"مساحات الأمل".. سوريون يخاطبون قلوب الألمان بعروض ثقافية


تمكن فنانون ومثقفون سوريون رغم المصاعب من تحقيق نجاحات فنية في وقت قصير بعد لجوئهم إلى ألمانيا، وحاولوا عرضها في احتفالية "مساحات الأمل".

"فن الطهي هو ليس مجرد كم ملعقة ملح أو بهارات تضاف إلى طبق ما، إنها قصة شعب بأسره وطريقة عيشه"، تقول السورية ملكة جزماتي في حديثها لـDW" عربية".

اشتهرت جزماتي ببرنامج طبخ كانت تقدمه في إحدى القنوات الأردنية. برنامج تستضيف فيه جزماتي مشاهير من العالم العربي للحديث عن قضايا ساخنة والطبخ سوية.

أما اليوم فهي تعيش في برلين مع عائلتها. "الطبخ هو أسهل طريقة للوصول لشرح ثقافتنا للألمان وللوصول إلى قلوبهم". لذلك تستعد المذيعة والطباخة السورية لنشر كتاب بالألمانية يشرح بالتفصيل ثقافة المطبخ السوري وأشهر طرق تحضير الوجبات السورية.

"ما وراء الحمص" هو الاسم الذي اختارته جزماتي لعرض قدمته في برلين في احتفالية "مساحات الأمل" الثقافية تنظمها "مؤسسة الأمل". احتفالية جمعت الكتاب والفنانين والمثقفين السوريين وألمان يعرضون فيها أفكارهم ومشاريعهم الفنية ويناقشون أيضا آفاق وفرص النجاح. "صحيح أننا معروفون بطبق الحمص، لكن لدينا وجبات ألذ من ذلك كالكبة والشاكرية وبابا غنوج وفتوش والتبولة"، على حد تعبيرها.

تحاول جزماتي عن طريق الطبخ "كسر الصورة النمطية عن السوريين لدى الألمان، إذ "تنتابها مخاوف من تراجع ثقافة الترحيب الألمانية، في مقابل ظهور "صورة سلبية عن اللاجئين السوريين في وسائل الإعلام".

مواهب سورية تصنع طريقها للنجاح

الكاتبة والصحفية السورية رشا عباس تحاول هي الأخرى تقديم صورة مختلفة عن أبناء بلدها، إذ نشرت كتاباً بالألمانية والعربية عنوانه "اختراع قواعد اللغة الألمانية". وهو عبارة عن قصص قصيرة مسرودة بأسلوب كوميدي وساخر عن ليوميات لاجئ سوري في ألمانيا وما يواجهه من صعوبات بيروقراطية ولغوية. "كنت أدون يومياً خواطري في شكل طرائف على صفحتي على فيسبوك". الناشرة الألمانية ساندرا هيتزل كانت ضمن أصدقاء عباس على فيسبوك وعرضت عليها فكرة نشر هذه التدوينات في شكل كتاب.

يسرد الكتاب التحديات التي يواجهها سوري، وجد نفسه في مجتمع ثقافته غريبة عنه، "لكن ليس اللاجئ فقط هو من يواجه صعوبات، المثقف أيضاً" على حد تعبير عباس. وتضيف عباس: "ليس من السهل على أي كاتب أن يتأقلم في محيط جديد وأن يكتب عنه بلغة أخرى غير اللغة السائدة فيه. أول وصولي إلى ألمانيا قبل سنتين عشت أزمة معرفية وطرحت تساؤلات عديدة، فهل أكتب للقارئ الألماني أم للعربي وبأي لغة وأي أسلوب؟".

تكتب رشا عباس عن الإحباط لكن أيضاً على الأمل، رغم أنها على قناعة بأن مساحات الأمل الموجودة سواء لدى السوريين في سورية أو في المهجر ضئيلة. لكن فرص النجاح أمام الفنانين والمثقفين تزال قائمة. "ظروف الإبداع والابتكار مهيأة في ألمانيا، وهناك زخم كبير من الفن والثقافة".

فنانون أم لاجئون؟

هذا ما يتفق عليه الفنان التشكيلي السوري خالد بركة، إذ يقول "الإبداع يشترط الحرية أساساً وهو أمر ليس موجود في سورية".

لكن ما يزعج الفنان السوري في ألمانيا هو ربط المثقف السوري أينما حل بتوصيف "لاجئ". يقول عن ذلك في حوار مع DW" عربية: ""أتلقى دعوات لفعاليات ثقافية أو معارض فنية، لكن دوماً ما يتم تقديمي كفنان لاجئ، رغم أني أعيش في المهجر لأكثر من ستة سنوات".

ويضيف بركة: "صحيح أن صيغتي القانونية حالياً هي لاجئ، لكني أولا فنان". أصبح توصيف "لاجئ" بالنسبة لبركة كشرط أساسي للحصول على منح ودعم مادي للمشاريع الفنية من قبل المؤسسات الحكومية أو غير الحكومية في ألمانيا، وهو أمر يقيد حرية الفنان حسب رأيه. لا يرغب الفنان السوري في معالجة قضايا الثورة السورية أو معاناة السوريين في أعماله الفنية. لأن "الواقع أقوى من الفن وليس من الأخلاقي استعمال آلام الآخرين لغايات شخصية أو فنية" على حد تعبيره.

تشبث بالأمل

أمر لا يتفق معه الفنان الفوتوغرافي المصري حمدي رضا، إذ قضى أسبوعين في مخيم كيليس للاجئين في تركيا والتقط عشرات الصور عرضت في معرض للصور عنوانه "لا بيوت في المخيم" في احتفالية "مساحات الأمل". "التقطت صوري في ظروف إنسانية صعبة في المخيم، وأردت أن أنقل ليس فقط معاناة السوريين هناك، بل وبعض معاني الحياة أيضاً وتشبثهم بها، إذ تدب الحياة هناك وذهلت بمدى تشبث اللاجئين السوريين بالأمل، فنحن محكومون به كما يقول درويش".

أما عن أقوى صورة معبرة التقطها للاجئين أثناء إقامته في مخيم كيليس، يقول رضا: "صورة أب وابنه على دراجة هوائية والسعادة تملأ ملامحهما، هي صورة تلخص الحياة هناك".

 




المصدر