المرأة في مناطق الإدارة الذاتيَّة الكرديَّة.. إحصائيات غير دقيقة والعنف مستمرّ


جيرون

شغلت قبل أيّام حكاية جريمة مقتل عروس في ليلة عرسها بطريقة بشعة على يد العريس في مدينة عامودا، إحدى مدن الجزيرة السوريَّة، الرأي العام المحليّ في المناطق الخاضعة لسيطرة (الإدارة الذاتيَّة)، الأمر الذي لفت الانتباه مجدّدًا إلى معضلة العنف ضدّ المرأة وارتفاع الضحايا الإناث بسبب العنف المُمارَس الذي فشلت منظمات المجتمع المدني وحماية المرأة وحقوقها في اتخاذ التدابير الملائمة لإيجاد أرضية للحدّ أو لتخفيض نسبة الاعتداءات التي تتراوح ما بين التحرّش والاستغلال وتصل أحيانًا إلى درجة القتل.

وحلو هذه الظاهرة قالت منى عبد السلام من منظمة سارة لمناهضة العنف ضدّ المرأة لـ (جيرون) “وصلت حالات الاعتداء على المرأة في النصف الأوّل من عام 2016 إلى نسب مرتفعة، ومن خلال العمل تمّ رصد وتوثيق ما يقارب الـ 853 حالة عنف جسدي ضد المرأة في مناطق سيطرة القوات الكردية، خلال الأشهر الستة الأولى من العام الحالي 2016، وعلى الأخصّ في المناطق ذات الطابع الريفي، كما تمّ رصد ما يقارب 352 حالة طلاق، إذا ما نظرنا إلى الطلاق كشكل من أشكال العنف في حال كونه تعسّفيًا ومبني على أسباب غير مقنعة”.

بينما رأت الناشطة في المجال المدني كلبهار محمّد أن “السبب الرئيس في انعدام الإحصائيّات التي توثق بدقة حالات العنف الواقعة ضد المرأة هو مسألة العادات والتقاليد المفروضة، فالعديد من النسوة يمارَس العنف عليهنّ من قبل الأزواج أو الأخوة أو الآباء، إلّا أن الشكوى لجهة معيّنة مدنية أو أمنية يعتبر في نظرهن فضيحة اجتماعيَّة، لذلك فإن حجم الإحصائيّات تكون غير دقيقة وهذا  ما يسبّب العرقلة في تحديد الأرقام”.

وعن حالات العنف قالت “هناك حالات توصف بدرجة خطورة عالية إلّا أنّ تلك الحالات تكون بعيدة عن الأضواء لأسباب متعدّدة، لعلّ أهمها انعدام الوعي بأهمية إطّلاع المنظمات المدنية المختصّة على تلك الحالات العنفيَّة كي تتمكّن من إيجاد حلول لها، وأغلب تلك الحالات تبقى طيّ الكتمان لدواعي الفضيحة الاجتماعيّة”, وعن أكثر حالات العنف حضورًا قالت “يعاني الريف بطبيعة الحال من حالات عنف كثيرة، ولكن ضعف الإمكانيات البشريّة المختصة لدى أغلب المنظمات تدفع إلى إهمال المناطق الأكثر كثافة للعنف ضدّ المرأة، وهذا يسبّب إشكالية سوف نعاني منها مستقبلًا فيما يخصّ موضوع تحرير المرأة من الفكر الرجعي وسيطرة الذكوريَّة ومحاولة التخفيض من نسب العنف”.

وعن استراتيجيات منظمات المجتمع المدني، قالت دنيا فواز، من مركز المجتمع المدني والديمقراطية في سورية “كمنظمة مدنية، عَمِلنا على توعية المرأة عن طريق المحاضرات التفاعلية لتشجيعهن على الكلام، كما أننا نطمح للتوعية من خلال تعريف المرأة بحقوقها وأن تعرف كيف تشتكي، بالإضافة إلى تأمين مشاريع اقتصادية صغيرة للنساء لتمكينها اقتصاديًا اعتمادًا على مبدأ التمكّن الاقتصادي الذي يعطي القوّة للمرأة”.

الأسباب الأساسيَّة

يرى معظم العاملين في مجال توثيق الانتهاكات ضد المرأة في مناطق سيطرة القوات الكردية وأغلب المناطق السورية، أن الأسباب الرئيسة في انعدام وجود إحصائيات دقيقة حول العنف الممارَس ضد المرأة هو الخوف الدائم من العادات والتقاليد المتعارف عليها اجتماعيًا، والخوف من الطلاق في حالة الشكوى لجهة معيّنة، وقالت دنيا فواز “في آخر إحصائية نفّذناها كانت هناك حالات عنف مروّعة ضدّ النساء وتمركزت أغلب تلك الحالات في المناطق الحدوديّة وصلت إلى حالات قتل تحت إطار ما يسمّى بـ جريمة شرف، بالطبع دون أي شكوى للجهات المختصّة خشية الفضيحة”، وتابعت “كمركز مدني، استهدفت الإحصائية المنفّذة ما يقارب الـ 180 امرأة في 20 مجتمع محلي على مستوى سورية، وكانت النتائج خطيرة وتوحي بأنّ العنف سيستمرّ في حال عدم التدخل الجدّي، أضف إلى ذلك حالة الحرب التي تعيشها سوريا والتي تمنع من تحديد الفئات المستهدفة وتعرقل سير العمل الميداني المتوجّب”.

وعن أحوال المرأة في قرى المناطق الكردية قالت “الحالات العنفيَّة هناك يمكن القول عنها أنّها مجازر ترتكب بحقّ المرأة لارتفاع عدد المعنّفات ولا رادّ لذلك سوى بالتوعية الاجتماعية وضرورة الحفاظ على حقّ المرأة والدفاع عنها وإقناع المرأة بشكل عام والريفية بشكل خاصّ بجملة حقوق كشكل أساسي للتخلّص من محاولات العنف”.

حالات انتحار

وثّقت منظمة سارة لمناهضة العنف ضدّ المرأة والتي تعمل في مدينة القامشلي ما يقارب 16 حالة انتحار بين الإناث وكانت معظم تلك الحالات متركّزة في المناطق الريفيَّة والسبب الرئيس كان التعنيف، وعن هذا التحوّل نحو الانتحار في سابقة خطيرة، قال المرشد الاجتماعي سعيد حسّو لـ (جيرون) “لا شكّ وأن حالات العنف المستمرّة سوف تدفع إلى ضغط نفسي إضافة إلى ضغوطات بسبب الأزمات المتعدّدة في سورية وفقدان الإناث لفرص الدراسة ولكل فرص العمل الممكنة، الأمر الذي يدفع ببعض الإناث إلى الانتحار”، ويمضي الباحث في قوله “أُحمّل المنظمات المدنية تفاقم الوضع، لأنّها المسؤولة عن التوعية وإيجاد الحلول من خلال المناقشة مع السلطات المعنيَّة للحدّ من ظاهرة التعنيف والكفّ عن ممارسة النشاطات التقليدية مثل إلقاء المحاضرات والخوض في العمل الميداني الحقيقي والتغلّب على الصعوبات في سبيل إيجاد أرضيّة لحلّ ممكن التطبيق في كل المناطق السورية، لا سيما في المناطق ذات الطابع الريفيّ”.




المصدر