‘بعد انتقاد السعودية لموقفه.. السيسي: سياستنا حول سورية مستقلة.. وتراشق إعلامي بين شخصيات مشهورة بالبلدين’
13 تشرين الأول (أكتوبر)، 2016
تتوضح بشكل أكبر حجم التوترات التي تسود العلاقات المصرية السعودية في الوقت الحالي، نتيجة اختلاف البلدين في موقفهما من عدة قضايا إقليمية على رأسها ملفي سورية واليمن، وكان اللافت خروج أول انتقاد علني سعودي لمصر بعدما صوتت السبت الماضي على مشروع قانون روسي لا يتضمن وقف القصف لحلب.
ولم تعد هذه الخلافات طي الكتمان، فالسعودية أنبت مصر على لسان مندوبها الدائم في مجلس الأمن عبد الله المعلمي، الذي قال بعد انتهاء عملية التصويت: “كان من المؤلم أن يكون الموقف السنغالي والماليزي أقرب إلى التوافق العربي من موقف المندوب العربي (المصري)”.
ووسط هذه التوترات، يبدو أن حجم الدبلوماسية في خطاب البلدين اتجاه بعضهما لم يخلو من رسائل مباشرة وغير مباشرة تشير في مجملها إلى عدم اتفاق كامل، وبوادر لخلاف يختلف المحللون في تقدير أبعاده وتأثيراته.
واليوم الخميس، قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي فيما بدا أنه رد على انتقادات السعودية له، إن “السياسة المصرية مستقلة بشأن سورية”، وقال “لا بد من حل سياسي للأزمة السورية للحفاظ على وحدة الأراضي السورية”.
وبحسب تصريحات نقلتها صحيفة “الأهرام” المصرية عن السيسي، رد الأخير على انتقادات السعودية لموقفه من الملف السوري لا سيما التصويت في مجلس الأمن، وقال إن “التصويت المصري على القرارين الروسي والفرنسي أغضب البعض (في إشارة إلى الرياض)”.
وأضاف: “لكننا نظرنا إلى أن القرارين يدعوان إلى وقف إطلاق النار وإعطاء الهدنة للسماح بإدخال المساعدات للمواطنين الذين يعانون”، لكنه أغفل في حديثه أن المشروع الفرنسي يدعو صراحة إلى وقف فوري للقصف على مدينة حلب شمال سورية التي تحدث فيها يومياً عدة مجازر، في حين يرفض المشروع الروسي الذي صوتت عليه مصر وقف القصف.
ولم يخف السيسي وجود ما أسماها “ضغوطاً على مصر”، دون أن يوضح التفاصيل، وتطرق إلى الحديث عن إيقاف السعودية لشحنات البترول إلى مصر قائلاً: “بعض المتابعين تصور أن وقف شاحنات البترول من السعودية كان للرد على ذلك”، وأضاف: “أؤكد أن هذا ليس صحيحاً فشحنات البترول تأتي وفقا لاتفاق تجاري تم توقيعه في أبريل الماضي ولا نعرف ظروف الشركات وسنتخذ المواقف المناسبة”.
ونفى السيسي مواجهة بلاده “أي مشكلة” في البترول. ووجه حديثه إلى شعبه، قائلا: “يا مصريين لو عازين استقلال بجد متاكلوش ولا تناموش”، وأضاف: “هناك محاولات للضغط علينا، ومصر لن تركع إلا لله”.
تراشق إعلامي
وبدا لافتاً أن تصعيداً كلامياً بين إعلاميين مصريين وسعودين بدأ يظهر بشكل واضح على مواقع التواصل الاجتماعي، ويتبادلون انتقادات يتهجم فيها كل طرف على الآخر.
وتشير شبكة “سي ان ان” العربية إلى أن الإعلامي المصري، أحمد موسى، المعروف بمواقفه المؤيدة للمملكة وخاصة إبان أزمة جزيرتي تيران وصنافير، والجدل المثار حولها وما إذا كانت مصرية أو سعودية، تغير حديثه من التهليل إلى العتاب واللوم.
ورفض موسى مواقف عدد من الإعلاميين والكتاب السعوديين، بل ووجه خطابه إلى وزير إعلام المملكة، مطالبًا إياه بالتدخل فيما تكتبه صحيفة “الحياة” التي رأي أنها تعبر عن موقف الرياض.
ودشن موسى وسمًا على شبكات التواصل الاجتماعي من 3 كلمات “مصر_لن_تركع”، وهو تصريح شهير سبق للمصريين سماعه قبل نحو 4 سنوات على لسان رئيس مجلس وزراء بلادهم الأسبق، الدكتور كمال الجنزوري، في خطابه الشهير أمام البرلمان المصري، الذي كانت رئاسته تحت إمرة جماعة الإخوان المسلمين ممثلة في ذراعها السياسية، حزب الحرية والعدالة.
وشدد موسى، في برنامجه “على مسؤوليتي”، على أن “مصر عصية” والسيسي رئيس البلاد “حمل الكثير من أجل مصر”، مذكرًا المملكة العربية السعودية بمواقف الملك فيصل عندما قطع البترول عن الغرب في حرب أكتوبر 1973.
وتحدث موسى بمضمون يتشابه مع ما ذكره السيسي من تعرض مصر للضغوط، وقال: “محدش مداين مصر.. مصر اللي ليها عند كل الناس ومحدش يلوي دراعنا.. بس إحنا فاكرين اللي وقف معانا في وقت الشدائد.. إحنا عندنا أصل مش ناكرين الجميل ولكن على من يحب مصر لا يضغط عليها ويعلم أننا لا نركع”.
وأثار الإعلامي المصري يوسف الحسيني أيضاً زوبعة من الجدل، وهو مقدم برنامج “السادة المحترمون”، وقال في تغريدة له على موقع “تويتر” رداً على منتقدي موقف بلاده من التصويت على المشروع الروسي في مجلس الأمن: “ده سر شد الودن؟! وهي مصر بتتشد ودنها!! إحنا لو رفعنا إدينا بس… الولد هيعيط لأبوه”، وهو ما اعتبره سعوديون “إهانة”.
ده سر شدة الودن ؟!
و هي مصر بتتشد ودنها !!
احنا لو رفعنا أيدينا بس .. الولد هيعيط لأبوه https://t.co/jbjpiMky4d— يوسف الحسيني (@Youssefalhosiny) October 10, 2016
في السياق نفسه، قال الصحفي المصري البارز إبراهيم عيسى، في برنامجه على قناة “القاهرة والناس”، إن “المملكة العربية السعودية لا تطيق موقفًا سياديًا مستقلا لمصر، وتسعى لأن يكون موقف القاهرة متماشيا مع موقف الرياض”، على حد تعبيره.
رد مقابل
وبعد تصويت روسيا على مشروع القرار الروسي في مجلس الأمن، كان قد انتشر “هاشتاغ” مصر_تصوت_لصالح_المشروع_الروسي على موقع “تويتر”، وكتب مستخدموه تغريدات انتقدوا فيها الموقف المصري.
وكتب رئيس الديوان الملكي السعودي سابقًا، خالد التويجري: “أسف ما بعده أسف يا فخامة الرئيس أن يحدث ذلك منكم تجاه المملكة بالذات. أنسيتم مواقفنا معكم كأشقاء!!”.
#مصر_تصوت_لصالح_المشروع_الروسي أسف ما بعده أسف يا فخامة الرئيس أن يحدث ذلك منكم تجاه المملكة بالذات. أنسيتم مواقفنا معكم كأشقاء!!
— خالد التويجري (@kt_tuwaijri) October 9, 2016
كما انتقد رئيس اللوبى السعودى في أمريكا، سلمان الأنصاري، تصويت مصر لصالح مشروع القرار الروسي، وقال في تغريدة على موقع “تويتر”: “عذراً يا مصر.. لكن تصويتك لصالح مشروع روسيا يجعلني أشكك في أمومتك للعرب وللدنيا!”.
ودخل الصحفي السعودي البارز جمال خاشقجي على خط النقاش المتوتر، وهاجم صحيفة “الوطن” التي نشرت تقريراً بعنوان: “السعودية تدفع ثمن احتضانها للإرهاب وجماعات العنف المسلح”. وعلق على ذلك بالقول: “وقاحة من صحافة لا تنتفس بدون توجيهات ، ثم يخرج أحدهم قائلاً، مجرد مقال لا يعبر عن وجهة النظر الرسمية “.
وقاحة من صحافة لا تنتفس بدون توجيهات ، ثم يخرج احدهم قائلا ، مجرد مقال لا يعبر عن وجهة النظر الرسمية ! https://t.co/6kNFD6W0uR
— جمال خاشقجي (@JKhashoggi) October 12, 2016
وفي تصريح لوكالة الأنباء الفرنسية، قال خاشقجي أمس الأربعاء 12 أكتوبر/ تشرين الأول 2016، “مصر لا ترى خطرَ الإيرانيين الذين يدخلون في صراع إقليمي محموم مع السعودية بتأييدهم لبشار الأسد في سورية والحوثيين في اليمن”، معتبراً أن “السعودية تسامحت مع الموقف المصري مراراً وتكراراً، وأعتقد أن ما حدث في تصويت الأمم المتحدة هو القشة التي قصمت ظهر البعير”، على حد قوله.
ويقول خاشقجي: “السعودية تشعر بالقلق حول مستقبل مصر (…) الأمور لا تسير بشكل جيد اقتصادياً. ومع الركود السياسي، فهناك قابلية لأزمة جديدة في مصر، ولا أحد يتمنى أزمة أخرى في المنطقة”.
[sociallocker] [/sociallocker]