on
لاجئات سوريات في تركيا لا معلّقات ولا مطلّقات
آلاء عوض
كثيرة هي المظالم التي تطال النساء؛ بسبب التمييز على أساس الجنس، فتتسبّب لهن بضرر لم يكن في الحسبان، وتؤدي إلى دمار أُسرهن، في وقت أصبحت فيه المحافظة على تماسك العائلة ضربًا من المستحيل، ولعلّ الاختفاء المفاجئ لكثير من الرجال، وغيابهم عن الزوجة لفترة طويلة، دون قدرة الأخيرة على الطلاق أو الخوض في تجربة جديدة؛ لتصون نفسها وأولادها، من أهم القضايا التي تؤرّق النساء، وتتسبب لهن بأذىً نفسي ومادي واجتماعي.
تحتلّ تركيا المرتبة الأولى في أعداد اللاجئين الفارّين من سورية، ويتجاوز عدد السوريين فيها الـ 3 ملايين نسمة، نسبة كبيرة من ذلك العدد من النساء، وتعترض أولاء النسوة مشكلات قانونية متعددة، من بينها غياب جهاتٍ توثّق طلاقهن، على الرغم من اختفاء أزواجهن لسنوات، ولا يستطعن الحصول على الطلاق، خاصةً أن كل الفتاوى التي تُقدم لهنّ تُصرّ على حصر أمر الطلاق بيد القاضي أو المحكمة التي أُبرم فيها العقد، وهي المحكمة السورية.
تشير أرقام صادرة عن مركز دراسات الجمهورية الديمقراطية، أواخر العام الماضي، إلى حجم المشكلة التي تواجه كثرة من النساء، فقد تجاوز عدد المفقودين السوريين الـ 100 ألف، فيما تجاوز عدد المعتقلين الـ 300 ألف، بينما الأعداد الواقعية غير الموثّقة أكبر بكثير.
ليست هناك إحصاءات دقيقة تُفرّق بين عدد الرجال الذين تركوا زوجاتهم عمدًا، وبين المعتقلين والمفقودين، إلا أن دراسة ميدانية للمفوضية العليا للاجئين، صدرت منذ نحو عام، بعنوان “صراع اللاجئات السوريات من أجل البقاء“، أكدّت وجود أكثر من 145 ألف لاجئة سوريّة يُدرن بيوتهن بمفردهن، واضطررن إلى استلام زمام أمور الأسرة، بعد فقدان الرجال، وفي هذا الشأن أفادت الاختصاصية الاجتماعية رفاه. ع، لـ (جيرون) بأن “هنالك العديد من الحالات التي يترك فيها الزوج زوجته عن غير قصد، دون أن يكون معتقلًا أو غائبًا، وتُقسم الأسباب إلى قسمين: الأول مُرتبط بالحالة المادية والنفسية السيئة لكثير من الرجال، وخصوصًا الذين تزوجوا في أثناء الثورة، ورُزقوا بأطفال؛ فهؤلاء لم يكونوا على دراية بصعوبة الحياة، فانصدموا، وكانت ردّة فعلهم الهروب دون حلّ ميثاق الزواج، والنوع الثاني، هؤلاء الذين هاجروا إلى أوروبا بحرًا، وتركوا عائلاتهم في تركيا بانتظار لمّ الشمل، ولكن يوجد العديد منهم لم يُوفّق ولم يحصل على الإقامة، أو ربما تأخرت، هؤلاء يقعون في مشكلات كبيرة مع زوجاتهم، تنتهي في بعض الأحيان إلى انقطاع الزوج عن العائلة، ولا ننسى السبب الأكثر شيوعًا هو الاعتقال والفقدان، والذي يعيق النسوة ويجعلهن غير قادرات على البدء بحياة جديدة، هنّ وأولادهن بحاجتها”.
وتابعت رفاه قائلة: “الطلاق هو الحل في كثير من الحالات، لأن معظم السوريات، غير قادرات على تحمّل مشقّات إعالة الأسرة في تركيا، ولا سيما اللواتي لديهن أطفال صغار، فساعات العمل في تركيا لا تقل عن الـ 12 ساعة، والدخل محدود، والزواج الثاني سواء من رجل تركي أو سوري هو الحل، لكنهن لا يحصلن على الطلاق”.
من جهته، قال القاضي رياض علي لـ (جيرون): “هناك حالات معينة يُسمح للمرأة أن تحصل على طلاقها فيها، ومن بينها الغياب لأكثر من سنة بدون عذر، ولكن المشكلة في تركيا أن العقد القانوني المُبرم في محاكم غير تركية من الصعوبة جدًا التعامل معه، وخصوصًا بالنسبة لقضايا الطلاق، وتحتاج المرأة السورّية لحصولها على طلاق نظامي إلى توكيل محام في مناطق سيطرة النظام، أو المحاكم الشرعية في المناطق المحررة، وإجراءاتها ليست سهلة، ولا توجد هيئة شرعية سوريّة في تركيا، تبتّ بمثل هذه أمور، بينما عندما يكون العقد مُبرمًا في البلدية التركية، أي أن الزواج المعقود في تركيا فمن السهولة التعامل معه”.
وأكدّ العلي أن “أغلب السوريات اللواتي يرغبن في الحصول على طلاقهن في تركيا، لا يصلن إلى تنفيذه؛ لأن العملية معقّدة، ويخشين من العائلة والمجتمع والأولاد، فلا يتعاملن بحزم وجدية مع الموقف، وينتهي بهن المطاف إلى ساعات عمل طويلة واستغلال، من أرباب العمل، وكثير من الظلم والتقهقر في العائلة ككل”.
من جهتها، أكّدت رفاه أن “حاجة المرأة السورية للزواج في بلاد اللجوء أكبر من المعتاد، ولا ينبغي التعامل معها بسلبية، وبحاجة لقانون ينصفها ويحسم وضعها، وخصوصًا أن الثورة لم تُغيّر-بعد- من نظرة المجتمع إليها كتابع للرجل، لا يحقّ لها التحرك من دونه أو بموافقته”.
بينما شدّد العلي على حقّ المرأة في الطلاق (لعلة الغياب)، ونصح بمحاولة الحصول عليه من سورية، إن أمكن، ونوّه على ضرورة متابعة المرأة السوريّة لحقوقها، وسؤالها الدائم والملحّ لاختصاصيين في هذا الشأن، فربما يكون هناك طريقة للحصول على الطلاق من المحاكم التركية، إذا استحال تحصيله من سورية، ولكن الأمر يحتاج إلى متابعة واهتمام، وهذه فرصة للنساء السوريات لكي يثبتن أنفسهن وحقوقهن ويدافعن عنها”.
المصدر