفلسفتهم المبنية على أفكار عبد الله أوجلان، (زعيم بي كا كا، يقضي حكماً بالسجن المؤبد في تركيا بعد إدانته بالإرهاب)، وما يسمّونه بالأمة الديمقراطية وما يقومون به هي للتغطية على فشلهم السياسي والعسكري".

تجدر الإشارة أن "ب ي د" أقدم في 16 أغسطس/ آب الماضي، على اعتقال عشرات من القياديين وأعضاء المجلس الوطني الكردي، فضلاً عن ناشطين سياسيين مستقلين في مدينتي "القامشلي" و"عامودا" بمحافظة الحسكة، شمال شرقي سورية، أثناء تشييع جثمان أحد عناصر قوات تابعة للمجلس، قتل خلال مواجهات مع تنظيم "الدولة الإسلامية" شمال العراق.

وتابع علي، أن "مسلحي "ب ي د" يقومون بمداهمة منازل المواطنين في جميع المناطق الكردية من "عفرين" غرباً (في حلب) وحتى "ديريك" شرقاً على مدار أيام الأسبوع لاعتقال الشبان وسوقهم إلى معسكرات تدريب التجنيد الإجباري، التابعة لهم، ومن بعدها للمعارك، التي يقودها الحزب، في مناطق أخرى، كل ذلك تحت حجة "حماية المناطق الكردية".

وشدد علي أن "ب ي د" يقوم بممارسة كافة صنوف الإرهاب ضد الأكراد بحجة حمايتهم، مؤكداً أن "هذا الادعاء عار عن الصحة لأن (ب ي د) لا يحمي الأكراد بل يقمعهم، ويحمي نظام الأسد ومشاريع إيران في المنطقة".

وعن الأوضاع الاقتصادية الصعبة وما يفرضه "ب ي د" من ضرائب على المواطنين، قال علي "الظروف الاقتصادية في سورية صعبة جداً بعد 5 سنوات من الحرب، حيث لا يملك الناس لقمة العيش، وأن تفرض في هذه الظروف الضرائب على الناس فهذا يمثل الإرهاب الاقتصادي بعينه".

وأشار "علي" إلى أن مجالس "ب ي د" أقرت مؤخراً ما يسمى "قانون ضريبة الدخل" وعلى إثره سيتم فرض ضريبة على الدخل بفئاتها المتعددة على أصحاب محال وتجار ومؤسسات خاصة وموظفين والأيدي العاملة، لافتاً إلى أن "ب ي د" يحاول - عبر هذه الضرائب والإتاوات - إجبار الأكراد على القبول به لكسر إرادة المواطنين المُنهكين أصلاً من ويلات الحرب.

من جهتها الإعلامية "رنكين شرو"، مراسلة قناة "روداو" (مقرها الإقليم الكردي شمالي العراق)، كان لها نصيبها من مضايقات مسلحي "ب ي د" الذين تعرضوا لها بالضرب والإهانة قبل أيام عند معبر "سيمالكا" على الحدود العراقية – السورية، في محافظة الحسكة شمال شرقي سورية.

وتتحدث "شرو" (تمر في فترة حمل) عن الواقعة بالقول، "كان الهدف من ذهابي إلى سورية زيارة أهلي وأقربائي، وليس بقصد العمل الصحفي، وأكملت إجراءات العبور إلى سورية وكان والدي في استقبالي، لكن في محطة ركوب الحافلات، تم استدعائي من قبل قوات أمن (ب ي د)، وأبلغوني بأن عليّ العودة إلى العراق، ومنعوني من دخول سورية".

وتابعت بالقول، "بعد اعتراضي على ذلك، أقدم عنصر في قوات الأمن، مع عدة منتسبات من النساء في (ب ي د)، بمهاجمتي والاعتداء عليّ، وتمزيق ملابسي، وإيذائي رغم علمهم بأني حامل".

وأشارت أنه "حينما رآني والدي على هذه الحالة، صرخ فيهم بالقول (استحلفكم بالله أن لا تفعلوا هذا بابنتي ولا تمنعوها)، لكنهم ردوا بالقول (نحن لا نؤمن بالله والرسول)".

ولفتت "شرو" إلى أن "ب ي د يعادي كل رأي مخالف له، بل كل رأي حر (..) لو كان صحفياً آخر من مؤيديهم بدلاً مني لرحّبوا به".

وبشأن الادعاءات، التي تتحدث عن أن منطقة شمال سورية الأكثر أماناً بالنسبة للصحفيين، قالت "شرو"، "ما حدث معي أظهر زيف هذه الادعاءات، بل هناك الكثير من الحالات تحدث ولا يصل صداها للإعلام".

ويسيطر التنظيم على مناطق الشمال السوري ومدينة القامشلي، منذ أواخر العام 2012، بعد انسحاب النظام منها، واحتفاظ الأخير بالمربع الأمني فقط، الذي يضم الفروع الأمنية التابعة له، إلى جانب المطار الواقع على أطراف المدينة والمسمى باسمها، إضافة إلى مدن وبلدات أخرى في محافظة الحسكة، وكذلك كوباني وعفرين في محافظة حلب.



المصدر