أحلا ما في السوريين


إياد عيسى

أحلا ما في السوريين، كل السوريين، هو الصبر، هؤلاء لديهم قدرة خرافية عليه، تذكرنا بمعجزة النبي أيوب عليه السلام، الذي لو كان موجودًا بيننا اليوم لأعلن جهادًا مقدسًا، على القريب والصديق قبل الغريب والعدو، منذ أول فيتو روسي – صيني مزدوج، استُخدم لحساب الأسد، في مجلس الأمن الدولي، بحضور بقية “عظماء العالم”، وصخبهم المتواطئ في الاعتراض على “النكتة المقتلة”.

الحقيقة أن الصبر “ميزة سورية” تتوارثها الأجيال، وهي أجيال تربّت في مدرسة “الأب الخالد” حافظ الأسد، وعلى أبواب مؤسسات عهده الاستهلاكية، في طوابير لها أول وليس لها آخر،  للحصول على واحدة من “مكرمات السيد الرئيس”، مثل: كيس بندورة “مفعس”، أو ربع كيلو لحمة مسوّفة “جلاميط”، أو كليهما، “لحمة وبندورة” وفوقها كيس ليمون نخب ثالث “كادو”،  في المناسبات الوطنية والقومية الكبرى، مثل الحركة التصحيحية “المباركة”، وما يرافقها من طقوس إلزامية؛ لإظهار أكبر قدر ممكن من الابتهاج والسعادة، تحت طائلة الأحكام العرفية، وهذه وحدها تحتاج إلى صبر تعجز عنه الجبال، وليس “البني آدميين” وحدهم.

ورث الأب عن أبيه “الشعب بصبره”، وكانت أولى إنجازات العهد الجديد “موبايل مخلوف”، والإعلان عن وصول “لادا” الروسية إلى البلاد، بلا سوء نية طبعًا؛ إذ إن “الليدي لادا” هي سيارة شهيرة في سورية، بل ما من سوري إلا ويحفظ عن ظهر قلب المأثرة الإعلانية “لادا سيارة  تتوارثها الأجيال”، ربما أكثر من النشيد الوطني ذاته،  ونشيد البعث نفسه، وذلك  لما يتضمنه الإعلان من معاني استمرار الابن على نهج الأب، في سياسة تربية “الرعايا” على التحمل والجلد والصبر، حتى استحق المواطن السوري لقب “أبو صابر” بجدارة، والكائن المدعو “أبو صابر” هذا، هو واحدة من “شخصيات” مسلسل صح النوم الشهير بدوره، للراحل نهاد قلعي. ولعله أخر مسلسلات الزمن الجميل، وبداية زمن “الانحطاط” الفكري والأخلاقي، نهاية زمن غوار الطوشة، وبداية مرحلة دريد لحام “الدغري”، في تكثيف روائي – درامي مذهل لـ “زمن الأسدين”، وما انتهى إليه من حرب “بسوس” جديدة “مودرن”، على طعم “كيماوي”، أو بنكهة “البراميل المتفجرة”، ولا فرق بين هذه وتلك، طالما أن قسمًا من السوريين، يُهلل، ويرقص في الشوارع “الموالية” على سيمفونية “المقاومة” فرحًا بموت الشركاء “الأشقاء” في الوطن، أياً كانت وسيلة القتل، فيما الجنس اللطيف من جماعة “الممانعة” تلك، يُفضلن ارتداء مؤخراتهن في وجوهن، في استعطاف إيحائي مثير بأن مؤخرات سورية الأسد العلمانية، تقف في الخندق الأول بالمواجهة الكونية ضد “الإرهاب” الدولي، والذي بالمصادفة هو “سنّي”، والذي “لحيته” من ماركة مختلفة، عن لحية نصر الله الأقل تشددًا، والأكثر قبولًا للآخر، بل وفي “بروباغندا” أخرى هو التعويذة “الإلهية”؛ للحفاظ على نمط الحياة الغربي المنفتح.

ما علينا… هذه ليست “نميمة”، إنما ما يتم تسويقه بالفعل، وبدعاية رخيصة، لكنها تُساهم في تبرير القتل العشوائي، عبر “دعشنة” الضحايا من سكان المناطق الثائرة على الأسد، وتصويرهم على أنهم البيئة الحاضنة للإرهاب، وهي لا تختلف كثيرًا، عما تُمارسه المعارضة السياسية من “بروباغندا” مُستهلكة، في الاستنجاد بـ “أصدقاء”، تعبوا من محاولة إفهام أو إقناع “عضواتها” بأنهم أصدقاء خطابات “مخصيون” عن التحرك سياسيًا وعسكريًا.

أحلى ما في السوريين، أنهم على ضفتي المواقف في “الحالة السورية”، يرفع كل منهما راية “الصبر مفتاح الفرج”، متظاهرًا بتصديق كذبة أن للشعب السوري أصدقاء أو حلفاء، يدافعون عنه “كرم أخلاق”، وليسوا ذئابًا تنقسم بين جائع متربص، وشبعان متفرج.. فيما يتواصل القصف المتبادل بين الأخوة الأعداء على جبهات “تويتر” و”فيس بوك”، يتخلله تقاطع في الأفكار والمواقف أحيانًا، والله الموفق.




المصدر