“ماراثون دمشق” حفلٌ هولوكوستيّ صاخب بلحنٍ طائفي


خالد محمد

في ظل وضع سوري مأسوي، لا تكفي الكلمات لوصف مدى تدهوره، على الصعيد الأمني والسياسي والاقتصادي والاجتماعي، ولا سيما في حلب التي تصدرت المشهد خلال الأشهر الماضية، تتكرر بين الحين والآخر مظاهر الاحتفالات الصاخبة في العاصمة دمشق، التي شهدت -نهاية الأسبوع الفائت- احتفالًا صاخبًا، نظمه “فريق دمشق التطوعي” الموالي للنظام، ضمن فعالية “ماراثون دمشق”.

تعمّد النظام وحلفاؤه إظهار دمشق -للعالم الخارجي- على أنها مدينة تنعم بالأمن والسلام، وأبناؤها يعيشون في سعادة وأمن تحت حكم “آل الأسد”، ويصورهم يرقصون ويمرحون، وكأن الحرب لا تعنيهم، وكأنهم يعيشون في عالم آخر! على الرغم من تقديرات تفيد بأن دمشق فقدت -خلال خمس سنوات- نحو نصف سكانها الأصليين.

مع أن المشهد لم يكن غريبًا في المناطق التي تخضع لسيطرة النظام وميليشياته، إلا أن الصور ومقاطع الفيديو الواردة من الحفل الذي أقيم وسط دمشق، أثارت استهجانًا واضحًا لدى كثير من السوريين، وبينما يتمايل المؤيدون للنظام على أنغام (الدبكة)، يُصارع آخرون في بقية المناطق السورية؛ للبقاء على قيد الحياة، في ظل كآبة الحرب، ورائحة الدم، وأصوات الانفجارات.

هذا النوع من الاحتفالات، كان كفيلًا بإظهار مدى التغيير السلبي الذي أحدثه النظام في مدينة دمشق، وما هو إلا استهتارٌ واستخفافٌ بدماء السوريين الذين يتعرضون -يوميًا- إلى العشرات من الصواريخ والقنابل المدمرة.

المهرجان الغنائي الذي أقيم وسط العاصمة دمشق، شارك فيه شبيحة وميليشيات بلباس مدني، وبعضهم من طائفة بعينها، يعرفون من خلال الوشوم التي على أياديهم، فضلًا عن شباب تبدو عليهم مظاهر الثراء ومواكبة “الموضة”، وسط صيحات الابتهاج والفرح، والتقاط صور السيلفي.

كانت الصورة صادمة أيضًا بوجود عدد كبير من الفتيات، اللواتي ظهرن -منهن محجبات- وهن يرقصن، ويتبادلن الرشق بمساحيق الألوان مع الشباب، وهذا النوع من الرقص والحفلات، هو بالأساس طقس وثني يمارس في عدد من بلدان شرق آسيا.

ووفقًا للناشط شادي، فإن المارثون “ليس إلا “هولوكوست”، أمام صور الدمار والأشلاء والأكفان، التي تضج بها الوكالات العربية والعالمية، في حين أن هذه المشاهد تغيب عن الإعلام الرسمي الموالي الذي يصر على أن الحياة طبيعية في سورية”.

سارعت القنوات التلفزيونية، إضافةً إلى وسائل التواصل الاجتماعي الموالية للنظام، إلى تغطية هذا الحدث على أنه أحد الفعاليات السياحية المشجعة التي تعيشها مدينة دمشق، على الرغم من حالة الحرب الدائرة في البلاد منذ ما يزيد عن خمس سنوات، في محاولة لاستغلال الموقف وإظهار أن النظام يحظى بدعم شعبي، ويُعوّل عليه شريكًا دوليًا، استطاع فرض الأمن والامان، لكن المشاهد إن سار بعيدًا عن مكان الاحتفال ثلاثة كيلومترات فقط، سيجد نفسه في أتون نار حرب مستعرة، وبيوت مُدمّرة، وساحات وحواري لا يجرؤ أحد من أهل النظام على أن يخطو خطوة واحدة فيها.




المصدر