وماذا بعد ياحلب .. ؟


فلورنس غزلان – ميكروسيريا

رئيس دولة يطالب سكان العاصمة الاقتصادية لبلده أن يغادروا ، أن يهاجروا….وإلا …فإن سيد الكريملين المسؤول الأكبر والمقرر الأول لمصيركم ، لحياتكم أو مماتكم سيمطركم بوابل من الصواريخ الارتجاجية ، والقنابل العنقودية، أو الفوسفورية أوالنابالم وبمزيد مزيد أكثر من كل أنواع الأسلحة الفتاكة التي جُربت في أجسادكم وبيوتكم، ولا تنسوا أنه سيد في مثل هذه المجازر لايشق له غبار ، فمن قبل “حلبكم” … هناك تاريخه المحفوظ جيداً في ” غروزني” ، وهناك يمكنكم أن تسألوا كم من الشيشان هجَّرَ ونفى وقتل ، هناك يمكنكم أن تطلبوا الوثائق والصور الناطقة بجرائمه وأفعاله الأكثر قذارة في التاريخ الحديث ، لأن هذا الزمن القذر وحيد في احتوائه على هذه الأنواع من المجرمين …التي اعتقد العالم أنها انتهت بنهاية هتلر وبعد مذابح ميلوسوفيتش وكاراديتش في سربرينيتشا وغيرها من البوسنة والهرسك ، والحرب الأهلية في رواندا، لكن بوتين وولده الأسد تفوقوا على كل من مروا قبلهم …إنهم يحرقون بلداً بكامله ويحاولون إخلاءه من سكانه وتغيير ديموغرافيته بما يتلاءم وخرائطهم في تطويع وتركيع المختلف ، وينتهزون الفرص المتاحة لهم بفضل مرورهم التاريخي في زمن عالم منهزم ، عالم ” أوباما ” ، الرجل الأضعف في تاريخ الولايات المتحدة ، زمن يحني الكبير رأسه أمام المجرم ويتركه يعبث بحياة الأبرياء ممن هبوا ملبين نداء الحرية والكرامة يبحثون عن الحق والعدل والديمقراطية، التي تساوي بين أبناء وطنهم، فجاءت المكافأة على يدي تجار الحروب وقطاع الطرق والقتلة المأجورين، أو الحالمين بأجرٍ إلهي وتلاقوا في أهدافهم مع أهداف بشار الأسد وبوتين…فكيف يمكن لمثلهم ألا ينتهز الفرصة …وتكون حلب الضحية الأرخص في سوق المجازر أوهولوكوست بوتين ــ الأسد … يسألك عاقل أو مجنون من حلب:ــ …والعرب أين هم من كل هذا؟ …فتأتي الضحكة المريرة …لاتخشوا شيئاً فقد تحركت مؤخراتهم في مجلس التعاون الخليجي وطالبوا هيئة الأمم المتحدة بالاستنكار…نعم بالاستنكار! …كما طالبوا ” جامعة الدول العربية بالانعقاد “!!!!، الانعقاد الآن فقط؟! …بعد آلاف الضحايا من الأطفال والنساء ، بعد آلاف الجرحى الذين لايجدون مشفى تسعفهم ، ولا دواء أو ماء…بعد تدمير كل بنى تحتية يمكنها أن تحمي حياة أو تنقذ حياة …فلبوتين طريقته المثلى في الإخضاع والتركيع …لبوتين المعلم …خطته التي هدد بها أوباما …وأوباما حاله تقول ” حايد عن ظهري …بسيطة” كلها أيام ويتفرغ لعطلة طويلة يكتب فيها مذكرات العار الذي سيلاحقه حتى قبره، …إذن لاتخشى شيئاً يابن حلب …فالنجدة قادمة من بيت العرب في قاهرة المعتز حيث يكثر الهز والطرب…على أنغام بوتين ابن الحسب والنسب…كونوا بخير…وانتظروا صابروا واصبروا …ففي النهاية ستخرجون على الأقل أحياء…وستتدخل جامعة العرب أو مجلس الأمن القلق بشأنكم ، والذي عُقد ولم يفلح ، وسينعقد ، ربما .لإيجاد مأوى لكم…تحت سلطة بوتين أو سلطة الفقيه …أو الأسد ..، وإلا فسنضمن لكم مأوى يقع تحت حماية ورعاية صديقنا وأخونا في الإسلام …أردوغان …وفي أسوأ الأحوال سيتم توزيعكم حسب المذاهب …وحسب برنامج المكاسب…سيحميكم أبناء العم سام في مناطق نفوذه الأقرب لكوردستان …وفي النهاية سيقوم الزعماء النجباء بتذييل تواقيعهم على بيان جليل…يشكرون فيه سيد الكريملين …على حله للقضية السورية الشائكة والمعقدة…والتي لم تستطع عقول العرب استيعاب تشابكها ، نعم كانت لهم اليد الطولى …في خلط خيوطها وتعقيدها…لكن الخلط والتعقيد أكثر سهولة من الفكفكة والحل…..أن تكوني ياحلب بيضة القبان …فقبلك مدن كثيرة في التاريخ …خرجت من نفس شبكة العنكبوت…وينسى هؤلاء الزعماء في بلاد العرب والعجم …أن هتلر رحل وانتحر، وأن حجارة الشطرنج السوفيتية تفككت وانهارت ..وحائط برلين لم يعد موجوداً ،وأن فرانكو اندثر، وبينوشيه كذلك…فما من طاغية خالد وما من طاغية مقيم …المدن تقوم وتنهض من الموت، طالما أن فيها حياة وبشر من أهلها …تنبض عروقهم بدماء أجدادهم …وبحليب أمهاتهم …اللواتي أنجبنهم كي يكونوا سوريين .. سوريون أحرار لاعبيد.

باريس