أدونيس .. مراهق نوبل


عبد الناصر القادري

بينما أتصفح الفيس بوك مرت صور صديقي التايواني مع أدونيس وقد وقع له كتباً مما كتبها ” الشاعر الناقد الأديب ” الذي يزور تايوان مؤخراً .

فوراً كتبت تعليقاً على صفحة صديقي أنّ أدونيس هذا مجرم ، يؤيد قتل الشعب السوري ، ويساند النظام المستبد ، ولا يراعي أي حق من حقوق الإنسان في بلد قُتل من أبنائه أكثر من نصف مليون إنسان ، بينهم عشرات الآلاف من الأطفال والنساء ، وزينة شباب البلد الذين يفوقون أدونيس وكل شعراء العالم أخلاقاً وأدباً وإبداعاً .

تعجب صديقي التايواني الذي تعلم اللغة العربية في شرقنا الأوسط من كلماتي ، فأدونيس في الغرب وشرق آسيا أحد أهم الشعراء العالميين والنقاد ، من الذين يحملون لواء العلمانية في كل محفل ، ويتغنى بحقوق الإنسان والديمقراطية والسلام والمساواة بين المرأة والرجل ، وأحد مرشحي النقاد لجائزة نوبل .

علي أحمد سعيد إسبر والمشهور ” بـ أدونيس ” ، شَعرهُ يشبه شعر أينشتاين لكن من دون جاذبية (ديكارت) ، عدوه اللدود جلال صادق العظم وغياث مطر ، ضد نظام الأسد قبل آذار 2011 ، مع نظام الأسد عندما كتب أطفال درعا على الحيطان ، يؤمن بالديمقراطية خارج سورية الأسد ، ينادي بحقوق الإنسان بعيداً عن اللاذقية مسقط رأسه وأدبه ، ثورة تخرج من المساجد ليست ثورة ، مظاهرات المسارح أكثر مدنية من التمدن ، لا بأس بمظاهرات الكنائس ، فهي أكثر مدنية حيث يدخل المصلون إليها بأحذيتهم ، جمهورية إيران الإسلامية أفلاطون تنبأ بها في كتابه “الجمهورية” ، الخميني فولتير كسرى ، بشار لينين من غير شارب ، في كتابه “الثابت والمتحول” ثورة إيران علمانية ماركسية ، الجماهير الإيرانية الهادرة ساحرة ، كان يفكر كيف يمكن أن تنتقل العدوى للعرب ، يؤمن بأي ثورة على الإسلام ، شعاره العلمانية هي الحل والنظام السوري علماني المنطقة الوحيد .

تربى بين يدي أنطون سعادة مع لسعة قومية واشتراكية ، ولكنه علوي عندما تدق ساعة الحقيقة ، لا يعرفه 89.9 % من الشعب السوري وربما أكثر ، فهو مخلوق فوق محلي ، شاعر فوق عادي ، ناقد فوق أدبي ، يحلم بنوبل كل سنة فتبقى كابوساً ، أخذ جائزة مدينة أوسنابروك الألمانية للسلام التي تبلغ 25 ألف يورو ، رفض الكثير من الباحثين والمثقفين الألمان بينهم ” نافيد كرماني ” تقديم هكذا جائزة لهكذا كائن ، وقال :” كيف يُعطى جائزة سلام وهو يؤيد القمع الدموي على أبناء بلده”.

لديه مشكلة مع الأديان ، وينادي بقطيعة معرفية وسياسية مع الحراك الديني “الإسلامي” ، لكنه يزور إيران ويلقي بها القصائد ، وقد يلطم مستقبلاً ، الثورة أكثر سوءاً من النظام ، انتقد قطع رأس أبي العلاء المعري ولم ينتبه لـ 11 ألف معتقل قضوا تحت التعذيب هشمت رؤوسهم.

دوماً ما يطالب المثقف أياً كانت مكانته وموقعه بموقف أخلاقي ، رغم أنّ أدونيس كان قادراً على الصمت مثلاً ، ولكن مثل الثورة السورية أعظم ثورات التاريخ وأنقاها ، كشفت كل شيء وعرت كل مختبئ وراء إصبعه ، وغالباً ما كان أدونيس أسخفهم .

لم يكن يوماً أدونيس شخص جماهيري ، مفكر في الموقع الخاطئ ، علماني لكن الطائفية تدغدغ مشاعره المرهفة والحساسة كشاعر ، لدرجة أن قصف الكيماوي لم يحرك فيه شيء.

وتبقى الثورة السورية مستمرة ، وسورية ولادة مبدعين ومثقفين وناقدين وأدباء وشعراء مع الشعب في كل قرار وصيحة ، فنزار قباني وغادة السمان وعمر أبو ريشة ومحمد الماغوط وشفيق جبري ونديم محمد وممدوح عدوان وعمر الأميري وسعد الله ونوس ، وزكريا تامر ونوري الجراح وابتسام التريسي كلهم أحق بنوبل الثورة السورية ومحبة الشعب السوري لهم وغيرهم الكثير.

“وطن إف أم”