on
الإعلام الثوري في درعا بين الواقع والطموح
إياس العمر: المصدر
لم يكن الإعلام الثوري في محافظة درعا بمعزل عن التطورات الأخيرة التي شهدتها المحافظة، ولا سيما مرحلة جمود الجبهات، حيث تم توجيه انتقادات حادة من قبل الحاضنة الشعبية للمؤسسات العاملة، والتي اتهمت بعدم القيام بالبدور المناط بها، وفي المقابل واجه العاملون في المؤسسات الإعلامية في الداخل السوري مجموعة من المخاطر الأمنية والصعوبات المالية.
وبنظرةٍ من داخل أهم المؤسسات الإعلامية في درعا، أكد العاملون في هذه المؤسسات الذين استطلعت “المصدر” آراءهم، أن الواقع العسكري لدرعا انعكس بشكلٍ مباشرٍ على العمل الإعلامي، إضافةً للعامل المادي الهام لاستمرار عمل هذه الهيئات الإعلامية.
وبهذا الخصوص، قال مدير مؤسسة يقين الإعلامية معاوية الزعبي لـ “المصدر” إن المؤسسات الثورية في الداخل كانت إلى حد كبير على قدر المسؤولية، ولكن صعوبة الظروف التي مرت بها الثورة بشكل عام وحوران بشكل خاص، أثرت على سير عمل هذه المؤسسات، وأثرت على تقبل المحيط لها، وأثرت على آلية عملها بسبب صعوبة التواصل بين أفراد المؤسسات، نتيجة ضعف شبكة الاتصالات والانترنت والقصف المستمر، وبسبب حالات قطع الطرقات وغياب الأحداث، ولكن العامل الأبرز يبقى غياب سياسة واضحة لعمل ناشطي المحافظة حتى مع وجود المؤسسات، والذي يعود لوجود أعداد كبيرة من الناشطين الذين يعملون خارج مظلة المؤسسات الإعلامية المعتمدة في وكالات مستقلة أو محطات وحتى ضمن فصائلهم، مما أدى لتضارب في أداء المؤسسات الإعلامية وفي مصدر الخبر.
وأشار إلى أن أبز الصعوبات التي واجهت المؤسسات، كان العائق المادي، ففي بداية العمل عام 2014 كان العمل تطوعي والناشطون كانوا يظنون أنه مثل أي عمل ثوري آخر، ولكن مع مرور الوقت اكتشفوا أن العمل الإعلامي هو بحاجة لأدوات وهذه الأدوات لا يمكن تحصيلها دون المال، وهذا يعني أن المؤسسة ستتجه لجهات داعمة يمكن أن يكون دعمها مشروط، والناشطون منذ البداية رفضوا أي دعم مشروط، وفي غياب الدعم تبقى فرص التطور محدودة، كذلك الدعم المعنوي لم يكن متواجداً في عمل المؤسسات من فعاليات ثورية ورجالات محسوبة على الثورة، رغم أن المؤسسة كانت من الداعمين لجميع الفعاليات الثورية في المحافظة منذ انطلاقتها.
وبدوره، قال مدير مؤسسة شاهد الإعلامية محمد العبد الله لـ “المصدر”، إن الاعلام الثوري في محافظة درعا لم يكن يوماً بعيداً عن الواقع أو الأحداث التي تجري على كافة الأصعدة، وكان الإعلام الجزء الرئيس في الموضوع، ولذلك لم يكن من أحد يعطي حق الإعلام الثوري من كافة الأصعدة.
وأشار إلى أن الاعلام الثوري بقي متقوقعاً داخل قوقعة الإعلام المحلي، الأمر الذي انعكس سلباً على واقع الصراع والمجتمع الثوري.
وأضاف العبد الله أن انعدام الثقة والجرأة لدى الإعلاميين كان سبباً في تراجع الإعلام الثوري في محافظة درعا، وكان السبب الرئيس هو الخوف من بطش الأقوى بحق الضعيف (الإعلام)، ولم يكن الإعلام الثوري يوماً منصفا بحق الثورة، بل كان إنصافه لا يتجاوز المشاركات الخجولة، وكان دوماً يقف موقف الحياد أو التزام الصمت أو تلميحات لا تتعدى الإشارة بمنشور فيسبوك أو تعليق، وهذا الأمر وضع الإعلام الثوري مكان الإعلام المقصر، وكان العبء الأكبر عليه من حيث عدم نقل الواقع المرير والمؤلم للثورة بكافة أطيافها، وزاد من شوكة المتملقين ومن حقد البعض على الإعلام لعدم إنصافهم، وبات الإعلام الثوري مقصراً بكل أطيافه ومكوناته وعناصره الذين لاحول لهم ولا قوة.
وأشار إلى أن الإعلام الثوري يعاني من نقص الخبرات الثورية على الأرض من كوادر ومثقفين، فالنسبة الأكبر من كوادر الإعلام الثوري هم من أصحاب الشهادات، ولكن ليست الصحفية، بل لا يتعدى من يعملون بمهنة الإعلام الثوري ٢ في المئة من أصحاب الشهادات، مما زاد من المعاناة بسبب عدم توافق المهنة الثورية مع الإعلام الحقيقي.
وعن الحلول الممكنة قال العبد الله إن زيادة الخبرات وتنظيم ورشات عمل ضمن اختصاصيين يعملون في المجال الإعلامي وإعطاء فرصة لأصحاب الشهادات الصحفية لإبراز مواهبهم وخبراتهم وتوظيفها في الاعلام الثوري، بالإضافة لتنظيم قانون يحمي عمل الإعلام الثوري وجميع العاملين فيه، هو مطلب كل إعلامي حاليا، والأخطاء واردة سواء كان العمل صحفي بامتياز أو ثوري، ولكن يجب أن تسعى لتصحيح الخطأ عبر وضع شروط ناظمة للعمل الإعلامي بجانب تسخير كافة الخبرات والموارد التي تدعم هذا الإعلام.
وقال عضو الهيئة السورية للإعلام عمار الزايد لـ “المصدر” إنه بات من الضروري إيجاد جسم ثوري في محافظة درعا يكون سنداً للناشطين، ويؤمن لهم غطاء، ويكون مظلة تجمع جميع الناشطين بعيداً عن أماكن عملهم، فدور هذا الجسم سيقتصر على حماية الناشطين من أي ملاحقة، وإيجاد كيان خاص بالناشطين ليتمكنوا من إيصال صوت الأهالي دون أي خوف أو تردد.
وأضاف بأن إنجازات كبيرة تحققت خلال سنوات من عمل المؤسسات الثورية في محافظة درعا، وتمكن الناشطون من إيصال صوت الحاضنة الشعبية خلالها، لكن في المقابل في بعض الأحيان يتجنب الناشطون الحديث عن قضايا ذات أهمية خوفاً من الانتقام ولاسيما في ظل الفلتان الأمني وعمليات الاغتيال التي طالت عدداً من ناشطي محافظة درعا، والتهديد بالاغتيال والاعتقال.
المصدر