الصحف الأميركية تنتخب رئيساً


تستعد الولايات المتحدة الأميركية للانتخابات الرئاسية في 8 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، أي بعد شهرٍ من اليوم. وبينما تشهد الانتخابات الرئاسية الأخيرة متابعة قياسية، بسبب احتدام المنافسة بين مرشح الحزب الجمهوري، دونالد ترامب، ومرشحة الحزب الديمقراطي، هيلاري كلينتون، بدأ الإعلام الأميركي يرسم خطوطاً لتأييده السياسي للمرشحين ودعمهم. هكذا، عبرت الصحف الأميركية عن مواقفها من المرشحين، واختارت هي أيضاً رئيسها منذ الآن، كلوبي ضاغط، يهدف إلى التأثير على المقترعين، في وقتٍ حسّاس من الانتخابات.

من يدعم هيلاري كلينتون؟
عبرت 16 صحيفة أميركية على الأقل عن دعمها لمرشحة الحزب الديمقراطي، هيلاري كلينتون. وكانت صحيفة “نيويورك تايمز” العريقة سبّاقة في إعلان تأييدها كلينتون، وقالت إن كلينتون “تستطيع مواجهة التحديات التي تواجه البلاد”. وأضافت أنها “أظهرت قدراً كافياً من الثبات والحكمة والجرأة”. وأشارت إلى أن كلينتون “براغماتية”، واعتبرت ترامب “المرشح الأسوأ في تاريخ الانتخابات الرئاسية الأميركية”.
كما أعلنت مجلة “وايرد” عن دعمها كلينتون، وقالت “وايرد ترى أن مرشحاً واحداً للرئاسة

قادر على القيام بالمهمة: هيلاري كلينتون”. وأضافت: “نرى حالياً احتمالين للمستقبل، يهيمن العوز في أحد هذين الخيارين على كل قرارات المجتمع. وباستثناء قلة قليلة من الأوليغارشية، لا أحد يملك ما يكفيه من أي شيء. وفي هذا المستقبل، نحن نبني جدراناً حقيقية ومجازية كي نبقي الأشخاص الذي يودون الاستحواذ على ممتلكاتنا بعيدين عنا، ونحاول بواسطة الاحتيال والعنف الحصول على ممتلكاتهم”.
وتابعت: “في المستقبل الآخر التي تتطلع إليه “وايرد”، تظهر جولات جديدة من الابتكار التي تؤهل الأشخاص لتحقيق المزيد في وقت أقل. تهيئ الحكومات والأسواق وأصحاب المشاريع الظروف الملائمة من أجل تمكيننا من اتخاذ إجراءات جماعية فعالية تجاه أزمة تغير المناخ. ويواصل مصباح العلم ابتكار أمور رائعة في كافة أرجاء الكون. وتستمر التجارب الاجتماعية الكبرى للقرنين الـ20 والـ21، مثل دخول الكتلة النسائية في القوى العاملة، والحقوق المدنية، وحقوق المثليين والمثليات والمتحولين جنسياً، وتفسح في المجال لتجارب جديدة مهمة. ويبدو واضحاً تماماً أن كلينتون تملك رؤية مماثلة لرؤيتنا”.
وقالت إن المجلة “ستتابع عملها في توفير تغطية صحافية نقدية وعادلة لكلا المرشحين، وستواصل كفاحها من أجل المستقبل عوضاً عن الماضي، ودعم كلينتون للرئاسة جزء من كفاحها هذا”.
وأعلنت مجلة “إنكويرير” عن دعمها مرشحة الحزب الديمقراطي، للمرة الأولى منذ 126 عاماً. إذ اعتبرت المجلة التي اعتادت دعم المرشحين الجمهوريين أن هذه الانتخابات لا تشبه أي انتخابات عادية، لذا فإن خيارها لن يكون اعتيادياً هذه المرة. وأشارت إلى أن البلاد تحتاج إلى رئيس هادئ، وقيادي، ويستطيع مواجهة التحديات التي تواجه البلاد في الداخل والخارج.
وأكدّت أن كلينتون هي خيارها الوحيد في هذه الانتخابات، وأثنت على مسيرة كلينتون السياسية، معتبرة أن ترامب يشكل خطراً واضحاً على البلاد. وقالت إنها تملك تحفظات معينة تجاه كلينتون، لكنها تبدو باهتة أمام مخاوفها من ترامب، وأضافت أن الوقت قد حان لانتخاب رئيسة للولايات المتحدة الأميركية “ليس لأنها امرأة، بل لأنها الخيار الأكثر كفاءة”. علماً أن الاشتراكات في المجلة انخفضت بعد موقفها هذا، وفقاً لصحيفة “ذا غارديان”.
كما دعمت صحيفة “وول ستريت جورنال” كلينتون. وقالت إن انتخاب الأخيرة وحده يحول بين مستقبل الولايات المتحدة الأميركية المشرق و”عهد الرئيس غير المستقر والفخور بجهله وغير الجاهز نفسياً لدخول البيت الأبيض”. وانضمت إليها صحيفة “ذا سان دييغو يونيون تريبيون” التي دعمت مرشحاً ديمقراطياً لأول مرة في 148 سنة هي تاريخها، معتبرةً أنّ كلينتون تمثل الخيار “الأكثر أماناً” لتولي الرئاسة.
من جانبها، امتنعت صحيفة “يو إس إيه توداي” عن دعمها لأي مرشح للرئاسة منذ تأسيسها في 1982. وبالرغم من أنها لم تعلن صراحة عن دعمها كلينتون في الانتخابات المقبلة، إلا أنها هاجمت ترامب، وقالت صراحةً إنه غير مؤهل لتولي الرئاسة، وذكرت عدة أسباب دفعتها إلى اتخاذ هذا الموقف، واصفةً ترامب بـ”غير المستقر” و”الكاذب المتسلسل”.

ترامب لا يحظى بالإعجاب
يبدو واضحاً أنّ ترامب لا يحظى بإعجاب الصحف الأميركية. ففي حين هاجمته معظم الصحف، انفردت صحيفة “نيويورك بوست” في إعلان دعمها له، في خطوة متوقعة. وأوضحت الصحيفة أنها تؤيد ترامب لأنه “رجل أفعال”، بالإضافة إلى كونه رجل أعمال،

وساهم في خلق ملايين فرص العمل للموظفين، وأثبت أن القطاع الخاص يمكن أن يحقق إنجازات على الأرض بعيداً عن الروتين الحكومي، وفقاً للصحيفة.
وأضافت أن ترامب يحظى بتأييد المواطنين الذين سئموا من حكم مجموعات الضغط والطبقة السياسية المعزولة، معتبرةً أنه يشكل أملاً للأشخاص الذين شهدوا تجاهل الحكومة لاحتياجاتهم، ومساهمتها التدريجية في تدهور حياتهم الاقتصادية.
وقالت إن ترامب “رسول غير مثالي يحمل رسالة حيوية”، لكنه يعكس أفضل قيم الصحيفة، ويقدم الأمل لكل المواطنين الأميركيين الذين تمت خيانتهم من قبل الطبقة السياسية، كما أنه يملك الإمكانات والمهارات والدراية اللازمة ليرقى إلى شعار حملته “لنجعل أميركا عظيمة مجدداً”.

داعمو غاري جونسون
أعلنت 6 صحف على الأقل عن دعمها مرشح الحزب الليبرالي، غاري جونسون، من بينها صحيفة “ذا ديترويت نيوز” التي لن تدعم مرشح الحزب الجمهوري للمرة الأولى منذ 143 عاماً. وأعلنت الصحيفة أنها ستخالف عادتها هذه المرة لسبب واحد: دونالد ترامب. ووصفته بأنه “رجل لا يملك أي مبادئ، غير مستقر، وخطير جداً”، مؤكدةً أنه لا يمكن أن يكون رئيساً أبداً. وأضافت أن كلينتون لديها مسيرة مميزة في العمل السياسي
وقادرة على تولي الرئاسة، لكنها واجهت الكثير من الاتهامات بخصوص المصداقية والشفافية، الأمر الذي توليه الصحيفة الكثير من الأهمية. لذا، فإن جونسون “صادق” و”قادر على تولي الرئاسة بجدارة”، وفقاً للصحيفة.
وجونسون الذي عُرف بسبب عدم قدرته على تسمية رئيس أجنبي واحد، وعدم معرفته ما هي حلب، أيدته صحيفة “شيكاغو تريبيون” أيضاً. وقالت إنها تفضل دعم “مرشح يملك مبادئ، بغض النظر عن حظوظه القليلة للفوز، عوضاً عن دعم أي من المرشحين الآخرين المخيبين للآمال”. علماً أن الصحيفة دعمت دائماً مرشحي الحزب الجمهوري، باستثناء دعمها للديمقراطي باراك أوباما في 2008 و2012.

وامتنعت بعض الصحف عن تأييد أي من المرشحين، من بينها “كانتون ريبوستوري” التي أعلنت أن كلينتون وترامب لن يحظيا بدعمها، لأن أياً منهما لم يظهر القدرة على إلهام، وتوحيد، أو وضع حد لانعدام الثقة والانقسام الحاصل تجاههما.

وأوضحت الصحيفة أسباب امتناعها عن تأييد كلينتون، وتضمنت مقتل أميركيين، من بينهم السفير الأميركي في مدينة بنغازي الليبية عام 2012، وفشل استراتيجيتها تجاه الشرق الأوسط، بالإضافة إلى قرارها غير المبالي في استخدام بريد إلكتروني خاص أثناء توليها وزارة الخارجية، وغيرها.
ووصفت ترامب بـ”الرجل الاستعراضي”، وشرحت أنه لن يحظى بدعمها بسبب مواقفه العنصرية من الأقليات والمسلمين والمهاجرين. كما أشارت إلى أن جونسون ومرشحة حزب الخضر الأميركي، جيل ستاين، لا يرقيا إلى مستوى تطلعات الصحيفة، لذا ستمتنع عن دعم أي مرشح. واعتبرت أن الانتخابات الرئاسية الأميركية الأخيرة يجب أن تساهم في توعية المواطنين الأميركيين إلى انهيار النظام الأميركي الحالي.

القنوات اختارت أيضاً
اختارت القنوات التلفزيونية الأميركية هي الأخرى مرشحيها في الانتخابات الرئاسية الأميركية. وانقسمت المحطات بشكل أساسي بين مرشحة الحزب الديمقراطي، هيلاري كلينتون، ومرشح الحزب الجمهوري، دونالد ترامب، وساهمت في توجيه الناخبين الأميركيين نحو آراء محددة تتوافق مع أجندتها السياسية، وتفوقت على الصحف والإنترنت.
وليس حال القنوات كما الصحف، إذ إنها منذ اللحظة الأولى لبدء العمليّة الانتخابيّة تدعم مرشحاً تختاره، عبر بثّ كمية أخبار ومواد عنه أكثر بكثير من المرشحين الآخرين. هكذا، دعمت قناة “فوكس نيوز” ترامب منذ البداية، الأمر الذي تسبّب بانتقادات كثيرة لها، بسبب انحيازها الواضح للحزب الجمهوري، ودفاعها المستميت عن تصريحات ترامب العنصرية بحق الأقليات والمسلمين والمهاجرين. فقد استضافت القناة ترامب 10 مرات في شهر يونيو/حزيران وحده، علماً أن الرئيس السابق للقناة، روجير إيلز، والمتهم باعتداءات جنسية في القناة، صديق شخصي لترامب وعُين كمستشار له.
أما قنوات “ايه بي سي”، “أن بي سي”، “أم أس أن بي سي” فتدعم كلينتون إما عبر الإعلان عن ذلك صراحة، أو من خلال التغطية السلبية المتواصلة لترامب التي أخذت أحياناً شكل الحملة الإعلانية. أما قناة “ايه بي سي” فتبدو أكثر حيادية، مقارنة بالقنوات الأخرى، مما جعلها تحتل المرتبة الثانية ضمن أكثر القنوات القومية متابعة خلال المناظرة الرئاسية الأولى بين كلينتون وترامب في 26 سبتمبر/أيلول الماضي، بعد قناة “أن بي سي”.
أما قناة “سي أن أن”، فهي تدعم كلينتون مؤخراً، بينما واجهت انتقادات منذ البداية بسبب تغطيتها الكثيفة لترامب، وتجاهلها لحملة بيرني ساندرز.


صدى الشام