فائزو "نوبل" في الطب والفيزياء والكيمياء هذا العام..ماذا قدموا للعالم؟


على مدار 3 أيام مضت أعلنت الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم عن الفائزين بجوائز نوبل في فروع الطب، والفيزياء، والكيمياء، لعام 2016، حيث قاد "الالتهام الذاتي للخلايا" عالماً يابانياً للفوز بجائزة نوبل للطب، بينما حصد 3 علماء بريطانيين جائزة نوبل للفيزياء بفضل أبحاثهم، التي أتاحت إحراز تقدم في الفهم النظري للأسرار الغامضة للمادة، وفتحت آفاقاً جديدة في تطوير مواد مبتكرة، بينما حصل 3 علماء من فرنسا وبريطانيا وهولندا على "نوبل للكيمياء" عن إنجازاتهم في "تصميم وتركيب الآليات الجزيئية".

ما أهمية تلك الإنجازات العلمية التي عمل عليها العلماء لخدمة البشرية، ومردود تلك الاكتشافات على تطور مجالات الطب والفيزياء والكيمياء. 

"التدمير الذاتي للخلايا"

حصد العالم الياباني "يوشينوري أوسومي"، جائزة نوبل في الطب لعام 2016، وذلك تقديراً لإسهامه في مجال التعرف على كيفية تكسير وإعادة إنتاج مكونات الخلايا داخل الجسم، وهي النظرية التي تعرف بـ"التدمير الذاتي للخلايا".

ونظرياً، قد يبدو تدمير الجسم لخلاياه أمراً سيئاً، لكن "الالتهام الذاتي" أو "التدمير الذاتي" هو عملية طبيعة تستخدمها الأجسام للدفاع عن نفسها والبقاء على قيد الحياة، وتسمح هذه العملية بمواجهة الجوع والتصدي للبكتريا الغازية والفيروسات على سبيل المثال، بالإضافة إلى التخلص من الخلايا التالفة القديمة لتكوين خلايا جديدة.

وتمكن "أوسومي" من تحديد الجين المسؤول عن تنظيم عملية "الالتهام الذاتي الخلايا" وهو مصطلح طبي، يعبر عن التهام الخلايا الدهون والأجزاء التالفة، وتحويلها إلى مواد عضوية وإصلاح التلف، ويُعد عمل "أوسومي" شديد الأهمية للتعرف على المشاكل الجسدية التي تسبب عدداً من الأمراض الغامضة مثل السرطان وباركنسون، وقدرة الجسم على مواجهة الفيروسات والتصدي للبكتيريا وقدرة الخلايا على التجديد التلقائي لنفسها.

ويسبب الخلل في عملية "الالتهام الذاتي" العديد من الأمراض في سن الشيخوخة من بينها الخرف، فيما تُجرى أبحاث في الوقت الحالي لتطوير عقاقير يمكنها استهداف "الالتهام الذاتي" في أمراض عديدة بينها السرطان.

ومصطلح "الالتهام الذاتي" مجال علمي معروف باسم "أوتوفجي" منذ أكثر من 50 عاماً، لكن لم تحدث طفرة في فهم أسرار هذه العملية إلا بعد أن بدأ الدكتور "أوسومي" أبحاثه وتجاربه بشأنها من خلال خميرة الخبز في الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي.

وولد "أوسومي" في عام 1945 في "فوكوكا" باليابان، هو أستاذ في معهد طوكيو للتكنولوجيا منذ عام 2009، وقال لهيئة الإذاعة والتلفزيون اليابانية، عقب فوزه بالجائزة، إنه "دائماً رغب في فعل شيء لن يفعله الآخرون، واعتقدت أن انحلال الخلايا سيكون مثيراً للاهتمام وكانت تلك بدايتي."

"طوبولوجيا المادة"

تقاسم 3 علماء بريطانيون جائزة نوبل في الفيزياء لعام 2016، حيث حصل "دافيد ثوليس"، على نصف قيمة الجائزة، بينما حصل "دانكان هالداين" و"مايكل كوسترليتز" على النصف الآخر، نظير اكتشافهم أشكالاً جديدة للمادة، فيما يعرف بـ"طوبولوجيا المادة".

ويُعد علم الطوبولوجيا أحد فروع الرياضيات، ويهتم بدارسة خصائص المواد التي يتم الحفاظ عليها مع التشوهات التي تحدث في المادة، ويهتم بدراسة تمدد المواد واستمراريتها دون الأخذ في الاعتبار الشكل الناجم عن التمدد.

وعن مبررات قرارها، قالت الأكاديمية السويدية، إن "العلماء الثلاثة فتحوا الباب على عالم جديد غير معروف قبل ذلك، وأتاحت أبحاثهم إحراز تقدم في الفهم النظري للأسرار الغامضة للمادة، وفتحت آفاقاً جديدة في تطوير مواد مبتكرة، يتم تصميمها حسب الحاجة".

ولاحظ العلماء أنه عندما يتم تبريد المادة بشكل شديد، أو تصبح مسطحة تتحرك الجزيئات بشكل مختلف، وقدم ذلك تفسيراً لتغير شكل المادة بين الحالات الثلاث الصلبة والسائلة والغازية، مع اختلاف درجات الحرارة، وقد ساعد ذلك العلماء في استخلاص مواد جديدة.

واستخدم العلماء الثلاثة الرياضيات لتفسير السلوك الفيزيائي الغريب للمواد، عندما تتخذ أشكالاً نادرة مثلما يجري في "السوبر كونداكتورز" أو الموصلات عالية الكفاءة، بينما ركز عمل العالمان "ثوليس وكوسترليتز" على سلوك جزيئات المادة عندما تصبح شديدة التسطح لدرجة أقرب إلى اعتبارها مادة ذات بعدين فقط لا ثلاثة.

وقال العالم "نيلس مارتنسن"، رئيس لجنة نوبل: "التقنيات الحديثة التي نراها اليوم ومنها الحواسيب الحديثة تعتمد على فهمنا لطبيعة المواد المكونة لها".

والعالم "توليس" من مواليد 1934، وحصل على الدكتوراه في الفيزياء من جامعة "كورنيل" الأمريكية، وهو حالياً أستاذ فخري للفيزياء في "جامعة واشنطن".

أما "هالداين" فهو من مواليد 1951، وحصل على الدكتوراة في الفيزياء من "جامعة كامبريدج" البريطانية، ويعمل حاليا أستاذاً للفيزياء بـ"جامعة برنستون" الأمريكية.

بينما ولد "كوسترليتز" فى 1942، وحصل على الدكتوراة في الفيزياء من "جامعة أكسفورد" البريطانية، ويعمل حالياً أستاذاً للفيزياء بـ"جامعة براون".

الآليات الجزيئية 

ذهبت جائزة نوبل في الكيمياء لهذا العام، لثلاثة علماء هم، الفرنسي "جان بيار سوفاج"، والبريطاني "وج. فرايرز ستودارت"، والهولندي "برنارد ل. فيرينجا"، وذلك عن إنجازاتهم في "تصميم وتركيب الآليات الجزيئية".

وعن حيثيات منح الجائزة، قالت الأكاديمية، إن العلماء الثلاثة ساهموا في "تصميم وتركيب الآليات الجزيئية المستخدمة في الهياكل الكيميائية التي يستعين بها الباحثون في جميع أنحاء العالم، وعلى رأسها الروبوت الجزيئي".

وذكر البيان، أن العلماء "طوروا جزيئات بحركات يمكن التحكم فيها، حتى يمكنها القيام بمهمة معينة عند تزويدها بطاقة"، لافتاً إلى أن "الآليات الجزيئية ستُستخدم على الأرجح في تطوير أشياء مثل مواد وأجهزة استشعار، وأنظمة تخزين طاقة جديدة".

وتعتبر هذه الآليات، أصغر آليات في العالم؛ فهي أصغر من حجم شعرة الإنسان بآلاف المرات، ويمكن دفعها داخل جسم الإنسان لنقل عقار دوائي بداخله، وعلى سبيل المثال يمكن تطبيق علاج مباشر على خلايا سرطانية، كما يمكن أيضاً لهذا المجال الخاص بتكنولوجيا النانو متناهية الصغر، أن ينتج عنه تطبيقات جديدة في تصاميم المواد الذكية.

و"سوفاج"، من مواليد 1944 في العاصمة الفرنسية باريس، وحصل على شهادة الدكتوراة عام 1971 من جامعة "ستراسبورغ"، فرنسا، ويعمل حالياً أستاذاً فخرياً للكيمياء في جامعة "ستراسبورغ".

وحقق "سوفاج" إنجازات مبكرة في مجال الآليات الجزيئية، وكان قد أجرى بحوثاً لاستخدام ضوء الشمس في توجيه تفاعلات كيميائية، غير أن عمله ساعده في التوصل إلى فكرة إمكانية الربط بين الجزئيات المختلفة معاً في سلسلة.

أما "ستودارت"، فمن مواليد 1942 في "أدنبرة"، ببريطانيا، وحصل على شهادة الدكتوراة عام 1966 من جامعة "أدنبرة"، ويعمل حالياً أستاذاً للكيمياء في جامعة نورث وسترن الأمريكية.

وحقق العالم البريطاني تقدماً كبيراً من خلال ربط حلقة جزيئية في بنية تشبه قضيباً تعمل كمحور، واستطاع فريقه العلمي بعد ذلك الاستعانة بالاكتشاف لبناء عدد من الآليات الجزيئية، من بينها محرك وعضلة وشريحة حاسوب بالتعاون مع باحثين آخرين.

و"فيرينجا" من مواليد 1951 في مدينة "بارجر كومباسكوم" الهولندية، وحصل على الدكتوراة عام 1978 من جامعة "جرونينجن" في هولندا، ويعمل حالياً أستاذاً للكيمياء العضوية فيها.

واستطاع "فيرينجا في عام 1999 الإشراف على أول بحث لإنتاج محرك جزيئي يدور باستمرار في نفس الاتجاه، وتمكن فريقه العلمي في عام 2011 من بناء سيارة نانو مدفوعة بأربع عجلات وهي هيكل جزيئي متماسك بأربعة محركات تعمل كعجلات".

ومن المقرر أن يتم الإعلان عن الفائز بجائزة نوبل في السلام يوم الجمعة المقبل، بينما سيتم الإعلان عن أسماء الفائزين بجائزتي الأدب والاقتصاد الأسبوع المقبل.

وجرى منح أول جائزة من جوائز نوبل عام 1901 في مجالات الآداب والفيزياء والكيمياء والطب في الأكاديمية الملكية الموسيقية بالعاصمة السويدية أستوكهولم.

وتبلغ قيمة كل جائزة من جوائز نوبل 8 ملايين كورونا سويدية (930 ألف دولار).

ويتم تسليم جوائز نوبل في حفل يقام في استكهولم بالسويد في 10 من ديسمبر/كانون الأول المقبل، ذكرى وفاة رجل الصناعة ومخترع الديناميت السويدي، "ألفريد نوبل" (1896-1833) الذي يعد الأب الروحي لجوائز نوبل، بينما يتم تسليم جائزة نوبل في السلام خلال حفل يُقام في مدينة أوسلو النرويجية.




المصدر