التصفية الكبرى مستمرة بين الأحرار والجند .. وجيش الأسد يُبارك للثورة

9 تشرين الأول (أكتوبر)، 2016

6 minutes

هائل سعد – ميكروسيريا

كان بديهياً، أن ينعكس الصراع المسلح بين أحرار الشام وجند الأقصى، لصالح جيش الأسد والميلشيا الشيعية المتحالفة معه، في جبهات القتال المفتوحة  شمال سورية، خصوصاً في حماة وحلب، في حين انقسمت مواقف الفصائل الأخرى بين مؤيد “لاستئصال الجند” وبين من يدعو إلى التهدئة، وتركيز الجهود لمواجهة الأسد وحلفائه. فيما يبدو أن “الأحرار” اتخذت قرارها بالحسم، وفق ما أعلنه أمس “السبت” الناطق العسكري باسم الحركة أبو يوسف المهاجر، عبر حسابه في تويتر أن (أحرار الشام اتخذت قراراً بحسم موضوع “جند الأقصى” الذين عاثوا في الأرض فساداً وقد أنذرناهم سابقاً)، وفق ما جاء في التغريدة.  فيما أعلن ستة عشر فصيلاً، في بيان مشترك وقوفهم الى جانب الأحرار ضد الجند ، منها «فيلق الشام» و «جيش المجاهدين» و «فاستقم» و «جيش الإسلام» و «الجبهة الشامية»، بينما اتخذت فصائل أخرى منها «جبهة النصرة» موقف الحياد، في محاولةً للحفاظ  على إمكانية للتوسط بين الطرفين على ما يبدو. في وقت يصعب التكهن بموقف “داعش” مع تدهور أوضاعه الميدانية، وتمسك “جند الأقصى” بالتبرؤ  من عقيدة  التنظيم وغلوه.

أولى بركات “اقتتال الأخوة” تمثلت بشن جيش الأسد وحلفاؤه هجوماً  منسقاً على جبهة حماة، تمكنوا عبره من استعادة السيطرة  على”الجنينة”، و”الطليسية”، و”الشعثة”، و”الخيمة”، و”القاهرة” و”النقرة” ومنطقة “تل الأسود”، شمال شرق حماة، في تقويض لما حققته المعارضة المقاتلة من مكاسب عسكرية خلال المعارك التي انطلقت مطلع الشهر الماضي.

تلك التطورات، انعكست بدورها على جبهة إدلب حيث سيطر “الأخوة” في “أحرار الشام” على مواقع “أخوتهم” جند الأقصى”، في معسكر “المسطومة” و “معرة النعمان” و”الحامدية” و”جرجناز” و”سرمدا” بريف إدلب، فيما تواصلت الاشتباكات بين الطرفين بمناطق ريف “إدلب” الجنوبي، سقط فيها قتلى في صفوف “الأخوة الأعداء”.

شرارة تلك المواجهات بين “الأخوة”، بحسب المصادر المتقاطعة، انطلقت بمقتل القيادي في حركة أحرار الشام جمعة هواش “أبو طالب” يوم الخميس الماضي، في خان شيخون بريف إدلب الجنوبي، تلاها حملة اعتقالات متبادلة بين الطرفين، على خلفية “توترات” سابقة ومتراكمة بينهما، سرعان ما استحالت إلى مواجهات امتدت من خان شيخون إلى

معرّة النعمان ومعرة زيتا والحامدية وجرجناز وسرمدا والمسطومة، حيث تحولت محافظة إدلب وأريافها إلى مسرح مواجهة شاملة.

ثمة من يعتقد، بأن الاعتقالات ليست السبب الحقيقي لاندلاع القتال، بقدر ما هو مخاوف “أحرار الشام” التي تتوجس بأن “جند الأقصى” يسعى لإنشاء إمارة خاصة به في ريف حماة الشمالي، تتيح له التواصل لاحقاً مع تنظيم الدولة في الريف الشرقي، الأمر الذي يُشكل تهديداً مباشراً على “الأحرار”، وهو ما أشار إليه بالفعل بيان “جند الأقصى” الذي ربط بين ما أسماها استفزازات “الأحرار” وبين معركة حماة، متهماً إياها بمحاولة تعطيل المعركة وإيقافها، بحسب بيان “الجند” الذي لوح بإمكانية إيقاف “غزوة مروان حديد لحماية نفسها، فيما ردت الأحرار ببيان يتهم “الجند” بـ “الدعشنة”، ويمهلها مدة 24 ساعة لإطلاق سراح عناصرها الذين اعتقلتهم “جند الأقصى”.

بدورها كانت “أحرار الشام” اعتقلت، الاربعاء، خليةً من «جند الأقصى» بتهمة الارتباط مع «داعش»، الأمر الذي ردت عليه «الجند»  بمداهمة منزل علي العيسى القيادي في «أحرار الشام» ورئيس دوريات أمن الطرق المسؤول عن اعتقال الخلية التابعة لها، وأطلقت النار على بعض أفراد عائلته، مصطحبةً إياه إلى بلدة سرمين حيث معقلها الأساسي في إدلب. أعقبها في اليوم التالي “الخميس” بتنفيذ هجوم على حواجز للأحرار في خان شيخون، قبل انتهاء الفترة التي حددتها الأخيرة لإطلاق معتقليها، وهو الهجوم الذي أدى إلى إلى مقتل القيادي أبو طالب “جمعة هواش”، والمسؤول عن حواجز “الأحرار” في المنطقة، وهو ما شكل نقطة “اللاعودة” في الاقتتال بين الطرفين على ما يبدو. إذ استمرت الاشتباكات طوال ليل الخميس ـ الجمعة، حيث وردت أنباء عن سيطرة «الجند» على كامل خان شيخون الواقعة في ريف إدلب الجنوبي المتاخم لمناطق سيطرته في ريف حماه الشمالي.

بعض المتابعين، رأوا  أن اختيار “الجند”  خان شيخون كمنطلق لهجومهم  جاء على خلفية تفجير أطمة الذي سقط جراءه العشرات من «فيلق الشام» و «أحرار الشام»، قسمٌ كبير منهم من أبناء المدينة، ما أثار مخاوف «الجند»، المتّهم بمساعدة «داعش» في تنفيذ التفجير، من تصاعد الاحتجاجات ضده في المدينة،  خصوصاً بعدما تعالت الهتافات بإسقاطه في جنازات قتلى التفجير.

هذا التقدم العسكري المباغت لـ “جند الأقصى”، دفع بقادة الأحرار إلى الإسراع بإرسال الحشود إلى المناطق المحاذية لمناطق الاشتباكات، مع تأكيد بعض قياديها بأن القرار اتخذ بحسم موضوع « جند الأقصى». ولذلك أرسلت على ما يظهر مجموعاتٌ كبيرة من «القوة المركزية » التابعة لها  بقيادة محمد منير الملقب بـ  “دبوس الغاب” الذي سرعان ما قُتل مع اثنين من عناصر الحركة خلال اشتباكات مع جند الأقصى أمس “السبت” في قرية “حزارين” بجبل الزاوية في ريف إدلب.

عموماً، فيما يتقدم “الأحرار” في الريف الشمالي لإدلب، يسعى “الجند” إلى تعزيز سيطرته في ريفها الجنوبي القريب من حماة، بينما يتأهب جيشا الأسد وبوتين، والميلشيا الإيرانية المتحالفة معهما، إلى الانقضاض على الجميع.