جائزة “عمدة العالم” توقظ أملاً بتسليط الضوء على معاناة حلب المحاصرة


بالرغم من كل الظروف التي تمر بها مدينة حلب المحررة، ومع كل القصف الذي تتلقاه، لم تغب خدمات المؤسسات الثورية التابعة للمعارضة، عن الوجود لتقديم ما تستطيعه ضمن الظروف المتاحة، وعلى رأسها المجلس المحلي لمدينة حلب المحررة.

وبالرغم من توثيق الشبكة السورية لحقوق الإنسان، في تقرير صادر عنها بداية الشهر الجاري، تصاعد العمليات العسكرية من قبل قوات النظام والقوات الروسية على الأحياء الشرقية لمدينة حلب، بعد انتهاء مدة وقف الأعمال العدائية التي امتدت من مساء 19 أيلول وحتى 25 من الشهر ذاته، والتي استقبلت خلالها مدينة حلب أكثر من 112 صاروخ من قبل قوات النظام، و282 صاروخ من قبل الطيران الورسي بحسب التقرير، إلا أن هذا الأمر لم يقف في طريق عمل مؤسسات المعارضة في المدينة، وترشيح رئيس المجلس المحلي للمدينة، لنيل جائزة “عمداء العالم”، على الجهود التي بذلها المجلس للحفاظ على استمرارية عمله ضمن الضغوطات، وقوة هيكليته.

“الجائزة مهمة في هذا التوقيت، لتسليط الضوء على مدينة حلب المحاصرة”، جملة بدأ بها رئيس المجلس المحلي “بريتا الحاج حسن”، حديثه الخاص لـ”صدى الشام”، متابعاً “وذلك من خلال المؤسسة الثورية المعنية بالأمور الخدمية، والمتمثلة بالمجلس المحلي. ولعل ترشيحي كرئيس لهذه المؤسسة، لهذه الجائزة سيسلط الضوء على مؤسساتنا، ليدرك العالم كفاءة مثل هذه المؤسسات التابعة للمعارضة، رغم الظروف التي تعاني منها مدينة حلب وسط قصف النظام السوري وحصاره لها”.

وأضاف الحاج حسن: “هذا الترشيح بحد ذاته انتصار للثورة واعتراف من قبل كافة دول العالم بمؤسساتها، التي من بينها المجلس المحلي، بعد إثبات وجودها على الأرض من خلال الخدمات التي قدمتها للمواطنيين وقربها من الناس، وتجربتها الديمقراطية، وآلية تشكيلها وانتخابها”.

وكان مشروع “عمدة العالم” قد أُطلق في شهر شباط (فبراير) هذا العام، لـ”تكريم عمدات عملوا مع مجتمعاتهم للترحيب باللاجئين ودمج المهاجرين، وآخرين يدافعون عن حقوق الإنسان ويؤمنون الحماية لأهلهم”. وكان عدد المرشحين لهذا العام 34 مرشحا من دول العالم، بينهم 4 مرشحين من آسيا، أحدهم رئيس مجلس حلب المحررة، وهو العربي الوحيد ضمن المرشحين.

أبدى مهندس الاتصالات “بريتا الحاج حسن”، استغرابه من الترشيح، وغبطته في نفس الوقت، موضحاً أنه لم يكن يعلم من رشّح اسمه، وأردف: “لقد راسلت موقع مؤسسة العمداء، لأستفسر عن الجهة التي رشحتني، وكان الجواب أن هناك مجموعة كبيرة من الأشخاص الذين حضروا مؤتمر فرنسا الصحفي الذي شاركت فيه الشهر الماضي، قاموا بترشيح اسمي، بعد أن سمعوا ما طرحته في المؤتمر عن آلية عمل المجلس وآلية انتخابه وهيكليته، والمهام الذي يقوم بها في ظل الظروف الراهنة، وقاموا بعدها بإجراء أبحاث عن هذا الموضوع، للتحقق من مصداقية ما قلت، ومن ثم تم ترشيحي”.

معايير الترشيح إلى لقب “عمدة العالم”، وهي أحد عشر معياراً، لم تكن بالسهلة، فهي تعتمد على مقياسين، أحدهما شخصي وثانيهما يعتمد على هيكلية المؤسسة القائم عليها الشخص المرشح. وكان معيار القرب من المدنيين بتقديم ما يحتاجونه، وامتلاك روح التضحية وسط القصف المتتالي على مدينة حلب أهم المعايير التي تنطبق على الحاج حسن.

وأوضح الحاج حسين لـ”صدى الشام”، أن “من أهم المعايير الرئيسية التي تعتمدها المنظمة في اختيار المرشحين هي الإدارة الحكيمة أو ما يعرف بالحوكمة، والسلوك، والخدمات المقدمة، وقد انطبقت علي هذه المعايير، إضافة لمعيار مشاركة المؤسسة الناس معاناتهم، والتعاون مع المنظمات الأخرى لتجاوز الصعوبات”.

وتابع: “إن مجرد الترشيح إلى هذه الجائزة هو عامل معنوي مهم للإحساس بالنصر، وهنا أقصد انتصار الثورة وليس نجاحي كشخص، خاصة وأن العالم لديه انطباع عن الثورة السورية، بأنها مجموعة من الإرهابيين. ونحن في الحقيقة لسنا كذلك”.

ترشيح رئيس المجلس المحلي لأشد المناطق سوءاً من بين المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة، أمر يحمل في طياته الأمل للأحياء المحاصرة بحلب، حيث سيوجه نظر الكثيرين من العالم إلى حلب، في حال تم نيل الجائزة خلال أيام، لا سيما بعد ان صنفت الأمم المتحدة، الأسبوع الماضي، أحياء حلب الشرقية ضمن المناطق الـ”محاصرة”، بعد تعذر وصول المساعدات إلى حوالي 300 ألف مدني يقطنون فيها.

“سأحمل ملفات مهمة إلى حفل التكريم”، يؤكد رئيس المجلس المحلي لمدينة حلب المحررة، معتبراً أن هذا الترشيح سيمنحه فرصة لنقل صورة مؤسسات الثورة وعملها ضمن الظروف الصعبة، واستدامة هذا العمل، وآليات التشكيل، مؤكداً أن “هذه المؤسسات تتسم بديمقراطية غير مسبوقة في سوريا، ولا حتى في العالم أجمع”.

من جانب آخر، قال الحاج حسن: “نحن كمجلس محلي نتعامل مع منظمات NGO وهي منظمات المجتمع المدني المحلية، ومع منظمات INGO، أي منظمات المجتمع الدولية والتي لها علاقة رئيسية مع العديد من الحكومات، سواء مع الخارجية الأمريكية أو الحكومة الفرنسية أو الحكومة البريطانية، الأمر الذي كان له دور في ترشيحي لنيل الجائزة”.

كما أكد أن “وزارة التنمية البريطانية هي الداعم الرئيسي للمجلس المحلي لحلب، عبر برنامج (تمكين) الذي يعمل على موضوع الإدارة الرشيدة، وهذا ما أسهم بشكل كبير في نقل صورة عن آليه عمل المؤسسة أيضا”.

وأنهى الحاج حسن حديثه لـ”صدى الشام”، بأنه “سيحاول استثمار هذه الجائزة ليس لخدمة حلب فحسب، وإنما لخدمة سوريا كلها من خلال تعميم التجربة على كل المؤسسات التابعة للمعارضة في كافة المناطق المحررة، وتلافي الأخطاء وتعزيز الإيجابيات المتواجدة في المجلس المحلي لمدينة حلب”.



صدى الشام