ميليشيات “الولي الفقيه” في حلب.. القتل تحت أقنعة طائفية


أعلنت ميليشيا طائفية عراقية مرتبطة بإيران انها بصدد تعزيز قواتها في ريف حلب الجنوبي، ورفدها بمقاتلين جدد، في الوقت الذي قام قائد ما يُسمّى بـ”فيلق القدس” الإيراني بزيارة إلى مواقع هذه الميليشيا في تطور يدلل على النفوذ الذي باتت تحظى به ميليشيات طائفية تقاتل مع وعن قوات نظام الأسد في سوريا.

وأعلن المتحدث باسم ميليشيا ما يُسمّى بـ”حركة النجباء” الشيعية العراقية، هاشم الموسوي، منذ عدة أيام، إن جماعته أرسلت أكثر من ألف مقاتل آخر إلى الأجزاء الجنوبية من مدينة حلب السورية لتعزيز مواقعها، وذلك بعد أيام من زيارة متزعم هذه المليشيا أكرم الكعبي، لطهران ولقائه قادة عسكريين ودينيين إيرانيين، لتنسيق العمل العسكري في العراق وسوريا، و”لبحثِ المستجداتِ السياسية والأمنية، والتطورات المهمةَ في المنطقة”، وفق الحركة.

كما أعلنت مليشيا “حركة النجباء” أن قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني، تفقد الأربعاء ما قبل الفائت، قطاعات العمليات لمقاتليها في ريف حلب بسوريا، وقدّمَ لقادتها “الإرشادات اللازمة”، ما يؤكد أن القيادة الإيرانية باتت تعتمد بشكل كامل على هذه الميليشيات في المعارك الدائرة رحاها في مدينة حلب ومحيطها، وأن جيش النظام بات بلا قيمة قتالية، وتحوّل إلى ميليشيا ضعيفة “بلا جناح، أو شوكة”، بعد أن شرّع بشار الأسد الباب أمام ميليشيات طائفية متعددة التسميات من أجل البقاء في السلطة. كما قام الكعبي نفسه منذ أيام، بزيارة عناصر حركته جنوب حلب، مطلقا تهديدات طائفية.

وتصف ميليشيا “حركة النجباء” التي تتبع “الولي الفقيه”، نفسها بأنها “إحدى فصائل المقاومة الإسلامية في العراق التي تهدف إلى الدفاع عن الوطن والمقدسات، وخصوصاً في سوريا والعراق”، ولكن ناشطين سوريين يصفونها بـ “الميليشيا القذرة” التي تشارك في قتل السوريين تحت أقنعة طائفية، وتقوم بالدفاع عن المشروع الإيراني في سوريا. فهي ليست أكثر من أداة قتل بيد قيادة الحرس الثوري الإيراني.

أسس أكرم الكعبي الحركة في بداية عام 2013، إثر انشقاقه عن ميليشيا “عصائب أهل الحق”، موجها جل عناصر هذه الحركة إلى سوريا للمشاركة مع ميليشيات طائفية أخرى ممولة من إيران، في قتال المعارضة السورية لأسباب طائفية. وترتبط “النجباء” عضويا، وعقائديا بالنظام الإيراني الذي تعمد عدم تجميع المقاتلين الشيعة العراقيين والأفغان والباكستانيين في ميليشيا واحدة، كي تسهل عملية التحكم والسيطرة عليهم.

وتؤكد المعارضة السورية المسلحة أن إيران تعتمد على الميليشيات، وخاصة “حركة النجباء”، في حلب وريفها كونها الأكثر انضباطا من بين الميليشيات الإيرانية الأخرى، حيث يشير النقيب أمين ملحيس، وهو الناطق باسم جيش المجاهدين في حلب، أن مقاتلي هذه الميليشيا “منظمون ومدربون”، مشيرا في حديث مع “صدى الشام” أن عديدهم يصل إلى ثلاثة آلاف عنصر، أغلبهم متخصص في سلاح المدفعية، موضحا أنهم يغطون جميع المعارك في حلب ناريا. وأشار إلى أن الحركة تملك أحدث السيارات الأمريكية، وخاصة الهمر، ولها مستودعات خاصة من الاسلحة والذخائر، مؤكداً أن أكبر تجمع لهذه الميليشيا يقع في قرية “الذهبية” في ريف حلب الجنوبي، مبينا أن الهدف الرئيسي لهذه الميليشيا هو “فك الحصار عن بلدتي كفريا والفوعة الشيعيتين في ريف إدلب”، انطلاقا من مواقعها في ريف حلب الجنوبي، وهو ما فشلت به حتى الآن رغم قيامها بالعديد من المحاولات. حيث تواجه بمقاومة من فصائل المعارضة السورية، فتعود أدراجها إلى مواقع تمركزها في جنوب حلب.

وكشف ملحيس أن عناصر هذه الميليشيا “هم من صمد” جنوب مدينة حلب أمام هجوم قوات المعارضة، وأنهم من هاجم الكليات العسكرية التي سيطرت عليها المعارضة مؤخرا، واستعادها عناصر هذه الميليشيا تحت غطاء جوي روسي، مشيرا إلى أن عناصر الحركة “لا يقاتلون إلا وسلاح الهاون والمدفعية معهم، وتحت قيادتهم”.

وتقاتل في حلب ومحيطها العديد من الميليشيات التي لا تتوفر معلومات كافية عنها، منها “كتائب الإمام علي في العراق والشام”، ولواء “الباقر”، ولواء “فاطميون” الذي يشكّل مرتزقة أفغان شيعة لاجئون في إيران ثقله الرئيسي، حيث استغل الحرس الثوري أوضاعهم الصعبة لإغرائهم في القتال في سوريا مقابل رواتب “مجزية”، وتسهيلات لعائلاتهم داخل إيران من قبيل منحها الجنسية، وهم – وفق النقيب ملحيس- يقتحمون من دون تخطيط، و”همجيون”، ورأس حربة في أي اقتحام تقوم به ما تبقى من  قوات نظام الاسد، والميليشيات الطائفية.

وتنتشر ميليشيا “فاطميون”، خاصة في شمال حلب، حيث تتخذ من بلدتي نبل والزهراء الشيعتين مقرات لها، وقد قتل عدد كبير من عناصرها خلال العامين الأخيرين. وليست هناك معلومات مؤكدة عن قوام هذه الميليشيات، إلا أن الأعداد الكبيرة لقتلى هذه الميليشيا تؤكد أن طهران تتخذ منهم حطبا لمعاركها، ولا تكترث كثيرا لمصيرهم.

وشكل النظام ميليشيا في حلب سرعان ما ارتبطت بالحرس الثوري الإيراني تمويلا وقراراً، رغم أن عناصرها فلسطينيون وسوريون، وهي ميليشيا “لواء القدس”، وتتمركز في مخيم حندرات شمال حلب، وفي منطقة جمعية الزهراء غربها، وكان لها دور في معارك السيطرة على طريق الكاستيلو الأخيرة. وتتمركز قوات تابعة لحزب الله، والحرس الثوري الإيراني، وقوات التعبئة الإيرانية “الباسيج” في ريف حلب الجنوبي، وتتخذ من بلدة الحاضر ومحيطها، وبلدة عزان وجبلها، مقرات لها، فضلا عن مراكز لها داخل مدينة حلب. وكانت هذه القوات شرعت في حملة للسيطرة على كامل ريف حلب الجنوبي في منتصف شهر أكتوبر من العام الماضي تحت غطاء من الطيران الروسي، واستطاعت على مدى أربعين يوما، السيطرة على عدة بلدات، قبل أن تشن قوات المعارضة هجوما معاكسا في أبريل الفائت فتستعيد السيطرة على قرية العيس، وخان طومان، وخلصة، وبرنة، وزيتان، وتكبد قوات حزب الله وإيران والميليشيات – وفق مصادر في المعارضة السورية- خسائر فادحة في الأرواح، وخاصة في قرية بانص، وقرية العيس. كما قتل عدد من قادة الحرس الثوري الإيراني في قرية خان طومان، وهو ما اعترفت به طهران، وشكّل صدمة كبيرة في إيران، التي تلقت أكبر خسارة في معركة خارج إيران منذ حرب العراق وإيران.

وشكّلت إيران منذ الشهور الأولى للثورة السورية في عام 2011، العديد من الميليشيات الطائفية التي ارتكبت مجازر بحق المدنيين السوريين في جنوب سوريا وشمالها ووسطها على مدى سنوات. وتعددت أسماء هذه الميليشيات، إلا أن هدفها وتوجهها وعقيدتها واحدة، وتخدم المشروع الإيراني في المنطقة العربية، حيث يتخذ منها “الولي الفقيه” أدوات في تكريس الهيمنة على سوريا والعراق.

 

 


صدى الشام